قائمة الموقع

"الإقامة المزورة".. تُبدد المال وتُبقي الحال!

2013-01-19T08:23:35+02:00
صورة من الارشيف
غزة- محمد أبو حية -الرسالة نت

يضع الشبان الفلسطينيون اللبنة الأولى للمستقبل على أساس المثالية المطلقة للحياة والتعليم خارج غزة؛ غير أن أحلامهم تتلاشى سريعا بعدما يقعوا في شباك النصب والاحتيال خلال سعيهم للحصول على الإقامة بالدول الأوربية أو العربية.

"الإقامات المزورة" سلعة تباع وتشترى في القطاع ويلعب المزورون بأسعارها بحسب العرض والطلب في السوق من قبل الشبان المتعطشين للسفر وقنص فرصة عمل بالخارج.

أكثر من 60 شكوى بتزوير الإقامات وصلت لأقسام النيابة بالحكومة الفلسطينية المنتشرة بمحافظات القطاع كافة حتى نهاية عام 2012 ومطلع 2013.

وتستعمل في عمليات تزوير الإقامات والأوراق الرسمية أجهزة الكترونية خاصة وطابعات و ماسحات "سكانر".

الفقر والبطالة

تردي الأوضاع الإقتصادية بفعل الحصار "الإسرائيلي" منذ عام 2006 وتدمير القطاعات الصناعية والتجارية في غزة على يد "اسرائيل" في حربي 2008 و 2012 دفع قلة من الشبان الفلسطينيين للتفكير بالهجرة.

"

60 شكوى بالتزوير في القطاع حتى نهاية عام 2012 ومطلع 2013

"

الإقامة والعمل من خلال اللجوء السياسي في الدول الأوربية طريق محفوف بالمخاطر سلكه الشاب (ز.م) 23 عاماً من المحافظة الوسطى ليقي نفسه وأهله نار الفقر.

وقال لـ"الرسالة نت" إن حلم السفر خارج غزة راوده بعد فشله بتخطي الثانوية العامة والالتحاق بالجامعة وعدم تمكنه من العثور على عمل.

واستدرك (ز.م) بالقول: "الشهادة الجامعية لا قيمة لها بسبب البطالة الكبيرة  فشقيقي وشقيقتي وعدد من أقربائي أنهوا دراستهم الجامعية ولم يجد أي منهم فرصة عمل".

وبلغت نسبة العاطلين عن العمل في القطاع حوالي 28% من المشاركين في القوى العاملة من الفئات العمرية 15 سنة فأكثر؛ خلال العام  2011 بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وأوضح (ز.م) أنه خاض أكثر من تجربة عمل بمطاعم ومتاجر ملابس إلا أنها تبدأ بالمال  القليل وتنهي بالتسريح القسري بسبب الأوضاع الإقتصادية المتردية.

"

نسبة العاطلين عن العمل بغزة حوالي 28% بحسب جهاز الإحصاء 

"

وأعرض (ز.م) عن رغبة والديه بمساعدته في الزواج ليبقى بوطنه ويعيش على ما تيسر من الرزق؛ ولجأ للاقتراض من أصدقائه وأخذ ما بحوزة أسرته من مال ليحصل على إقامة في "السويد".

حديث معسول

وتعرف (ز.م) من خلال أحد أصدقائه على مزور محتال بحسب وصفه يدعى (م.ح) لم يكن يعرف حقيقته وجلس معه 3 مرات فأعطاه من طرف لسانه حلاوة لاستدراجه حتى يطمئن له ويخرج ما في جيبه من مال.

ويحصل الفلسطيني الذي يلجأ لبعض دول الإتحاد الأوربي على إقامة بدوائر اللجوء  السياسي ووظيفة بالقطاع الخاص بعد خضوعه لتحقيقات حول دوافع الهجرة وطريقة وصوله للبلاد.

أعد (م.ح) إقامة مزورة لـ(ز.م) بالسويد وتقاضى 2500 دولار ثمنها, مدعيا أن عمه هناك هو الذي يستخرج الإقامات بالتنسيق مع الدولة, وحذره من الثرثرة بما جرى بينهما حفاظا على سرية الأمر.

ترك (ز.م) غزة وهو يحمل أحلاما كبيرة وتوجه لمصر عبر معبر رفح البري لينطلق إلى السويد من مطار القاهرة إلا أن سلطات المطار أوقفته لأنها اكتشفت بأن إقامته مزورة.

