غزة / مها شهوان
أفرجت الحكومة الفلسطينية في غزة الأسبوع الماضي عن مائة سجين نصفهم من الأمنيين التابعين لحركة فتح، كبادرة حسن نية اتجاه رام الله ، حتى أعلنت مؤخرا حكومة فياض بأنها ستفرج عن 200معتقل سياسي تابع لحركة حماس.
المعالجات الموسمية
فبالرغم من ذلك اعتقلت الأجهزة الأمنية في الضفة مؤخرا ثلاثة أسرى كان قد تم الإفراج عنهم من قبل سلطات الاحتلال وذلك في أول يوم من رمضان.
وحول ما إذا كانت تلك البوادر ستساهم في الوصول إلى اتفاق في الحوار الوطني ذكر المحلل السياسي مؤمن بسيسو أنها تشكل نقطة بداية على طريق حل مشكلة الاعتقال السياسي في الضفة الغربية والقطاع، مشيرا إلى أنها خطوة مجزءة ومحدودة يجب أن يبنى عليها من اجل طي وإغلاق ملف الاعتقال السياسي إلى الأبد.
وأشار إلى أن الاعتقالات السياسية من اخطر المواضيع التي يمكن من خلال حلها وعلاجها أن تبني علاقات قائمة على حسن النوايا ، موضحا أن ذلك يقودنا إلى تنقية المناخات لبناء الثقة بين الطرفين للوصول بالحوار الوطني لبر الأمان.
وقال بسيسو:" إن بقيت هذه المبادرات قاصرة على المعالجات الموسمية فإنها لا تحقق أهدافها المتواخاة منها بأي حال من الأحوال".
وطالب بأن تتحول تلك المبادرات إلى دائمة ومستمرة ، بالإضافة لتشكيل لجان قوية من الطرفين وذوى الاختصاص من اجل بحث هذا الموضوع وطيه بشكل نهائي لإيجاد حلول للإشكاليات التي يختزنها هذا الملف لأنه يزرع عواقب شتى في طريق المصالحة بين الطرفين.
من جانبه تحدث المحلل السياسي طلال عوكل حول ذلك الشأن بأنه في كل مرة يعلن الطرفان انه لا يوجد لديهم معتقلين سياسيين ، وأنهم يعلنون الآن الإفراج عن أسرى سياسيين ، مبينا أن الطرفين أصبحوا في حالة تناقض أمام المواطنين.
وأضاف أن الإفراج عن المعتقلين السياسيين مجرد حلول جزئية لا تقرب من الاتفاق والحوار ، مطالبا الطرفين أن يتفقوا ويفرجوا عن كافه الأسرى السياسيين بالإضافة إلى وقف الاعتقال السياسي ليؤكدوا أن لديهم الرغبة للاتفاق.
واعتبر عوكل الإفراج عن المعتقلين السياسيين من مكارم شهر رمضان ، طالما أن الملف لم يغلق، حيث يتم الإفراج عن عدد من المعتقلين وبعدها يعتقلون غيرهم ، مشيرا إلى أن ذلك ليس مؤشرا لحسن النوايا وأنهم بصدد اتخاذ إجراءات حقيقية لتوصل إلى اتفاق.
ولفت إلى انه من المفروض لإنجاح الحوار الوطني إيقاف التحريض المتبادل والاتهامات لتهيئة المواطنين لاستقبال اتفاق بين الطرفين ، بالإضافة لوقف عملية الاعتقال السياسي و تنظيف المعتقلات من كل المعتقلين السياسيين.
سياسة جلية
وعن دور حقوق الإنسان الذي بات غائبا لحل تلك الصراعات بين الطرفين يعزو بسيسو سبب ضعفها إلى أنها لا تمتلك آليات الضغط الكفيلة على الطرفين من اجل إغلاق الملف، مبينا أن جل ما تبذله هذه المؤسسات هو جهد إعلامي ليس أكثر لأنها لا تمتلك آليات تنظيمية لإرغام الحكومتين لإنهاء المشكلة.
وأوضح بسيسو أن هناك تركيزا مجهريا على الوضع في قطاع غزة ، وتراخي في الواقع على ارض الضفة الغربية ، معتبرا أن ذلك يخل بأبسط مبادئ العمل المهني لهذه المؤسسات التي يجب أن تتخذ الحيادية على مستوى شطري الوطن الفلسطيني.
في الوقت ذاته أضاف عوكل أن منظمات حقوق الإنسان ليست غائبة لكنها حاولت كثيرا ولم تنجح حتى أصبح الملف اكبر بكثير من قدرة منظمات حقوق الإنسان ،مضيفا أن ملف الأسرى السياسيين أصبح من قضايا الحوار والاتفاق التي لا يمكن تنظيف هذا الملف إلا في حال الاتفاق الكامل و انه جزء من نتائج الاتفاق.
وتابع عوكل :"حاولت منظمات حقوق الإنسان لكنها وصلت لطريق مجزوء وأصبح دورها غير مطلوب من قبل الطرفين ، وان الأطراف تتقبلها في حالة أن تعمل لصالحها وإذا انتقدت إحداهما يكون دورها غير مطلوب".
وعن المعتقلين الذي يتم اعتقالهم فور خروجهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي ليعاود اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية في غزة قال بسيسو:"هذا يشكل حربا و قتلا لمفهوم المقاومة ، لكن لا نستغرب أن ذلك يندرج في إطار السياسة الأمنية المتبعة على ارض الضفة الغربية الذي يتعهدها دايتون ويضع لها الخطط لتنفيذها في هذا إطار.
واعتبر بسيسو أنها سياسة جلية في معاداتها ومناقضتها لمفهوم المقاومة ، موضحا أن أي اعتقال يصبح مشروعا في نظر السلطة الفلسطينية في رام الله التي تنصاع في أجندة أمنية ذات إشراف خارجي.
في حين نوه عوكل أن الاعتقال يضرب كافة القيم الفلسطينية والروح النضالية ويضعف رسالتها في مواجهة ممارسات الاحتلال الإسرائيلية.