قائد الطوفان قائد الطوفان

في ضوء التهديد

كيف ستواجه المقاومة (الرصاص المصبوب 2) ؟

فصائل تؤكد استعدادها دون الكشف عن إمكانياتها

خبير عسكري: المقاومة فعل ميداني وليست استعراضا

غزة- فادي الحسني

تظل التهديدات "الإسرائيلية" المتكررة بتنفيذ عملية (الرصاص المصبوب 2) على غزة، باعثا على الشك حول كيفية تنفيذها وتوقيتها، لكن جاهزية المقاومة الفلسطينية لصدها يظل يشغل بال الكثير أيضا.

وإن كان البعض ينظر للتهديدات على أنها تأتي في إطار الحرب النفسية، إلا أن هذا لا يغني عن طرح العديد من التساؤلات حول مدى قدرة المقاومة على مجابهة أي عدوان قادم، وإلى أي حد استفادت من دروس (الرصاص المصبوب1)؟، وكيف لها المواجهة دون تشكيل غرفة عمليات مشتركة؟ ولماذا تقلل من ظهورها الإعلامي؟.

تتحفظ

وتحفظت الأجنحة العسكرية التابعة للمقاومة الفلسطينية، على الحديث عن قدراتها العسكرية، لكن بعضها أكد أنهم جاهزون لصد أي عدوان على القطاع.

ورفضت هذه الأجنحة الإفصاح لـ"الرسالة" عن طبيعة قدرتها العسكرية، وفسر بعضهم سبب ذلك، بالخشية من استغلال الاحتلال لهذا الأمر واتخاذه ذريعة لشن حرب جديدة على غزة، بحجة أن المقاومة الفلسطينية تشكل خطرا على أمنه.

وسبق للمتحدث باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس-أبو عبيدة أن أكد لـ"الرسالة" أنهم مستعدون في كل وقت لمواجهة أي تصعيد صهيوني مهما كان شكله، معتبرا أن المقاومة واجب مقدس للدفاع عن الشعب والأرض.

لكن لم يتسنى لنا هذه المرة الحصول على تعقيبات سواء من قبل القسام أو حتى من قبل سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، لاسيما فيما يتعلق بمدى جاهزيتهما للمواجهة، حيث أن الجناحين العسكريين ممتنعان عن وسائل الإعلام، حسب ما أكدت مصادر موثوقة.

وعلى النقيض فإن لجان المقاومة الشعبية وكتائب المقاومة الوطنية، أكدتا في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة" أن المقاومة باتت على جاهزية تامة لردع أي تصعيد على غزة.

وقال أبو مجاهد الناطق الرسمي باسم لجان المقاومة :"المقاومة اليوم جاهزة ومستعدة لأي حرب قادمة، لتدافع عن شعبها"، مؤكدا أنهم درسوا خططهم وتجاوزوا الإخفاقات التي مروا بها خلال حرب خريف العام الماضي.

ويذهب أبو سليم المتحدث باسم كتائب المقاومة الوطنية، إلى ما ذهب إليه سابقه، إذ يقول: "أجرينا مناورات عديدة تمهيدا لصد أي اعتداء، ولدينا استعداد كامل لمجابهة العدوان أي كان شكله ..العدو معني بأن يوقع أكبر خسائر فينا، وعلينا المواجهة".

استفادة من دروس

وبطبيعة الحال فإن لجان المقاومة وكتائب المقاومة، لهما أيضا تحفظات على طبيعة ونوعية الإمكانيات المتوفرة لديهم اليوم، لكنهما أكدتا أنهما استفادتا من دروس الحرب الماضية.

وفي وقت سابق صرحت كتائب القسام لـ"الرسالة" بأنها تمتلك عتادا لمواجهة الاحتلال، وقال في حينه أبو عبيدة :" لا نفصح عن سلاحنا إلا في لحظة توجيهه نحو صدور الأعداء".

