قائمة الموقع

مفكر: حماس رقم فاعل بالمعادلة الفلسطينية

2013-02-09T10:19:24+02:00
المفكر الأمريكي، ناثان ج. براون
القاهرة-الرسالة نت- آلاء حـــمـــــزة

حدد المفكر الأمريكي، ناثان ج. براون، كبير الباحثين بمؤسسة كارنيجى الأمريكية، السيناريوهات التي تواجه ملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس.

 وأشار فى حديث لـ"الرسالة نت" للخيارات التي تواجه هذا الملف.

 وقال "براون" إن السيناريو الأول يقوم على التعاون بين الحركتين، ويعنى قدرًا من الاستشارات المتبادلة بين حماس وفتح فيما يختص بـالأمور السياسية، ووضع نهاية للحرب الإعلامية بين الطرفين، مع السماح بقدر من التعاون بين المؤسسات الفلسطينية فى الضفة والقطاع، مع تخلى كل طرف عن محاولاته إقصاء الآخر من المناطق الخاضعة له.

وبحسب براون هناك أيضا سيناريو المشاركة الفعالة، "الذى لا يعنى فقط وقف العمل المناهض من طرف ضد الآخر، لكن التوافق بينهما على العمل فى مناطق نفوذ الآخر"، وهو وإن كان "ليس بالسهولة المتوقعة، بسبب الشكوك المتبادلة والضغوط الخارجية القوية"، لكن "الأمر ليس مستحيلا، إذا ما خلصت النيات، وتحققت الأوضاع الملائمة".

ولفت إلى أن السيناريو الثالث، "يرتبط بالمصالحة الوطنية الحقيقية الشاملة، التي لا تعنى مجرد توافق بين فصيلي العمل السياسي الكبيرين، بل إعادة خلق حقيقي لنظام سياسي فلسطيني توافقي، سواء من السلطة القائمة أو عن طريق منظمة التحرير الفلسطينية أو أي حركة أو فصيل جديد"، مشيرا إلى أن هذا بالفعل ما يريده الفلسطينيون، مستبعدا تحقق ذلك "ما لم تحدث ضغوط قوية من القاعدة الشعبية، وهو ما لن يتحقق فى المنظور القريب".

نوايا

وعن رؤيته لموقف فتح وحماس فيما يتعلق بنوايا إتمام المصالحة، قال "براون" :"كلا الطرفين متمسك بمواقفه ورؤاه ويريد اتخاذها منطلقًا للتأسيس عليها مستقبلا، وهذا ما يدعوني للقول بأن المطلوب منهما هو التعاون، وأن كل فصيل يرى نفسه الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني"، واللافت بحسب "براون" أن "فتح" حتى الآن غير مستوعبة لحقيقة أنها خسرت الانتخابات التشريعية 2006 .

وردا على التشكيك فى إمكانية إنجاز المصالحة حاليا، أوضح أن "المصالحة الحقيقية ممكنة، لكن شريطة الالتفاف حول قيادة وطنية، أو تأسيس حركة شعبية من الجيل الجديد من النشطاء".

"

ملف الاعتقالات السياسية يمكن حله.. واتفاقيات التعاون الأمني مع "إسرائيل" تكبل السلطة

"

وبشأن العوائق التي تحول دون إنهاء الانقسام، قال "إلى جانب القناعات الذهنية والاهتمامات الخاصة لدى القيادة، فإن الحقيقة الواضحة للعيان بأن اللاعبين الدوليين -الولايات المتحدة، والاتحاد الأوربي- غير متشجعين للمصالحة".

عقبة

وعن تأثير الملف الأمني فى الحيلولة دون إتمام المصالحة، أكد أن الملف الأمني يقف عقبة أمام تحقيق التعاون والمشاركة الفعالة ".

وأضاف أن السلطة الفلسطينية وجهازها الأمني مكبلان باتفاقيات تعاون أمنى مع "إسرائيل"، وهو أمر مرفوض من قِبل حماس، ومن ثم فهو يمثل عقبة أخرى".

