غزة-لمراسلتنا
ما أن يهل شهر رمضان بخيره وكرمه حتى تعود إلى مخيلة كبار السن -الذي عاشوا بعضاً من سنوات عمرهم قبل هجرة ال48 أو في مخيمات اللجوء- ذكريات الأيام الخوالي التي يحملون منها عبق رمضان أيام زمان .
" فحالوا ياحالو" وفانوس من علبة معدنية وجولة الأطفال مع المسحراتى و جمعة العائلة وأبناء القرية الواحدة و جلسة السمر بعد صلاة التراويح ذكريات لم يمحها الزمن رغم مرور السنوات و قسوتها ، " الرسالة " عادت بذاكرتهم إلى الوراء وعاشت مع عشاق البلاد بعضا من ذكرياتهم في رمضان .
أيام زمان
الحاجة أم عصام ياسين" 65عاما" تقول لـ " الرسالة ": "آه على أيام زمان وحلاوتها وجمعتها واكلاتها وفرحتها, أيام و راحت وما بتنعاد كل ما مشى العمر طعم الأيام بتغير وبتصير أصعب وكل واحد بقول يلله نفسي ، زمان كانت الناس قلوبها على بعض لقمتهم وحدة وحسرتهم وحدة" .
وتضيف أم عصام :" كان الخير أيام البلاد كثير, وقت الإفطار كنا ننقسم إلى قسمين سفرة للرجال و سفرة أخرى للنساء وكانت كل امرأة تجلب ما تيسر من بيتها لتشارك جيرانها وأقاربها به ، وفى كثير من الأحيان كانت تتفق نساء الحارة أو القرية بأكملها على إعداد صنف مشترك فنجتمع على طبخه وإعداده وكما نجتمع على أكله وخاصة فى اليوم الاول برمضان حيث كنا نعتبر الجمعة واللمة جزءا من الاحتفال بحلول الشهر" .
وتشير الى ان أهم العادات التي كانوا يحرصون على تطبيقها برمضان جمع الزكاة في بداية رمضان حتى يستطيع المحتاجين شراء ما يلزمهم من حاجيات للسحور والإفطار , أما العادة التي كان يحرص عليها الأبناء فهي الالتفاف حول آبائهم في الإفطار والسحور ، وتضيف انه لم يعد هنالك تكافل اجتماعي ولا أسري , فالكل مشغول في عمله وأولاده وحتى الإخوة نادرا ما يتناولون طعام الإفطار سوية رغم أن البيوت تجمعهم, مضيفةً: " رمضان اليوم بيجى خطف وبروح خطف ما بنحس فيه" .
بينما يقول الحاج أبو توفيق عفانة " 72عاما " : "يبى ما أحلى أيام زمان سبعين سنة مرت وأنا متذكرها أيام حلوة من الأيام المعدودة بالعمر " ، رمضان أيام زمان كان أجمل بكثير من رمضان هذه الأيام لقد كنا نشعر به وبطقوسه بطريقة مختلفة ننتظره طيلة العام بفارغ الصبر لقد كان يعنى الخير والفرحة.
ويشير الى انتظاره كان ضروريا لأن فيه يجتمع الأحباب والأقارب على الإفطار فلم يكن أحد يفطر في البيت لوحده, بل كانت العائلة كلها تجتمع فى مكان واحد و كانت النساء تتسابق على تحضير الطبق الذي ستشارك فيه حتى تمتلئ مائدة الإفطار".
الأيام ما بتنعاد
و يضيف ابو توفيق : " كنت ابن 10سنين و كنت استنى وقت السحور استني علشان اطلع مع أبو منصور المسحراتي ونلف على سكان السوافير نصحيهم نفر نفر كنت حافظ البلد بيت بيت وأهالي السوافير يعطونا التمر والقطين والبسيمة " .
ويستطرد الحاج عفانة : " تلك الأيام لا تعاد فالعمر يمضى وكلما تقدم العمر تصبح الأيام أصعب وأقسى وتفقد طعمها وحلاوتها " وما بحليها إلا ذكرى حلوة في قلوبنا من قرانا وبلداتنا قبل الهجرة ".
في حين حدثتنا الحاجة أم قاسم عليان (70 عاماً) ، عن الأكلات الفلسطينية التي كانت دارجة أيام البلاد وبالأخص خلال شهر رمضان فتقول : " كانت أصناف الطعام متعددة لكنها شخصياً كانت تحب في رمضان "الجريشة" وهي عبارة عن قمح مجروش يطهى باللحم الأحمر ومرقه وغالباً ما كانت العائلات الكبيرة تصنعه لتعقد عليه الولائم التي يتجمع عليها الأقارب والفقراء، كما أن المفتول من المأكولات المفضلة لدى الفلسطينيين بشكل عام حيث تذبح له الأبقار أو الأغنام أو الدواجن.
وتضيف ام قاسم: بعض القرى كانت تتميز ببعض الأكلات عن غيرها فسكان يافا كانوا يتميزون بأكلة المقلوبة بينما يتميز اهالى حمامة بأكلة الصيادية ، فى حين تتميز كافة القرى والفلاحين بأكلة الفت والمفتول .
وتتابع : الحياة آنذاك كانت مختلفة فالخضار لم تكن متوفرة طيلة العام لذا كانت النساء تتجه إلى تخزين الكثير من الخضراوات والفواكه التي يندر وجودها في شهر رمضان فكانوا يجففون الملوخية و البامية في علبة بلاستيكية، وينشفون البندرة والفواكه ، ويملحن السمك لصناعة "الفسيخ " حتى يتناولوه فى عيد الفطر المبارك .
وتضيف لم تكن النساء قديما تمل أو تكل من العمل فقد كن يصنعن الخبز الطابون مرتين فى اليوم مرة للإفطار ومرة للسحور ، مضيفة كانت الأيام الأخيرة من رمضان موسم العمل للنساء حيث يجتمعن فى حلقات عمل يصنعن فيها الكعك والمعمول .