أما أبو حمزة المتحدث باسم سرايا القدس، قال  في إجابة غامضة على السؤال: كيف تطورون من قدراتكم العسكرية؟ : "المقاومة الفلسطينية يأتي لها مدد الهي يقاتل معها هذا العدو الجبان ومن كل مكان يأتي لها السلاح لمواجهة الاحتلال".

وبين أبو حمزة أن "منظومة الصواريخ في سرايا القدس في ازدياد وتطور مستمر، قائلا: "نترك المجال للميدان والمعركة أن يفصح عن ذلك".

وأضاف: "بفضل الله تعالى استطاعت وحدة التقنية والتصنيع التابعة لسرايا القدس من تطوير قدرات الصواريخ القدسية وزياد مخزونها، فإذا ما أقبل العدو علي أية حماقة فإن حياة سكان المغتصبات الصهيونية كافة ستكون جحيما بإذن الله".

ولعل من أبرز الدروس المستفادة من الحرب الماضية على غزة-حسب مراقبون- ضرورة التكتم الإعلامي حول قدرة المقاومة وإمكاناتها العسكرية.

إلا أن أبو مجاهد يقول :"استخلصنا العبر والعظات من الحرب الماضية خصوصا فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الميدان"، مبينا أن من أبرز الدروس المستفادة هي ضرورة تشكيل غرفة عمليات مشتركة للأجنحة العسكرية حتى تمكنها من العمل بشكل موحد.

بينما قال أبو سليم :" لا يمكننا القول أننا على جاهزية تامة ونحن ليس لدينا غرفة عمليات مشتركة(..) نادينا مرارا بضرورة تشكيل غرفة عمليات ولكن لم نلق صدى"، مشددا على أن التهديدات "الإسرائيلية" تحتاج وقفة جادة من الجميع والإيمان بأهمية وحدة العمل العسكري تجاه أي عدوان قادم.

غرفة عمليات

لجان المقاومة هي الأخرى شددت على ضرورة وجود غرفة العمليات المشتركة، وقال الناطق باسمها :"نحن كنا أول المنادين بتشكيل غرفة عمليات مشتركة لتكون لبنة أساسية للمقاومة ولوحدتها على أرض فلسطين، إذ أن أحد أهم مقومات الصمود تكمن في توحيد جهد المقاومة والخبرات العسكرية".

وأضاف أبو مجاهد : "لو تم تشكيل غرفة العمليات المشتركة فإن هذا الأمر سيمثل انجازا كبيرا، لأنها ستوزع المهام بين الأجنحة العسكرية وستدعم الخبرات".

وتحفظ أبو مجاهد على الحديث عن العقبة الرئيسية التي تعيق انجاز "الغرفة" ، قائلا :"نحن ننادي بتوحيد الجهود، لكني أتحفظ على الرد المتعلق بالعقبة الرئيسية أمام تشكيل غرفة العمليات المشتركة".

وربما يجد الخبير العسكري يوسف الشرقاوي، مبررا لعدم تشكيل غرفة العمليات المشتركة، قائلا: "اعتقد أن المقاومة لها خصوصياتها وخططها الحصرية، وربما هذا الأمر كان سببا بشكل أو بأخر في عدم تشكيل غرفة عمليات".

مع تأكيده في الوقت نفسه على ضرورة إيجاد تنسيق ميداني بين الأجنحة العسكرية للمقاومة، وقال: "لكل تنظيم إستراتيجية خاصة به، لكن التنسيق مطلوب ولا مانع من خطة عامة".

وتعد الصواريخ محلية الصنع، التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية، هي الهاجس الأكبر الذي يؤرق أمن الاحتلال، والذي يتوقع أن تكون المقاومة قد ضاعفت من مداها، خلال فترة ما بعد الحرب الأخيرة على غزة مطلع العام الماضي، خصوصا بعد كشف المقاومة عن أسلحة جديدة مثل (تاندوم، و بي 29) المضادة للدروع.