وبشأن تقديره لدور ملف الاعتقالات السياسية فى هذا الشأن، أشار إلى أن مشكلة المعتقلين لها حل باعتبارها جزءًا من الاتفاق، تنتهى بأن يطلق كل طرف معتقلي الطرف الآخر فى سجونه بيد أن المعضلة تكمن فى تواجد "إسرائيل" الأمني فى الضفة الغربية، ومن ثم فإن اعتراضها على الإفراج عن بعض معتقلي حماس لدى فتح من شأنه أن يعرقل الاتفاق.

ومن المنظور الفلسطيني "هناك قناعة تامة بأن اعتقال أفراد فلسطينيين بمعرفة كلا الفصيلين سواء لأهداف سياسية أو بدوافع قانونية أمر مؤلم للنفس".

وعن انعكاس تفاعلات المشهد السياسي الداخلي فى "إسرائيل"، سيما صعود اليمين المتشدد، على الصراع العربي-"الإسرائيلى"، قال "براون": حتى هذه اللحظة ليس لدينا تصور لشكل الحكومة "الإسرائيلية" الجديدة.

فمن المعلوم أن اليمين "الإسرائيلى" أسهم فى اغتيال عملية السلام بتشدده المبالغ فيه "لكن السياسات "الإسرائيلية" ليست من صنع الجناح اليميني وحده، وأن هذا الموت الإكلينيكي لعملية السلام يرجع إلى عدم إيمان كل الأطياف السياسية فى "إسرائيل" بجدوى السلام للمواطن "الإسرائيلى"، وبما يمكن أن يحققه من استقرار فى المنطقة، وتغليبهم للفكر الاستيطاني على ما عداه".

صراع

ونبه "براون" إلى أن خيار المفاوضات بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" لن ينهى الصراع العربى-"الإسرائيلى" على المدى القريب، وأن "المفاوضات الحقيقية التي جرت فى نوفمبر الماضي عبر وساطة مصرية بين حماس و"إسرائيل" لتحجيم المعركة وليس إنهاءها".

وقال: "كل الأحداث السياسية الأخيرة - نتائج الانتخابات الإسرائيلية وحصول فلسطين على صفة مراقب بالأمم المتحدة ليس لها أدنى تأثير على مفاوضات السلام؛ حيث إنه من المستحيل أن تقتل شيئًا هو فى عِداد الأموات بالفعل.

"

"الربيع العربى" سيؤثر مستقبلا فى الانحياز الأمريكى لإسرائيل.. والمستوطنات تدمر المفاوضات

"

وحول تأثير التوسع الاستيطاني "الإسرائيلى" على ما يسمى بعملية السلام، شدد "براون" على أن المستوطنات "الإسرائيلية" تُعَدُّ أحد العوامل التي أسهمت فى تدمير عملية السلام، لكنها ليست العامل الأوحد، وإنما هي تبعث رسالة إلى المواطن الفلسطيني مفادها أن "إسرائيل" ترفض القبول بحل الدولتين، كما أنها تمثل حاجزًا سياسيًّا داخليًّا يجعل حل الدولتين فى "إسرائيل" أشبه بالخيال".

اتفاق

وأوضح "براون" أن "هذا الطرح يتفق مع ما أشار إليه المحللون الأمريكيون، فهم يرون أنه يمكن من الوجهة النظرية رسم حدود بين الدولتين بحيث يكون معظم الضفة الغربية فى أيدى الفلسطينيين، فى حين يظل معظم المستوطنات فى أيدى "الإسرائيليين"، ولهذا فهم يزعمون أن المستوطنات ليست لب القضية".

وقال "هذا الطرح أراه غير ذي جدوى لثلاثة أسباب، أولا: "لأنه دائمًا يتم الزعم بأنه يجب أن يُرسم بطريقة "الجميع يعرف"، كما لو كان القادة "الإسرائيليون" يريدون من الفلسطينيين القبول به بوصفه معلومة عامة أو قضية مسلَّم بها ودون نقاش، والسبب الثاني أنه يصطدم مع الزعم بأن هذه المستوطنات تقام على حدودها الأمنية، ولكن الحقيقة غير ذلك، فخط الحدود الناتج لن يكون منتظمًا ومحاذيًا لخط 1967.

