قائمة الموقع

عائلة المبحوح شامخة رغم فقدانها فارسها محمود

2010-02-01T18:32:00+02:00

غزة-أمينة زيارة-الرسالة نت      

بدت شامخة كشموخ نساء فلسطين اللواتي ودعت فلذة كبدها بالزغاريد، استندت إلى جانب الحائط تستذكر سنوات الطفولة والشباب والمطاردة، تستقبل بين الحين والآخر المهنئين بشهادة ولدها, وبين تلك وذاك تسترق النظر إلى تلك الصورة المعلقة على الحائط المقابل لها وتقول: الحمد لله الذي شرفني بشهادتك، تنظر إلى تلك العيون الحانية ولسان حال يصرخ "سنوات من المعاناة وانتظار الغائب كُللت بالفراق" تلك هي أم الشهيد القائد "محمود المبحوح" التي استقبلت "الرسالة" في بيتها وفتحت معها مذكرات الشهيد خلال سنوات الطفولة والشباب والمطاردة والغربة.

طفل ثائر

صمتها الشديد ينذر بعاصفة من الدموع حبستها عن عيون المهنئين، خرجت دموعها دون إرادتها وهي تستذكر الطفل محمود فتقول: كان طفلاً ذكياً ثائراً لا يصمت على ظلم، يقدم المساعدة للجيران، لم اعتد عليه يوماً يرفض خدمة أحد من الجيران، حنانه الشديد اتجاه أخوته ظهر عليه منذ طفولته وشب على ذلك.

وتواصل والدة الشهيد محمود الحديث وهي تستقبل المهنئين: شب محمود على الحب والحنان حيث عاش في عائلة متماسكة ملتزمة تحثه على الصلاة والذهاب المسجد أسوة بإخوانه.

حرموني من توديعه

وتلح الأم على ابنتها للبحث عن أي نشرة أخبار تثبت صورة جنازة ابنها لتلقي عليه النظرة الأخيرة عبر التلفاز وتشيح بوجهها كي تخفي دموعها عن الناظرين إليها وتصرخ بألم الأم: حرموني من المشاركة في جنازته وتوديعه واحتضانه للمرة الأخيرة.

وتضيف: تقدمت بطلب تنسيق للعبور إلى مصر ومن ثم إلى سوريا لإلقاء النظرة الأخيرة مع أخوته وولده ولكنهم رفضوا قائلين: "إلا عائلة المبحوح ممنوع قطعاً دخولها مصر".

وتعود لتحدثنا عن شباب محمود لتقول: كان رحمه الله شاباً يافعاً وثائراً كان يشاهد ظلم الاحتلال بأهل غزة أمام عينيه ولا يستطيع الدفاع إلا بالحجارة.

وتتذكر سنوات الاعتقال فتقول: اعتقل محمود عام 1986م لمدة عام في سجن غزة المركزي بتهمة حيازة سلاح "الكلاشينكوف"، وبعد خروجه من السجن لم يتوقف عن الجهاد والثورة بل ازداد قوة، وخلال تلك الفترة بدأ يخطط لأسر جنديين صهيونيين واستبدالهما مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال حيث أسر مع مجموعته الجندي "آفي سبورتس" و"إيلان سعدون"، وتم قتلهم ودفنهم.

وتتابع: بعد معرفة الاحتلال بأن محمود هو العقل المدبر لأسر الجنديين اقتحموا البيت وكسروا أبواب المنزل واعتقلوا كل من في البيت بمن فيهم أطفاله الصغار وزوجته وأخواته وأنا، حيث استمر اعتقالي أنا وزوجته لمدة 12 يوما وإخوانه ووالده استمروا في الاعتقال لشهور اخضعوا فيها للتحقيق حتى وصلهم خبر خروجه خارج غزة، وتقول: في عام 1990م هدم الاحتلال البيت وتشردنا في الشارع، وبكل بصبر ووفاء تقول: "كل شيء يهون لأجل أبو العبد".

المطاردة والخروج

وتصمت لتشاهد الخبر الذي انتظرته على التلفاز وهي جنازة القائد الشهيد المبحوح ومشاركة قادة حماس في تشييع جنازته ودعاء الأستاذ خالد مشعل له.

اقتربت من التلفاز كي تشبع عينيها من الشهيد محمود وهو مسجى لتدقق النظر في الملامح والابتسامة التي لم تشاهدها منذ عام 2006 وتمعن النظر في حفيدها عبد الرءوف الذي كبر كثيراً.

ونزلت أمطار الدموع ممن شاركوا مشاهدة جنازة الشهيد، وتنظر الأم إلى الصورة المعلقة أمامها وتقول: قولوا الحمد لله وادعوا له بالشهادة، وتستذكر سنوات المطاردة التي عاشها محمود فتقول: طورد محمود في غزة لأكثر من شهرين، حيث كانوا يلاحقونه في كل مكان، والجواسيس ليل نهار تتابع بيتنا وتحركات أولادي لمعرفة مكان محمود، لكن الحمد لله خرج محمود إلى مصر، ومن ثم إلى ليبيا، ومن هناك غادر ليستقر في سوريا وأرسلنا زوجته وأبناءه له بعد 4 أعوام من استقراره في سوريا.

21 عاما

وتخرج والدة الشهيد تنهيدة مكبوتة في نفسها وتقول: بقدر فرحتي ببعد محمود عن غزة ليكون في مكان امن ومستقر بقدر جرح قلبي لمغادرة حضن العائلة والأخوة، وكانوا يقولون عام وسيعود إلا أنها أصبحت 21 عاماً رأيته خلالها ثلاث مرات.

وتضيف: مرة ذهبت إليه مع والده عام 1995 مع قدوم السلطة وقابلناه في دولة محايدة بعيداً عن أنظار المخابرات، وفي المرة الثانية كانت عام 2002 وكانت في سوريا، أما المرة الأخيرة فكانت عام 2006 حيث كانت في دولة عربية وكنا لا نلتقي إلا في أماكن عامة بعيداً عن نظر الموساد الصهيوني، كانت جلستنا لا تستمر سوى دقائق ثم يخرج ويعود بعد أيام وهكذا.

يوم لم انتظره

وتعيد النظر إلى الصورة المعلقة على الحائط لتصف ملامحه قائلة: لقد تغيرت ملامحه كثيراً عن آخر مرة شاهدته فيها وأصبح أكثر قوة وبنية، وتضيف: كنت على يقين بأن المرة الأخيرة التي شاهدته فيها هي المرة الأخيرة بسبب الأخبار التي كنت اسمعها من أولاده واتصالاته التي تكون في كل مرة من بلد مختلف حتى جاء اليوم الذي لم انتظره في حياتي، يوم إعلان استشهاده، حيث أخبرتني ابنته بأنه توفي بجلطة كما اخبروها لكنني كنت متأكدة بأنه اغتيل من الموساد.

وتقول: جلست أيام العزاء لم اصدق بأنه مات موتة عادية بل هناك أمور يجب أن تنكشف وبالفعل تبين لنا بأنه اغتيل بواسطة جهاز يحدث صعقة كهربائية ثم خنق بواسطة قطعة قماش، بواسطة شخصين نفذا عملية اغتياله.

وتختم: الحمد لله الذي شرفني باستشهاده وأتمنى على عبد الروؤف أن يكمل مشوار والده ويثأر لمن قتلوا والده.

 

اخبار ذات صلة