أمر مؤسف ومخجل أن تخرج الرئاسة الفلسطينية على الملأ لتعبر عن استنكارها ورفضها لزيارة رئيس الوزراء الماليزي محمد نجيب أحمد لقطاع غزة بحجة المساس بالتمثيل الفلسطيني وأن هذه الزيارة تعزز الانقسام ولا تخدم المصالح الفلسطينية ، أي تخريف هذا الذي تهذي به الرئاسة ، وكيف تُستنكر زيارة مسئول لدولة مسلمة لقطاع غزة المحاصر من أجل دعم الشعب الفلسطيني وتقديم يد العون من خلال المشاريع المختلفة والتي في الأساس هي ملك للشعب الفلسطيني وليست ملك حماس وهي تعزز صمود هذا الشعب في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
أي تمثيل فلسطيني الذي تخشى عليه الرئاسة من زيارة الماليزي لقطاع غزة؟، وهل هذه الزيارة تسحب أو تؤثر على تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني؟ وهل اللقاء برئيس الوزراء إسماعيل هنية الشرعي وفق القانون الفلسطيني يمس الشرعية أو يمس التمثيل الفلسطيني؟، أليس هنية ومشعل وقادة حماس يصفون محمود عباس بالرئيس الفلسطيني؟، أليس هذا تأكيد على وحدة التمثيل التي تتشدق بها الرئاسة الفلسطينية؟
وكيف يمكن لهذه الزيارة أن تعزز الانقسام؟ وكأن الذي يجري في القاهرة، كما يتم تصويره ، على انه إنهاء للانقسام وان الحوار ايجابي ، وكأن هذا الكلام الذي يصدر عن اجتماعات القاهرة هو كلام يخالفه هذا الخوف من زيارة رئيس وزراء ماليزيا ، وكأن الرئاسة تبيت أمرا يخالف حالة التفاؤل على الأقل السائدة في وفدي حركتي فتح وحماس وكأن الذي يجري في واد وما تبيته الرئاسة في واد آخر ليس واد المصالحة وإنهاء الانقسام وترسيخ مبدأ الشراكة السياسية، بل ترسيخ الاستفراد والإقصاء ورفض الشراكة السياسية.
كيف يمكن اعتبار هذه الزيارة لهذا المستوى السياسي الإسلامي لا تخدم مصالح الشعب الفلسطيني؟، أليس إعادة الاعمار لقطاع غزة هو في صالح الشعب الفلسطيني؟، أليس إقامة المشاريع وإعادة بناء البنى التحتية وبناء مجلس الوزراء الذي قصفه الاحتلال ودعم التعليم والصحة وغيرها من مشاريع الدعم المقدمة من الحكومة الماليزية هو خدمة للمصالح الفلسطينية؟، أي عقلية هذه التي تحاول تزييف الحقائق والواقع نتيجة هواجس وأفكار تعشش في عقول حزبية منغلقة لا ترى أن هذه الزيارات تشكل كسرا للحصار السياسي وهي تعزيز للصمود والتصدي لهذا الاحتلال البغيض، هل الرئاسة تريد أن يبقى القطاع غربا بلا تعمير بلا حياة؟، أليس هذا التفكير يخدم ما يسعى إليه العدو الصهيوني؟، مؤسف هذا الموقف بل مخزي وما كان يجب أن يكون.
نحن كشعب فلسطيني نرحب بهذه الزيارة ونؤكد على انها متأخرة وكان يجب أن تكون قبل هذا الوقت بكثير، وهذه الزيارة تؤكد أن الشعب الفلسطيني ليس وحده في مواجهة العدو الصهيوني وان الجميع يقف إلى جواره ولن يتركه وحده وهذا هو لسان حال كل الوفود التي تزور قطاع غزة والتي تؤكد حرصها على وحدة الصف الفلسطيني وتدعو إلى إنهاء الانقسام.
ولكن هنا أود الإشارة إلى أن خوف الرئاسة الفلسطيني ليس نابعا من حرصها على الوحدة والمصالح الفلسطينية وغيرها من هذه الاسطوانة المشروخة التي تعزف مع كل زيارة لمستوى سياسي عربي أو إسلامي، إنما هذا الخوف نابع من أن هذه الزيارة ستعيد القضية إلى الدائرة العربية والإسلامية التي حاولت الرئاسة وحزبها على مدى السنوات ومعها النظام العربي البائد نزعها من بعديها العربي والإسلامي الذي سيعيد للقضية مكانتها عربيا وإسلاميا ولن تكون فقط فلسطينية ، لأن هذا التفكير اضر بالقضية الفلسطينية وكاد أن يؤدي إلى ضياع القضية وتصفيتها لصالح العدو الصهيوني.
ستبقى القضية الفلسطينية فلسطينية عربية إسلامية وسيبقى القطاع مفتوحا لكل من يريد أن يقدم يد العون والمساعدة والدعم بكل أشكاله للشعب الفلسطيني وأن كل من يأتي إلى القطاع مرحب به وان هذه الزيارات بكل مستوياتها السياسية لن يكون لها تأثير سلبي على المصالحة بل ربما تساعد على تعزيز الوحدة وهي في العموم ستخدم مصالح الشعب الفلسطيني، واعتقد أن هذا الموقف من الرئاسة مستهجن ومستنكر من عموم شعبنا الفلسطيني في جميع مواقعه المختلفة.