كان مساء جميلا ذلك الذي جمع نائب رئيس الوزراء المهندس زياد الظاظا بعدد من الصحفيين والكتاب والمحللين ورجال القانون ومدراء مراكز لحقوق الإنسان جرى فيه الحديث بمنتهى الوضوح والشفافية أعقبه تعقيبات ومناقشات وتساؤلات استمرت نحو ثلاثة ساعات شعرت بعدها أن حالة من الرضا كانت واضحة على تعقيبات الحضور في نهاية اللقاء والإطراء على الفكرة خلال حديث المداخلين والمستفسرين.
الفكرة جاءت عندما جلست قبل العدوان مع نائب رئيس الوزراء وسألته عن الحكومة والمشاريع وغيرها وقلت له لماذا لا تتحدثون مع نخب الشعب وتتحدثون بما تحدثتم به لي خاصة أن كثيرين منهم لا يعلمون مثل هذا الحديث وهناك كثير من التساؤلات مطروحة من أصحاب الفكر والرأي وغيرهم، خاصة أن هناك غيابا واضحا للمعلومة أو جهل لمصادرها الأمر الذي يوقع في خطأ وسوء تقدير ويصبح التحليل يعتمد على التخمين أو التوقع دون الاستناد إلى المعلومة الحقيقية وهذا يخلق تربة خصبة للإشاعات.
لم يتردد المهندس الظاظا ووافق على الفور على الفكرة وقال أنا جاهز في أي وقت، أخذت ما قاله الظاظا على وجه السرعة لأن اللقاء والترتيب له يحتاج إلى مؤسسة فلم يكن هناك أولى من المكتب الإعلامي الحكومي وتواصلت مع مديره المهندس إيهاب الغصين الذي عمل على تنفيذ الفكرة والتي رأت النور يوم الاثنين الماضي في قاعة الكمودور.
الفكرة تهدف بالأساس إلى وضع الناس أمام حقائق لا يعلمونها وإن حاولوا الوصول إليها لم يصلوا إلا بشق الأنفس وقد لا يصل كثيرون إليها، ليس هناك أسرار يخشى من معرفتها، بل المطلوب توفير المعلومات الكاملة عن نشاط الحكومة ومشاريعها، وكيف لها أن تدير الوضع العام في القطاع، وكيفية حصول الحكومة على أموالها، وما هي نفقاتها ومدخولاتها ومصادرها وكثير من الأمور التي بحاجة إلى إجابات فكان اللقاء ايجابيا واضحا شفافا.
تحدث الظاظا في قضايا متعددة وأجاب على أكثر من ستين سؤالا وملاحظة طرحها الحضور وقدم عرضا رقميا وكلاميا وسياسيا ومجتمعيا بكل وضوح، تحدث عن المصالحة والمقاومة والعلاقة مع فتح والقوى والاحتلال واتفاق التهدئة غير الموقع ، وأشار إلى التجاوزات والمخالفات والعدوان والمستقبل واللقاء مع الوفود ودورها وغيرها من الأمور التي تعد أساسا في معرفة عمل الحكومة وعلاقاتها الداخلية والخارجية، تحدث حول الاقتصاد والنمو الاقتصادي والمشاريع الاقتصادية وتحدث في الزراعة وسياسات الحكومة وأهدافها، وأفاض في التعليم وسياساته ومستقبله وعدد الملتحقين به ومناهجه وتطويرها.
هذا اللقاء فتح الباب أمام عقد لقاءات أخرى مع رئيس الوزراء ونخب من جميع شرائح المجتمع، وكذلك اللقاءات مع الوزراء وجاهزية الحكومة للتواصل مع الكل من أبناء الشعب الفلسطيني من أجل تحمل المسئوليات المشتركة.
هذا اللقاء كان مطلوبا منذ زمن بعيد وفق ما تحدث به الحضور على أن يكون البداية وان يتبعه لقاءات مختلفة.
دعا الظاظا الجميع للمشاركة وتقديم النصح والإرشاد والمشاريع وإسداء الرأي للحكومة مبديا استعداده للقاء بمن يريد ويحمل مشروعا أو مشورة داعيا إلى ضرورة المساهمة في تسويق مشاريع إعادة البناء، حديثا طويلا شاملا واضحا صريحا تحدث الظاظا فيه بشفافية وصراحة فاجأت الحضور ما فتح شهيتهم لمزيد من المعلومات.
هذه اللقاءات باتت ضرورة وهذا الانفتاح مع نخب المجتمع يجب أن يستمر، ويجب أن نقول ما لدينا وما نقدمه وما نعمله فالحكومة لا تعمل في الخفاء وطالما أنها كذلك يجب أن تطلع المجتمع عن كل ما لديها، وأن تسمع في نفس الوقت من الناس وملاحظاتهم، وحقهم أن يفهموا ما الذي يجري وكيف والى أين؟ ، وان يعبروا عن آرائهم بما يسمعون ويرون على الأرض والتشاور مع المجتمع وإشراكهم في رسم الخطط ووضع الأهداف لان شراكة المجتمع باتت ضرورية وتحمل المسئولية أمر ايجابي.
أتمنى أن تستمر هذه اللقاءات وتتوسع مع قادم الأيام بنفس الشفافية والوضوح، فكم نحن بحاجة إلى الوضوح والشفافية والوصول إلى المعلومة من مصادرها بسهولة ويسر لبناء الثقة بين الحكومة والجمهور على مختلف أنواعه وأشكاله.