وثالث تلك الأسباب بحسب براون أن رسم خط الحدود يتطلب توافر قدر كبير من الثقة بين الطرفين وصدق النيات، وهذا أمر غير متوافر.

وحول مدى استمرار واشنطن فى انحيازها المطلق لـ"إسرائيل"، قال "براون" أود التأكيد على أشياء فأنا لا أعتقد أن واشنطن تدعم سياسات "إسرائيل" على طول الخط، على الرغم مما هو بادى من الصورة.

وأضاف "نعم واشنطن معنية بأمن إسرائيل، لكنها تختلف معها فى تعريفها لهذا الأمن، يأتي على رأسها موضوع المستوطنات -تعارضها واشنطن- كما أن حل الدولتين تدعمه واشنطن، في حين ترفضه حكومة "إسرائيل" الحالية، برغم ترديدها المستمر لعبارة الدولة الفلسطينية، فى إشارة لحكومة الضفة التي تقبلها واشنطن، فى حين تتحملها "إسرائيل" على مضض!.

وقال إنه ثمة سببين يجعلان واشنطن لا تعلن على الملأ ما تؤمن به فى الخفاء "الأول أن قادة "إسرائيل" متشددون فى سياساتهم ومتمسكون بها لأقصى مدى، وأمريكا بمثابة الشقيق الأكبر الذى يحاول إقناع شقيقه الأصغر بعدم ارتكاب الخطأ، لكن حين يتورط الأصغر فى مشكلة يجد الأكبر نفسه مضطرًا لمد يد العون له".

تباين

و"السبب الثاني أن خبراء السياسة فى واشنطن يفهمون السياسة "الإسرائيلية" جيدًا، ويفهمون سياق الداخل الذى تُتخذ فيه القرارات "الإسرائيلية"، فى حين أنهم ببساطة شديدة لا يفهمون السياسة الفلسطينية، فهم يدركون جيدًا مدى شعبية الأحزاب السياسية فى "إسرائيل" وموقعها فى الشارع "الإسرائيلى"، فى حين أنهم كانوا يجهلون حقيقة موقف حماس إلى أن حققت الفوز فى انتخابات العام 2006.

ولفت إلى أنهم كانوا يعتقدون أن سلام فياض يحظى بشعبية إلى أن فشل فى تحقيق نجاح يُذكر، ولهذا فإنه حتى حين يختلف صنَّاع السياسة الأمريكيون مع القرارات "الإسرائيلية"، فإنهم يرون الأمور من منظور "إسرائيلي" وبعيون إسرائيلية".

واستطرد "براون" بالقول: "دعونى أُضِفْ هنا ملاحظة شخصية اطلع قراء "الرسالة" عليها، وهى إنني أرى أن مهمتي بوصفي محاضرًا فى السياسة الفلسطينية هي التغلب على هذه المشكلة ومساعدة الناس فى أمريكا على فهم فلسطين، وفى إطار هذا الجهد أشرح ضرورة قبول حماس باعتبارها رقمًا فاعلا فى المعادلة الفلسطينية. فإذا كنا جادين بالفعل فى التعامل مع القضية الفلسطينية، فلابد من التعامل مع حماس. هذه هي الرسالة التي يصمُّ الناس آذانهم دون سماعها فى واشنطن.

وقال "براون" فى المقابل يؤكد أمريكان خاصة فى دوائر صنع القرار "أن سلوك حماس هو المتسبب فيما وصلت إليه القضية، وأن أدبيات الحركة تشير إلى أن وجودها رهن باستهداف المدنيين "الإسرائيليين" واستهدافهم سواء كانوا فى حافلة أو مطعم، ما يعنى أن الحركة تقدم دليل إدانة لها وللدين الذى تنتمى إليه"!