ويبدو أن العدوان الذي شن على غزة العام الماضي، والذي أطلقت عليه "إسرائيل"عملية (الرصاص المصبوب) لم يلجمها عن ممارسة مزيد من العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، حيث اعترف رئيس وزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو"، مؤخرا بأن تل أبيب تحضر لشن عدوان جديد على قطاع غزة والرد بكل قوة على أي مقاومة يبديها الفلسطينيون في القطاع .

وجاء اعتراف نتنياهو في تقرير نشره التليفزيون الصهيوني وكشف أن عملية (الرصاص المصبوب2) التي يحضر لها الجيش الإسرائيلي قد تستغرق أسبوعاً فقط وأن سلاح المدفعية يجب أن يدخل الحرب إذا أرادت إسرائيل اجتياح غزة بالكامل.

يمنحها التطور

وحسب المحللين العسكريين "الإسرائيليين" فإن القيادة العسكرية باتت لديها قناعة بأن ضبط النفس سيعني التسليم بقوّة حركة حماس في غزة، زاعمين أن هذا الأمر سيمنحها المزيد من الوقت لتخزين صواريخ أكثر تطورا من تلك التي تملكها الآن، وتشكيل تهديد حقيقي "لتل أبيب"، حسب اعتقاد الاحتلال.

لهذا تفرض المقاومة الفلسطينية تعتيما إعلاميا كبيرا على تجهيزاتها، وذلك حتى لا تتذرع "إسرائيل" ثانية وتدك القطاع بزعم أن المقاومة تمتلك تسليحا وعتادا يمكنها من ضرب "تل أبيب".

ويقول أبو مجاهد :"الاحتلال يتخذ ذات الأسلوب الذي اتبعه قبل الحرب على غزة، ويحرض على المقاومة وربما أي رد على هذا الأسلوب سيدفع لعملية ضد القطاع (..) نحن نحاول ألا نعطي ذرائع لشن عدوان جديد".

وبين أبو مجاهد أن المقاومة أعدت نفسها جيدا ورسمت أكثر من سيناريو لأي عدوان من الممكن أن يطول القطاع خلال الفترة القادمة، "واستطاعت التدرب عليها" كما قال.

فيما قال أبو سليم: "نحن نأخذ تهديدات الاحتلال  على محمل الجد ونستعد بجاهزية كاملة، رغم أننا موقنين أن جزء كبير من تصريحات الاحتلال تأتي في إطار الحرب النفسية، لكننا ندعو في الوقت نفسه الفصائل لأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر".

فيما يصف الشرقاوي وهو عميد متقاعد، حالة الضبابية الإعلامية التي تفرضها المقاومة، بأنها "مقاومة في حد ذاتها".

وقال الشرقاوي لـ"الرسالة نت" "المقاومة بكل تأكيد جاهزة لصد أي عدوان، ومن المتوقع أنها استغلت فترة ما بعد الحرب حتى ترمم ما أصابها، وأن تجهز نفسها للمرحلة القادمة".

لكنه وجه في الوقت ذاته نقدا لاذعا لبعض الفصائل- تحفظت الرسالة على ذكر أسمائها- والتي وصفها بأنها ترى في المقاومة استعراضا للقوة، وقال:"المقاومة ليست استعرض، وإنما فعل (..) أي مقاومة لا تمارس الفعل اليومي تتآكل".

وأضاف: "عندما لا تتمكن المقاومة من تحقيق أهدافها بدقة، فالأفضل أن تتجنب الحديث عن إخفاقاتها، لأن هذا الأمر باعث على الإحباط".

ودعا الشرقاوي المقاومة للاستفادة من تجربة حزب الله اللبناني في حرب تموز 2006، والتي تحفظ خلالها على قوته العسكرية وعتاده، ولكنه فاجأ الاحتلال بما يمتلك من قوة خلال الحرب.

 

البث المباشر