المسئولية مشتركة والجميع يتحمل النتائج ، ومشكلة الكهرباء ليست وليدة اليوم ، مشكلة يعاني منها قطاع غزة أكثر من ستة سنوات، كان من المفترض أن يكون الجميع قد أخذ درسا من الآثار الضارة للانقطاع والتي أدت إلى حدوث حوادث مؤلمة وفاجعة سواء من سوء استخدام المولدات الصغيرة أو من جراء إشعال الشموع.
حادثة عائلة ضهير مأساوية بكل معنى الكلمة وكانت فاجعة للجميع ، والمسبب لها كما هو معلوم للجميع شمعة، إلا أن الشمعة بريئة حقيقة من أنها من ارتكب الجريمة أو هي السبب في وقوع الفاجعة ، ولكن السبب هو قلة الوعي والاستهتار في تقدير النتائج التي ستؤدي حال الاستخدام السيئ للشمعة، وعدم اتباع إجراءات الأمان التي كان من المفترض أن يتبعها رب الأسرة أو ربة الأسرة رحمهما الله ورحم أبناءهم الأربعة، ولكن بسبب الكسل والإهمال والتقصير كان ما كان.
الكهرباء لم تنقطع فقط عن بيت عائلة ضهير، وهذه الكهرباء تنقطع عن جزء كبير من المواطنين بسبب جدولة توزيع الطاقة ووجود بدائل محلية يقوم بها كل مواطن وفق إمكانياته، فهناك من يستخدم ماتور الكهرباء وهناك من يستخدم (اليو بي اس)، وهناك من يستخدم الشاحن، وهناك من يستخدم الشمعة - التي توضع وفق إجراءات السلامة على طبق غير قابل للاشتعال حتى لو انتهت الشمعة لا تُشعل ما توضع عليه، وعادة ما نستخدم طبقا من زجاج، بعيدا عن أي شيء يمكن أن يشتعل، لا أن توضع الشمعة على التلفاز أو طاولة خشبية أو وعاء بلاستيكي، وهذه ابسط قواعد السلامة وزيادة في الحرص عندما يخلد الجميع إلى النوم أن يتم إطفاء هذه الشمعة حتى لا يحدث مكروه كما حدث لهذه العائلة الكريمة التي فجعت في ستة من أفرادها، وإطفاء النار هو أمر دعانا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أكد أن النار هي عدو لنا وذلك في الحديث الشريف المروي عن أبي موسى رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بشأنهم قال" إن هذه النار عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم" هذا إرشاد نبوي هو قمة في إجراءات السلامة التي نغفل عنها أو نتناساها.
هذا الذي نتحدث عنه لا ينفي مسئولية ولي الأمر والتي يجب أن يقوم بها على أكمل وجه، ونعتقد أن قضية الكهرباء قضية غاية في الأهمية، ويجب أن تبذل الجهود على كافة الصعد من أجل تأمينها، ونعتقد وهذا ليس دفاعا ولكن للحقيقة أن الحكومة بذلت جهدا كبيرا في الأمر ولازالت تبذل في هذا المضمار من أجل تأمين تزويد القطاع بالكهرباء، والبحث عن البدائل، ولكن التعطيل لم يكن من قبل الحكومة والجميع يعلم بذلك، ورغم ذلك الحكومة تتحمل جزءا من المسئولية في هذه المشكلة وعليها أن تسعى جاهدة ببذل المزيد من الجهد والسعي لأن هذه المسألة من صميم عملها كونها الراعي للمواطن والساعي عليه الذي يجب أن يُوفر له كل متطلبات الحياة الكريمة.
من الأمور السلبية التي جرت في أعقاب الكارثة ما جرى من تعطيل لمجريات التحقيق وما قام به البعض من إشعال لإطارات الكاوتشوك التي لن تضر سوى المواطن، إضافة إلى حوادث الشغب التي طالت شركة الكهرباء والتكسير وتدمير بعض المركبات وتحميلها المسئولة الكاملة عما جرى، ومما جرى الحملة الإعلامية السيئة التي رافقت الحادث والتي حملت شكلا من أشكال التحريض أكثر منه إرشاد وتوجيه، وكانت الاتهامات تلقى جزافا قبل نتائج التحقيق من قبل الجهات المسئولة والمخولة بالحديث عنها، بمعنى أن بعض وسائل الإعلام شخصت المشكلة ووجهت أصابع الاتهام دون دليل أو نتائج تحقيق وهذا مخالف لأبسط قواعد المهنية في العمل الإعلامي.
وحتى لا نفجع مرة أخرى علينا الأخذ بالأسباب واتباع كل قواعد السلامة وعلى رأسها الهدي النبوي الذي يطالبنا بإطفاء النار أو إخمادها قبل النوم وهي عدو كما وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام، لأنها المتسبب الأساس في الفاجعة التي أصابت مجتمعنا الحبيب، وهذا لا يعفي الحكومة من مسئوليتها ولا يعفي شركة الكهرباء من القيام بمزيد من الجهد ومراعاة الظروف التي يمر بها المواطن ومراعاة الحالة الجوية التي يمر بها القطاع خاصة في فصل الشتاء القارص عند اتخاذ أي إجراء.