أكتب مقالا أخشى أن يظن المتصيِّدون بكاتبه عدواً للمصالحة أو من أنصار الدكتاتورية ولكني لا أهيم بالشعارات حباً ولا أكتب شعراً بالفراغ غراماً.
يجمع الفلسطينيون وكاتب المقال أن المصالحة مطلب وطني تفرضه شريعة الاعتصام بحبل الله، والمتتبع يجزم أن المصالحة تقترب يوما بعد يوم بحمد الله.
والغريب أن يحصر الرئيس عباس المصالحة في الانتخابات، أو قل يسوق المصالحة من أجل الانتخابات وكأن تاريخ الانقسام الفلسطيني لم يبدأ من الانتخابات، والمتتبع للاحتدام الفلسطيني يجزم أن الانتخابات هي الوصفة السحرية لدكتاتورية الديمقراطية التي يريدها الرئيس، وربما هي الوصفة السحرية لمسلسل الخمسة بلدي في فكر الفوضى الخلاقة، فالتاريخ لم يُمحَ من ذاكرته مسلسل رفض نتائج انتخابات كانت نموذج الشفافية، ويخشى أن تعيد قادم أيامه سابقتها لنبدأ من جديد: انقسام فانتخابات فمصالحة فانقسام فانتخابات. وهل الناخب حرٌ بالمفهوم النفسي والإدراكي كي يختار بين المقاومة والصمود؟ أم سيتمثل الصندوق أمامه كشاشةِ عرضٍ يعرض فيها حلقات عقاب الشعب على اختياره والحصار والاجتياحات والحرب، ويستعرض أمامه رفض فتح فوز حماس، ويرجع بذاكرته لشريط الكهرباء والوقود واضرابات التعليم والصحة ورفض أميركا والغرب والفلول لأي حكومة حمساوية، وربما يستعرض في الَّلاوعي الاجابات النموذجية ليختار بين الصومال وسنغافورة. ولتكن حماس صريحة مع نفسها، هل ستكون حرة في اختيار مرشحيها في الضفة أم ستضطر لاختيار مرشحيها من المستويات الثالثة والرابعة ومن الشخصيات الوسطية البرغماتية، او ربما ممن يقف على الباب الخارجي لحماس؟ حينها ستكون (إسرائيل) كمن يحدد المرشحين ويتحكم بأعضاء البرلمان ومجالس البلديات خارج وداخل السجن، او كما يقولون من يفوز في الانتخابات كمن دخل المحكمة (الإسرائيلية) منتظرا للحكم. والغريب ان توكل هذه الانتخابات لحكومة مستقلين في بلد محتدم في حالة تحررية معقدة، ومتحزب من رياض الاطفال حتى "عواجيز" المخيمات، كأنه هروب من الذات الفلسطينية وواقعها، أو هي ماركة جديدة لخروج حماس من الحكم والدخول تحت حكومة تعجز عن إتمام الانتخابات ليدخل الشعب أعمى في نفق مظلم، والأغرب أن يصر عباس على الانتخابات النسبية والتي تقصي المستقلين عن المشهد السياسي في وقت يريدهم لحكومة تجري انتخابات.
وهنا لا بد من احترام واقع القضية الفلسطينية التحررية وحالة الاحتلال والحرب والحصار والمرتبات وخصوصية غزة والضفة والخارج والداخل كي لا نكرر تجربة خضناها وعرفنا خارطة طريقها وليس صعباً ان يتم التوافق على صياغة ميثاق وطني جامع للثوابت الفلسطينية وتشارك فيها كل القوى الفلسطينية ويتم الاتفاق على آلية لقيادة الشعب الفلسطيني لا تكون فيها (إسرائيل) إلا العدو المشترك، وتكون المقاومة وتعداد العمليات العسكرية والشهداء والمعتقلين وفكر الصمود ورفض التنازل هي مادة التنظير الانتخابي في كل المؤسسات الفلسطينية، على شعار قاوموا تفوزوا، وقاعدة الشراكة والوطن للجميع.