قائمة الموقع

مقال: الحمار والعاطل

2013-02-04T08:43:58+02:00
الإعلامي وسام عفيفة
بقلم/ وسام عفيفة

المشهد العام: شاب تبدو عليه ملامح "القرف" يجلس بجوار حمار يظهر عليه الإنهاك بعد أن تحرر من "الكارة" ولم يبق على ظهره سوى "البردعه".

لقطة قريبة لوجه الشاب أمام رأس الحمار ويدور الحوار التالي:

الشاب: ما لي أراك بالكاد تستطيع الوقوف على قدميك؟

الحمار: صاحبي "الحمرجي" ينهكني في العمل، وكما ترى: المقابل قليل من الطعام.. هذا ظلم لا يقبله أحد.

الشاب: على الأقل أنت تعمل أما أنا فعاطل عن العمل.. أنت لك أهمية عند معلمك أما أنا "وجودي وقلته" واحد.

الحمار: المشكلة أنني كلما تذمرت أو "عنفصت" يهددني بأنه سيستعيض عني بـ"توك توك", ولم تعد لي مكانة خاصة عنده كما في السابق.

الشاب: بيني وبينك, وبصراحة: كلامه صحيح.. أنتم تلوثون الشوارع بروثكم، ووجودكم غير حضاري في البلد.

الحمار: أنتم البشر ناكرو جميل!.. ألم نقف إلى جانبكم في أحلك الظروف خصوصا في الحصار يوم لم تجدوا الوقود لسياراتكم, ثم إنكم آخر من يتحدث عن النظافة.. أنتم تلوثون الشوارع بسلوككم وبإرادتكم, أما نحن فمجبورون.. انظر إلى المكان من حولك: الناس تترك حاويات القمامة وتلقي "زبالتها" على الأرض, وقلة نظافتكم لفتت أنظار الضيوف من الوفود والقوافل التي تزوركم أسبوعيا.

الشاب: يظل "التوك توك" أكثر فعالية وخدمته أفضل.

الحمار: لهذا ارتفعت الحوادث نتيجة هذه العربات المجنونة التي يقودها "مخابيل".. أريد أن أكشف لك سرا: أحيانا نحن نقود في الطريق أفضل من "الحمرجية" ولو ركنا واستسلمنا لقيادتهم لتسببوا بحوادث وفوضى كبيرة.

الشاب: إذن، اعمل بصمت ولا تتذمر واكتف بما يصلك من شعير.

الحمار: أنت غريب يا ابن آدم تستكثر علي القليل من الطعام مقابل كثير من العمل في حين ان أن آلاف منكم يأكلون بلا عمل منذ 6 سنوات.

الشاب: آه.. لا تقلب علي المواجع.. أنا الآن تمنى أن أكون مكانك, وغيري يتعب من الوصول للبنك يوم الراتب فقط.

الحمار: أنا لا أتمنى أن أكون مكانهم, فلا أفهم كيف يقبل "الحمرجي اللي مشغلهم" أن يطعمهم  ويكافئهم لأنهم لا يعملون.

الشاب: يا ليت كنت معهم.. كان على الأقل ما فضفضت همومي لحمار.

الحمار: أنصحك ألا تكون مثلهم وينطبق عليك "مثل حميري" عندنا يقول: "اربط البغل جنب الحمار إن ما تعلّم شهيقه يتعلم نهيقه".

الشاب: لا تنقصني سوى نصائحك.. أيضا هناك مثل عندنا يقول: "الحمار حمار لو بين الخيول سار".

هذه اللحظة، ينفجر الحمار في وجه الشاب: أنتم معشر البشر أسأتم لي كثيرا.. لعلمك أنا أصلا من الجنس الذي ينتمي إليه الحصان.. أنا صبور قوي في حين أن منكم من يعيش عالة على المجتمع.. وصفتموني بالغباء, وصرت شتيمة مع أنَّي ذكي أستطيع مثلا أن أحفظ الطريق من أول مرة في حين أن كثيرين يضلون طريقهم كل يوم.

هل تعلم أنني آكل من الأعشاب والنباتات فإذا اقتربت من شجرة التبغ "الدخان"  أنفر منها.. فيما مئات الألوف منكم يستنشقون التبغ صباح مساء.

وأضاف: أذكرك أيضا أنني كنت مركبا للرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فقد حملت المسيح عيسى من جبل الطور إلى القدس، وحملت الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفتح بيت المقدس..

يقطع صوت الراديو صراخ الحمار ويعلن المذيع في نشرة الأخبار عن توفير وكالة الغوث آلاف فرص العمل.. وخبر آخر" الحكومة تعلن عن الشروع في برنامج تشغيلي لـ5000 فرصة للحد من البطالة.

مشهد عام: الشاب يجري بعيدا عن الحمار وهو يقفز هاتفا: شغل.. شغل, أنا الآن أمير.. أمير.

لقطة قريبة على وجه الحمار: يضحك بتهكم على الشاب ويقول: "إذا أنت أمير وأنا أمير.. مين اللي بيسوق الحمير؟".

 

اخبار ذات صلة