أوقدت أم خالد في ليلة شتوية قارسة شمعة صغيرة تنير بها على أطفالها الأربعة الذين سرعان ما انهمكوا في النوم بعد يوم شاق من الدراسة وتقديم الامتحانات.
ولم تكن أم خالد تعلم أن تلك الشمعة ستفتك بصغارها وتشوه أجسادهم بعد أن أغلقت عليهم الغرفة وتركتهم لتنشغل بأعمال بيتها.
ويروي العشريني منار وهو جار بيت أم خالد المنكوب تفاصيل الحادث المؤسف الذي نُقل على إثره الأطفال الأربعة إلى غرفة العناية المركزة لصعوبة وضعهم الصحي، قائلا: "عندما انتشلنا الجثث كانت أجسام الأطفال سائحة وغاية في الليونة".
وتعجب منار من أن المواطنين لم يتعظوا من حوادث سابقة، "فكثيرا سمعنا عن قصص موت أطفال نتيجة شمعة أو ماتور كهرباء"، داعيا الجهات المتخصصة في جهاز الدفاع المدني إلى تنفيذ حملات توعوية وتثقيفية للغزيين، "خصوصا في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء وكثرة استخدام الشمع".
وأشار إلى أن جارته أم خالد لا تستطيع النطق بكلمة واحدة من عظم الصدمة التي ألمت بها خصوصا أنها ترى نفسها السبب فيما جرى لأنها لم تنتبه إلى المكان الذي وضعت فيه الشمعة وفق قولها.
لطف الله
وفي حادث آخر، المواطن علي "أبو محمد" أصرّ على ذبح خروفين حمدا لله على لطفه بأن نجّا صغاره من حريق كاد يكون هائلا لولا ستر الله، مبيّنا أن طفليه كانا قريبين جدا من مكان سقوط الشمعة لحظة سقوطها من أعلى التلفاز.
ويقول: "الحمد لله.. فتحت باب غرفة أطفالي في الوقت المناسب، فلو تأخرت دقيقتين لحُرقا ولكنها كانت رحمة الله (...) لن أكرر هذا الخطأ مطلقا".
وعزا أبو محمد أسباب حوادث الحرائق إلى تكرار انقطاع التيار الكهربائي وإغلاق المواطنين الأبواب والنوافذ ونومهم دون إطفاء الشموع أو ما يشابهها.
نداء ..
مدير الإنقاذ في الدفاع المدني الرائد جمال سحويل وجّه بدوره نداءً عاجلا للمواطنين في قطاع غزة بألا يستعملوا الشمع إطلاقا، "خصوصا في فصل الشتاء"، موضحا أن بقاء الشموع مشتعلة وقت النوم يؤدي إلى اشتعال الحرائق في البيت بأكمله.
وتساءل سحويل في تصريح لـ"الرسالة": "متى سيتعلم المواطنون من أخطائهم؟"، مضيفا: "لو نظرت إلى معظم الحرائق التي تحصل في القطاع تجد أن سببها شمعة، لذلك على المواطنين الانتباه جيدا لمثل هذه الأمور لأنها مصيرية في حياتهم".
وتابع: "على المواطنين أن يوقدوا الحطب خارج البيت، فكثيرا يحدث اختناق نتيجة دخان النار أو يحصل حريق بفعل تطاير الشرارات التي سرعان ما تتحول على الفراش إلى حريق هائل".
وحذّر سحويل من تعبئة ماتور توليد الكهرباء بالوقود وهو مُشغّل، مؤكدا وجوب إطفائه وقت تعبئته.
ودعا المواطنين إلى الحد من استخدام التدفئة الكهربائية وقت النوم، "لأنها تكون سببا في الحرائق"، موضحا أن جهازه نفذ عدة حملات توعوية فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحرائق.
وبعد أن حوّلت شمعة صغيرة حياة أم خالد وأطفالها إلى مأساة ومعاناة ستستمر سنين على المواطنين أن يكونوا أكثر حزما وانتباها إلى مثل هذه الأمور المصيرية.