قائمة الموقع

مقال: أسئلة الناس .. في المصالحة

2013-01-21T06:59:49+02:00
الكاتب دياب اللوح
بقلم/ دياب اللوح

أسئلة الناس في المصالحة كثيرة , ففي كل مكان تتصل به ، في المخبز , في سوق الخضروات , في البقالة , وفي الشارع , يسألون عن المصالحة , ويكاد يُجمع الناس من كافة فئات الشعب على صيغة السؤال "فِي مصالحة ؟" , حتى وأنا متوجه للقاهرة قبل عدة أيام في زيارة شخصية , جمعتنا مائدة طعام في إحدى استراحات شمال سيناء , جلس فيها إخوة من فتح وإخوة من حماس , وإذا بشخص يجلس على طاولة أخرى تبعد عدة أمتار عن طاولتنا , ينادي على مسمع من جميع الجالسين في المكان , والله بدها صورة تلفزيون , لكي ترى الناس هذا الود والوئام بين قيادات فتح وحماس , وبعد أن أنهيتُ طعامي توجهتُ للسلام عليهم , وبادروني بنفس السؤال , "فِي مصالحة ؟" , وإلى أين أنتم ذاهبون بالمصالحة ؟!!! .

هذا السؤال المشروع من الناس أصحاب المصلحة الحقيقية في إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية والأهلية والمجتمعية العميقة , ينطوي على عدة أبعاد ومعاني , فمن الناس من يسأل مستفهماً , هل فعلاً هناك مصالحة قادمة في الطريق , ومِن الناس مَن يسأل مشككاً في جدية وإمكانية تحقيق المصالحة , وتعود حالة الشك هذه , من كثرة ما سمعوه الناس من كلام حول المصالحة دون أن يقترن هذا الكلام بالأفعال, وإن اتفاق القاهرة الذي وقع في الرابع من مايو/ أيار عام (2011م) , والذي عقبه عشرات الجلسات , ومئات ساعات الحوار , ومازال حتى اللحظة حبراً على ورق , لم يُترجم على أرض الواقع .

ولقاءات القاهرة الأخيرة , اللقاء الأول في (9/1/2013م) , واللقاء الثاني في (17/1/2013م) , بين فتح وحماس طرفي الانقسام , برعاية كريمة من الأشقاء في مصر , أثارت آمال وشجون كثيرة لدى الناس وخاصة لدى أهالي المعتقلين السياسيين , وهل هناك حقاً مصالحة حقيقية تلوح في الأفق , خاصة أن هذه اللقاءات الثنائية بين فتح وحماس قد جاءت في ظل بيئة دافئة ومناسبة تشكلت بعد حرب الأيام الثمانية القاسية على قطاع غزة , وما ترتب عنها من وحدة الموقف الوطني على الأرض , وبعد اعتراف المجتمع الدولي بفلسطين دولة بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة , والتي توجت بحالة من التلاحم الجماهيري الذي عبر عن أروع صور الوحدة الوطنية الفلسطينية , سواء في احتفالات حماس بالضفة الغربية , أو في احتفالات فتح الحاشدة في غزة .

والسؤال الذي يتبادر لدى الناس , هل هذه المرة , هناك شيء مختلف عن المرات السابقة , وهل القيادات في طرفي الانقسام , جادون بما فيه الكفاية , لاقتران الإرادة السياسية العليا بالممارسة العملية , ومقارنة الأقوال بالأفعال , والتقدم بخطوات عملية ملموسة على الأرض , وفي الشارع , لطي هذه الحقبة السوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني , وتحقيق المصالحة العميقة التي طالما انتظرها الناس على مدار سنوات الانقسام البغيض.

 لقاء القاهرة الأخير , هو لقاء هام , لقاء طيب ذو شأن كبير , استعرض آليات تنفيذ اتفاق القاهرة , وقرر الدعوة لعقد لجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في التاسع من فبراير القادم بالقاهرة , هذه اللجنة التي تُمثل الإطار القيادي للمنظمة الذي تشارك فيه الفصائل كافة بما فيها حركة حماس , وحركة الجهاد الإسلامي ، والمستقلين , وعلى جدول أعماله حسب ما جاء في اتفاق المبادئ بين فتح وحماس بالقاهرة , أن يتم بحث العديد من القضايا الهامة "رزمة واحدة" , أبرزها : إقرار قانون انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني , وتشكيل لجنة انتخابات المجلس الوطني بالخارج , وتكليف لجنة الانتخابات المركزية ببدء التسجيل في الداخل لانتخابات المجلس الوطني , وأن تستأنف لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة في موعد أقصاه يوم (30/1/2013م) ، وبالتوازي تبدأ المشاورات لتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة في موعد أقصاه (30/1/2013م) أيضاً , كذلك أن تستأنف لجنة المصالحة المجتمعية ولجنة الحريات العامة عملهما في الضفة الغربية وقطاع غزة في موعد أقصاه يوم (30/1/2013م) .

إذاً الأيام العشر القادمة , وفي موعد أقصاه (30/1/2013م) , هي أيام حاسمة , والناس تتوقع في أي يوم منها , أن ترى خطوات عملية وبزوغاً للأمل المرجو , وأهمها استئناف لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة , وبدء المشاورات لتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة , من أجل أن يكتسب لقاء التاسع من فبراير القادم بالقاهرة أهمية خاصة , وأن يكون لقاءً ناجحاً , بمستوى الآمال والطموحات الوطنية والقومية والجماهيرية المعقودة عليه , وأن يُحدث انطلاقة جدية , نحو تحقيق مصالحة عميقة في المجتمع الفلسطيني , تؤسس لمرحلة جديدة من التعايش المشترك مع الخلافات , والعمل المشترك , والتعاون المشترك , والثقة المتبادلة , والديمقراطية , تمكن الشعب الفلسطيني من استعادة وحدته الوطنية والسياسية والمجتمعية , لرص صفوفه وتوحيد إمكانياته لتجسيد إقامة دولته على أرضه المحررة من الاحتلال الإسرائيلي الغاشم , كلنا أمل , وإن غداً (30/1/2013م) لناظره قريب .

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00