قائد الطوفان قائد الطوفان

المواطن "خضر" خرج للرزق فعاد جثة هامدة!

عمال في أحد انفاق غزة
عمال في أحد انفاق غزة

رفح- الرسالة نت

استقبلت السيدة علا خضر المكلومة بوفاة زوجها المعزيات وعلامات الحزن والأسى جلية على ملامحهما بعد ثمانية أيام من العذاب والأم والبكاء والدعاء انتهت بانتشال رب الأسرة من باطن الأرض جثة هامدة.

وتحاول السيدة علا أن تتماسك أمام أطفالها والمعزيات قدر الإمكان وتردد بأن زوجها بسام (42 عاما) أصبح عند ربه شهيدا لأن كل همه كان السعي لكسب الرزق.

ولقي ثلاثة فلسطينيين حتفهم في حوادث انهيار الأنفاق الأرضية خلال العام الجاري من بينهم خضر.

وكان يوم السبت الماضي آخر أيام بيت عزاء خضر الذي انتشل من داخل النفق المنهار جثة هامدة.

وبدأت مأساة أسرة خضر عندما خرج رب الأسرة إلى عمله كالمعتاد إبان ضراوة المنخفض الجوي الذي ضرب قطاع غزة في التاسع من الشهر الجاري وكله أمل أن يعود إلى أطفاله بقوت يومهم.

وتقول السيدة علا وهي تحتضن طفلتها بهدوء: "لقد خرج يوم الأربعاء وقد كان يوما لم تتوقف فيه الأمطار (...) دعوته أن يستريح لكنه رد بأنه يريد أن يجلب رزق أطفاله".

وتضيف: "لم تمض ساعات قليلة حتى هاتفنا صاحب النفق ليخبرنا أن النفق انهار ويجري إنقاذ من بداخله".

وأكملت وقد انهمرت الدموع من مقلتيها: "عشت الأيام الثامنة وهو مفقود في عذاب وألم لكنني لم أتوقف عن الدعاء لله عز وجل بأن يعود إلينا سلاما خصوصا أن بعض زملائه تم إنقاذهم".

وظلت تردد: "كان أملي بالله كبيرا (...) أحيانا كنت أشعر أنه عائد وبيده الطعام إلى المنزل، فكنت أحاول أن أطمئن أفراد الأسرة دائما".

وخلال تلك الأيام ظلت طواقم الدفاع المدني وبعض أقرباء خضر يبحثون في باطن الأرض عن الرجل الأربعيني لعلهم يجدون أثرا له.

وقال أحد أقربائه ويدعى محمد خضر: "قفزت في النفق بعد ثلاثة أيام وقد كانت مياه الأمطار تغمر النفق لكنني واصلت رحلتي في باطن الأرض دون أن أجد شيئا غير أن رائحة غريبة قد بدأت تفوح في الداخل".

والنفق الذي علق بداخله خضر وزميله سالم أبو سماحة يقع غرب بوابة صلاح الدين الشهيرة على الحدود ما بين قطاع غزة ومصر.

والمنطقة تكتظ بالأنفاق التي يجلب الفلسطينيون منها المواد التموينية والإنشائية والسيارات والوقود وتستخدم أيضا لسفر الأفراد.

وسحب رجال من الدفاع المدني جثة خضر يوم الأربعاء الماضي وجثة زميله سماحة في اليوم التالي بعدما حفرت آليات ثقيلة جزءا كبيرا من النفق المنهار في الجانب الفلسطيني.

وتصف السيدة علا لحظة وصول نبأ وفاة زوجها وسحب جثته من داخل النفق بالصاعقة، قائلة: "شعرت أنني فقدت الحياة أيضا".

وعاشت أسر فلسطينية أخرى لحظات قاسية ومؤلمة لفقدان أبنائها في القنوات الأرضية.

وتفيد إحصائية أصدرها مركز الميزان لحقوق الإنسان الخميس الماضي أن عدد الفلسطينيين الذين لقوا حتفهم في القنوات الأرضية وصل إلى 232 شخصا.

وهؤلاء الضحايا سقطوا في المدة الواقعة ما بين 2006 حتى يناير/كانون ثاني 2013.

ويعمل في الأنفاق آلاف الفلسطينيين بعضهم جنى أموالا طائلة وآخرون لقوا حتفهم مثل خضر الذي لم يجد سوى هذا العمل في ظل تفاقم البطالة داخل القطاع الساحلي.

واضطرت الحكومة إلى وقف العمل في الأنفاق بضعة أيام الأسبوع الماضي، وتسبب هذا الإغلاق في ارتفاع طفيف على أسعار مواد البناء.

وقال مسؤول فلسطيني يعمل على الحدود: "استئناف العمل في الأنفاق كان مشروطا ويخضع لتقييم من لجنة متخصصة بفحص معايير السلامة داخل القنوات الأرضية، ولكن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يحد من سقوط الضحايا".

ودأب الطيران الحربي (الإسرائيلي) والجيش المصري على تدمير تلك الأنفاق.

وشهد النصف الثاني من العام الماضي عمليتي تدمير واسعة أسفرتا عن تدمير عشرات الأنفاق كليا وإحداث تدمير جزئي في كثير منها.

وصاح حازم خضر وهو اختصاصي علاج طبيعي كان عابس الوجه داخل بيت العزاء متسائلا: "لماذا لم تتخذ تلك الإجراءات من قبل؟".

وردد خضر قائلا: "كان يجهز لزفاف ابنته.. لكن قدر الله وما شاء فعل".

البث المباشر