وأوضح "براون" أنه يؤكد لدارسيه أن حماس لم تنخرط فى عمل من هذا النوع منذ سنوات مضت، وأنه حين يحاضر عن الإسلام، يحاول جاهدًا شرح الأفكار والمبادئ العامة للدين، مسلطًا الضوء على القرآن الكريم والشريعة، وترسيخ الاحترام للمعتقدات الدينية ولممارسات شعائر الكثير من مسلمي العالم "لكن لا شك أن الانطباع الأول يدوم" على حد وصفه.

تأثير

وعد "براون" أن تغيِّر واشنطن سياستها المنحازة فى ضوء ثورات الربيع العربي "وارد على المدى الطويل، انعكاسا لتغيير النظام فى مصر والتأثير الاستراتيجي على السياسة الأمريكية، لكن على المدى القصير لن يكون لهذه الثورات تأثير يُذكر.

وقال "يبدو أن الرئيسين "محمد مرسى" و"باراك أوباما" يسعيان لعمل شراكة قد تستغرق وقتًا طويلا من كليهما. لا أظن أن الترتيب سيدوم طويلا، لكن فى غضون العام المقبل على الأكثر لن يرضى أي منهما بفشلها أو تعكير صفوها".

"

واشنطن تعارض "إسرائيل" كثيرا.. ولهذه الأسباب يجرى التعتيم على الخلافات بين واشنطن و"تل أبيب"

"

وعن مصير القضية الفلسطينية فى ضوء التحولات الجارية فى المنطقة، أوضح "براون" أن لـ"الإخوان المسلمين نهج واضح فيما يتعلق بقضية الصراع العربي-الإسرائيلى، ينحصر فى توجهين. أولا: "الارتباط الوثيق بالقضية الفلسطينية منذ بدء ظهور الحركة فى عشرينيات القرن الماضي ، والثاني أن الجماعة تؤمن بسياسة الخطوة, وقد بات النهج الثاني سمة مميزة للحركة الآن  .

وقال :" الإخوان مسئولون الآن عن احتياجات أكثر من ثمانين مليون مصري وحياتهم. وبالتالي يمكن تأجيل مطالب مليون و800 ألف غزاوي إلى حين. وأعتقد أن أعضاء فى الجماعة متحمسون لهذا المطلب، لكنهم مضطرون للانتظار حتى لا يُربكوا الرئيس مرسى.

مستقبل

وحول تأثير صعود جماعة الإخوان المسلمين فى مصر على مستقبل القضية الفلسطينية، أشار إلى أنه على المدى البعيد "قد تحذو حماس حذو حركة النهضة التونسية أو جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وتكوّنِ لنفسها حزبًا سياسيًا، وتدع أمور الحرب والسلام لتقررها الدولة، وأن تركز هي على الأنشطة الدعوية والاجتماعية. لكن يبدو أن هذا الطريق شاق على الحركات المعترف بها سواء فى مصر أو تونس، ويبدو أن حماس غير مستعدة لذلك الآن.

وعن تقييمه لمكانة حركة حماس فى ضوء صعود الإسلاميين فى المنطقة، نبه على أن "الحملة على حماس فى العام الحالي 2013 مشابهة للحملة على العراق فى تسعينيات القرن الماضي.

أهل غزة يدفعون فاتورة باهظة نظرًا لعدم رغبة قادة الدول فى الاعتراف بأخطائهم. أما أنا ومن منطلق كونى محللا، فأنا أحاول أن أكون متوازنًا وهادئًا فى لغتي. لكنني فى هذا الموضوع أغضب جدًّا من قادتي الذين يتلذذون بما يسببونه من ألم للآخرين".

وقال إن الحصار المفروض على القطاع بدأت تخف حدَّته تدريجيًا، لكنه لم يُرفع تمامًا. وقال "أعتقد أن عملية رفع الحظر البطيء ستستمر، على الأقل لحين حدوث الأزمة الكبيرة التالية"!

اخبار ذات صلة