مصطفى الصواف
قالها الشعب الفلسطيني منذ زمن بعيد أنه لن يكرر الهجرة من فلسطين كما حدث في عام 48 عندما خدع الفلسطينيون من قبل البعض إلى جانب تعرضهم لحملة إرهاب يهودية وحرب نفسية كانت بدايتها مجزرة دير ياسين.
عهدا لن يكرر وبات في حكم الماضي، وهذا تعلمه كل الشعوب العربية وخاصة المصرية منها، ودليل ذلك العدوان الأخير الإسرائيلي على قطاع غزة الذي أصر فيه الفلسطينيون في القطاع على البقاء في بيوتهم وأرضهم رغم الجريمة والإرهاب الذي تعرض لها أهل غزة ولم يفكروا حتى لمجرد التفكير في ترك القطاع والهروب إلى سيناء كما يحاول البعض تبرير بناء الجدار الفولاذي الهادف إلى تشديد الحصار على غزة للاستسلام والركوع وليس لحماية الأمن القومي المصري، أو لوقف تهريب رجال القاعدة المزعومين أو تهرب المخدرات والمومٍسات من قطاع غزة إلى مصر الحبيبة، أو حتى تهريب الأسلحة.
لم تقنع هذه التبريرات والحجج التي ساقها المبررون لبناء الجدار المدافعون عنه الرأي العام المصري فرفعوا من جديد شعارات جديدة وتبريرات حول أطماع أو مشاريع إسرائيلية لتسوية القضية الفلسطينية على حساب الأراضي المصرية والحديث عن أطماع في ضم أجزاء من سيناء إلى الدولة الفلسطينية المنتظرة والتي تروج لها أمريكا وإسرائيل، كل ذلك بهدف محاولة تخويف الشارع المصري والحديث عن أن الجدار الفولاذي هو لقطع الطريق على المشاريع الإسرائيلية الخاصة باقتطاع أجزاء من الأراضي المصرية.
نقولها لمن يحاول أن يخدع نفسه ويخدع الآخرين نحن كشعب فلسطيني لا نفكر بغير فلسطين أرضا ووطنا لأنه لا يعدلها ارض، وأننا باقون على أرضنا حتى لو قتلنا فيها أو كانت القبور تحفر لنا، سنبقى في أرضنا صامدين مدافعين عنها ولن نعيد عجلة التاريخ إلى الوراء، ليطمئن الجميع أن من افشل مشروع التوطين عام 1956 في سيناء لا بفكر اليوم أن يجعل من سيناء أرضا له أو وطنا بديلا، ومن يقاوم كل مشاريع التوطين التي طرحت ولا زالت تطرح لن يقبل أن تكون سيناء أو غيرها أرضا بديلا عن ارض فلسطين.
إن هذه المحاولات الإسرائيلية لترويج المخططات حول نقل قطاع غزة إلى سيناء أو فكرة استبدال الأراضي الفلسطينية بأجزاء من سيناء مقابل تنازل الفلسطينيين عن الارض التي عليها المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية محاولة تخويف للحكومة المصرية لدفعها دفعا نحو الاسراع في بناء الجدار الفولاذي وهي تعلم ان هذه التقارير غير صحيحة ومفبركة ومكشوفة الهدف، ولكن الحكومة المصرية وجدت فيها ضالتها حتى تستند اليها في وسائل الاعلام لتبرير بناء الجدار والذي يشكل سابقة خطيرة في علاقات الجوار ومخالف للقانون الدولي ويضرب عمق العلاقة العربية ويجعل من الحكومة المصرية شريك كامل في الحصار على قطاع غزة والهدف سياسي بامتياز ولا علاقة له بالأمن القومي وأعمال السيادة، لأنهما محفوظتان من الجانب الفلسطيني.
هذا الجدار نقولها ونكرر القول فيها يهدف في المقام الأول للعمل على منع تزويد المقاومة بالسلاح لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ويهدف أيضا إلى تشديد الحصار على سكان قطاع غزة لابتزازه وحركة حماس لانتزاع مواقف سياسية لها علاقة بالمشروع الأمريكي لتصفية القضية الفلسطينية، من خلال تسليم حركة حماس بالأمر الواقع وإجبارها على التخلي عن مشروعها المقاوم الذي يشكل حماية للحقوق الفلسطينية ووسيلة لمواجهة المحتل وإفشال مشاريعه.
لن نترك فلسطين ولن نقبل بوطن بديل لا في الأردن ولا في سيناء، وسنبقى متمسكون بالمقاومة مهما بلغ التضييق والخناق والحصار، فليطمن النظام المصري وليكف عن محاولات خداع الرأي العام عبر مشاريع وهمية ومخططات لن تمر على الشعب الفلسطيني وسيقاومها وسيدفع ثمن ذلك الروح والدم والمال.