عاد (ز.م) إلى غزة بخفي حنين لكن الفاجعة بحسب ما يقول عندما اكتشف زيف ادعاءات (م.ح) الذي استخرج له الإقامة بعدما زورها بمساعدة أحد الأشخاص بالقطاع وتقاسم معه المال.

وأكد (ز.م) أن إجمالي ما خسره في رحلة السفر إلى المجهول بحسب وصفه 4000 دولار, مشيرا إلى أنه بدأ بملاحقة (م.ح) قانونيا.


يقظة الضحية

عندما تكون الضحية يقظة فإنها تدفع الأذى عن نفسها بقدر الإمكان؛ كما جرى مع الشاب (ر.ج) الذي حصل على إقامة للعمل في تركيا عن طريق المواطن (أ.ب) غير أن الأخير كان أيضاً مزوراً ومحتالا.

ضحية التزوير (ر.ج) بحسب رئيس نيابة شمال القطاع نهاد سعيد الرملاوي أوقف في تركيا بينما كان متوجها للعمل فطلب من سلطات المطار منحه كتاب خطي رسمي بأن أوراقه مزورة.

وقال الرملاوي لـ"الرسالة نت" إن الشاب (ر.ج) رُحل إلى غزة وفور وصوله القطاع اصطحب الأوراق التركية وجاء مشتكيا فجرى توقيف المتهم (أ.ب) 48 ساعة لحين الحصول على ترجمة الأوراق للغة العربية.

"

الضحية (ز.م): خسر 4000$ في رحلة السفر إلى المجهول

"

وأكد أن الأوراق أثبتت إدانة واضحة للمتهم (أ.ب) بعد ترجمتها مشددا على أنه سيخضع للمحاكمة وسيواجه عقوبة قد تصل إلى خمسة أعوام بحسب القانون الفلسطيني.

الظاهرة تنمو

وأوضح الرملاوي أن ظاهرة تزوير الإقامات و"الفيز" والأوراق الرسمية تنمو منذ أعوام في محافظات القطاع كافة، ما يتطلب إجراءات قانونية وعقابية رادعة للمزورين بحسب ما يقول.

وأشار إلى أن النيابة تواجه صعوبة في إثبات شق التزوير لعدم وجود إمكانيات لكشف هذه المخالفات ما يحجم دور القانون في ردع المزورين والنصابين.

وتابع الرملاوي: "نعاني أيضا من عدم وجود معمل جنائي لكشف التوقيعات وجرائم التزوير المختلفة" لافتا إلى أنه يجري إرسال عينات وأدلة لكشف جرائم القتل وغيرها إلى مصر لفحصها.

وبحسب رصد "الرسالة نت" والنيابة العامة بشمال القطاع تتراوح أعمار ضحايا التزوير ما بين 18 إلى 40 عاما وعدد منهم يمتنع عن اللجوء للقضاء لاستعادة حقوقه لعدم وجود أدلة بين يديه.

استغلال الطلاب

رغبة بعض الشبان الفلسطينيين بالتعليم في الدول العربية والإسلامية تجعلهم ضحية من نوع آخر في براثن النصابين.

ويعمل المزورون في أماكن مجهولة لضمان الإفلات من القانون وعدم التقيد بشروط العمل في مجال السياحة والسفر.

"

نيابة شمال غزة: يقظة الضحية تساعد القانون كما جرى مع الشاب (ر.ج)

"

وفي محافظة شمال القطاع لجأ ثلاثة شبان أنهوا الثانوية العامة عام 2012 هم: (أ.ع) و(ع.ر) و(م. ر) للمواطن (ف.أ) ليوفر لهم إقامات و"فيز" لإكمال دراستهم الجامعية في الجزائر إلا أنه أخذ المال واختفى.

وتقاضى (ف.أ) 4900$ مقابل تجهيز الإقامات إلا أن الإتصال قطع به؛ ما اضطر الشبان الثلاثة لتقديم شكوى لدى الشرطة الفلسطينية، وأحيلت القضية للنيابة العامة لتنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة.

نقص الأدلة ضد المتهم (ف.أ) قد يصعب إدانته أمام القضاء الفلسطيني ما يتطلب وعيا قانونيا من الشبان الفلسطينيين المندفعين للسفر خارج غزة وعدم التعامل إلا مع مكاتب السياحة والسفر المرخصة بالقطاع لضمان حقوقهم.

اخبار ذات صلة