مضى عام مثقل بالضربات الخاطفة والاغتيالات المكثفة التي انتهت بدماء الشهيد رئيس أركان حماس أحمد الجعبري التي روت أرض فلسطين في حرب الأيام الثمانية.
وعاشت غزة في عام 2012 على صفيح ساخن فتوالت الضربات عليها بذريعة الرد على إطلاق فصائل فلسطينية صواريخ محلية الصنع على المستوطنات والمدن الجنوبية في الأراضي المحتلة.
واليوم، بعيدا عن سفك الدم الفلسطيني المتواصل يأمل الفلسطينيون في أن يحمل لهم العام القادم في جعبته شيئا من الهدوء والأمان, ولكن توقعات المتخصصين في الشأن السياسي و(الإسرائيلي) تشير إلى أن 2013 سيشهد مواجهة بين المقاومة والاحتلال، وما يحدد طبيعتها هي الظروف الميدانية وطبيعة تفرغ (إسرائيل) لملف غزة العام المقبل.
أكثر قسوة
وفي هذا السياق، المحلل السياسي مصطفى الصواف يعتقد أن العام القادم سيحمل هجوما عسكريا (إسرائيليا) باتجاه القطاع أكثر قسوة مما شهده العام الحالي, منوها إلى أن المقاومة الفلسطينية سيكون لها دور كبير في التصدي وإجبار العدو على التراجع، "ونقل خط الهدنة الحالي إلى مكانه الأصلي".
وكان اغتيال الجعبري أهم محطات التهدئة والمواجهة خلال عام 2012, ففي الشهرين الأخيرين منه أشعلت (إسرائيل) الحرب إثر استهدافها أبرز قادة القسام في القطاع، وكانت حربا استمرت ثمانية أيام سقط فيها 191 شهيدا و1340 إصابة.
أما فيما يخص توقيت المواجهة القادمة فأكد الصواف أن (إسرائيل) لن تصمد طويلا, لافتا إلى أن العدو سيجد نفسه متورطا ومضطرا للانسحاب.
ويرى مراقبون أن (إسرائيل) لم تحقق كل شروط التهدئة التي اتفق عليها في القاهرة نهاية العام ما بين (إسرائيل) والفصائل الفلسطينية دفعة واحدة, مبينين أن جزءا من الشروط تحققت فيما يخص البحر والمسافة المسموح للصيادين بالوصول إليها, ومشيرين إلى جزء لم يتحقق وهو الذي نص على فتح المعابر ووقف إطلاق النار على المواطنين في الشريط الحدودي مع (إسرائيل).
والجدير ذكره أن الاحتلال لا يزال يطلق النيران التي تصيب مواطنين فلسطينيين في أراضيهم الواقعة بالقرب من الشريط الحدودي وذلك في صورة واضحة لخرق التهدئة.
وردا على سؤال يقول: "هل ستكون التهدئة مع العدو في مهب الريح في ظل الخروق (الإسرائيلية) المتكررة"، أجاب المحلل السياسي: "تلك الخروق متوقعة واعتادها الشعب الفلسطيني وهي ليست ذات أهمية كبيرة (...) العدوان الواسع على القطاع هو الذي سيجعل التهدئة في مهب الريح".
وتوالت الخروق منذ اللحظة الأولى لاتفاق التهدئة الذي تم في أعقاب حرب الأيام الثمانية برعاية مصرية، فقتلت قوات الاحتلال وجرحت عشرات من الفلسطينيين، واعتقلت عددا من الصيادين تحت حجج وذرائع واهية في وقت تواصل فيه حكومة الاحتلال وقادة جيشها التهديد والوعيد بعدوان أشد ضراوة.
ويرى الصواف أن العام القادم لن يختلف كثيرا فيما يخص المواجهة مع العدو، منبها إلى أن عام 2013 سيشهد مزيدا من إنجازات المقاومة الفلسطينية، "لأن العدو في حالة انحسار في حين أن المقاومة في تمدد مستمر".
هدوء مشوب بالتوتر
ومن الطبيعي أن غزة بعد العدوان لن تكون مثل ما كانت عليه سابقا بعدما استطاعت المقاومة الفلسطينية فرض قوة ردع معينة ستجد حضورها في معادلة الصراع العربي (الإسرائيلي)، كما إنه لن تكون خطط الاحتلال العدوانية للمرحلة المقبلة مشابهة لما سبقها.
من جهته، الخبير في الشأن (الإسرائيلي) عدنان أبو عامر أشار إلى أنه ليس هناك تقدير دقيق لمستقبل المواجهة مع الاحتلال في العام القادم, مبينا أن عام 2013 سيشهد انخفاضا وارتفاعا في حدة المواجهات.
وقال في حديثه لـ"الرسالة": "ما يحدد طبيعة المواجهة المقبلة طبيعة الظروف الميدانية ومدى تفرغ (إسرائيل) لملف غزة مقارنة مع انشغالها بالملفين الإيراني والسوري", وأضاف: "قوة المقاومة الفلسطينية باعتقادي ستكون سيدة الموقف في أي مواجهة قادمة ضد العدو".
واستبعد الخبير في الشأن (الإسرائيلي) حدوث مواجهة عسكرية طويلة مع الاحتلال, لافتا إلى أن أي عدوان واسع سيكلف الجيش (الإسرائيلي) كثيرا, "ما سيجعله ذاهبا باتجاه ترسيخ التهدئة وإبقائها فترة أطول".
ويرى أبو عامر أنه على ضوء الأعوام السابقة التي سبقت حرب الفرقان لم يكن أي عام منها هادئا كليا, مشيرا إلى أن السنة المقبلة قد تكون كسابقتها ويتخللها هدوء مشوب بالتوتر.
واختتم بالقول: "سيبقى مستقبل المواجهة مع الاحتلال في 2013 يتراوح ما بين الهدوء النسبي والتوتر إلى إحداث صيغة نهاية بمواجهة ضد المقاومة تحددها العوامل التي ذكرت".