تولدت المخاوف الفلسطينية من استجابة رئيس السلطة محمود عباس للضغوط الأمريكية، والعودة إلى المفاوضات مع الاحتلال (الإسرائيلي)، لاسيما في ظل الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى أراضي الـ(48)، ومناطق السلطة في رام الله في شهر آذار (مارس) المقبل.
يذكر أن "داني أيالون" نائب وزير الخارجية (الإسرائيلي)، توقع عقد قمة رباعية تجمع (إسرائيل) وفلسطين والأردن بمشاركة الرئيس الأمريكي الذي يزور المنطقة الشهر المقبل، ورجح المسئول (الإسرائيلي) عقد تلك القمة في الأردن بمشاركة الملك عبدالله الثاني.
اجتماعات سرية
وكشف إبراهيم الدراوي مدير مركز الدراسات الفلسطينية بالقاهرة في الإطار، عن اجتماعات سرية جرت في رام الله بين السفير الأمريكي (دان شبيرو)، ورئيس السلطة وشخصيات محسوبة على منظمة التحرير، "طلب شبيرو خلالها تجميد ملف المصالحة لحين انتهاء زيارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما إلى المنطقة".
"الدراوي: وعد باستئناف المفاوضات إذا تجمدت المصالحة
"
وقال الدراوي في تصريحات خاصة لـ"الرسالة": لذا لم يكن غريباً انتهاء اجتماعات الفصائل الفلسطينية "الإطار القيادي لـ م.ت.ف" بالقاهرة مساء السبت الماضي دون التوصل إلى جدول زمنى لتنفيذ بنود اتفاق المصالحة"، وأضاف أن السفير الأمريكي وعد "أبو مازن" باستئناف ملف المفاوضات مجدداً مع الجانب (الإسرائيلي) "في حال تجميد ملف المصالحة"، وذلك حسب معلومات مؤكدة لديه.
وكان مصدر مصري مطلع على حوارات القاهرة، أكد أن عباس تلقى اتصالاً هاتفياً من السفارة الأمريكية في رام الله -أثناء ترأسه اجتماع الإطار القيادي حضره الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية- أبلغته خلاله بوجود فيتو أمريكي على إتمام المصالحة الفلسطينية، وأنه يجب إعطاء فرصة لمهمة وزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري لإحياء عملية التسوية، علماً بأن عباس غادر القاهرة قبل حسم أي من الملفات الخمس المقرر مناقشتها في الاجتماع وتحديداً ملف المنظمة والحكومة والانتخابات.
فيتو على "الشراكة"
يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء، أكد أن "الفيتو" الأمريكي- (الإسرائيلي) له تأثير قوي على استكمال المصالحة الفلسطينية، لافتاً إلى أنه كان سبباً رئيسياً على مدى السنوات الماضية في فشل جولات المصالحة وتباطؤها.
وأوضح رزقة في حديثه لـ"الرسالة" أن زيارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" المتوقعة للمنطقة ربما تضع شروطاً جديدة على المصالحة الفلسطينية تماهياً مع الموقف (الإسرائيلي)، مشيراً إلى أن ذلك يأتي في الوقت الذي لم تحقق فيه المفاوضات أي تقدم حقيقي.
"رزقة: المصالحة لا تتم إلا إذا قفزت السلطة عن "الفيتو"
"
وشدد رزقة على أن "المصالحة لا تتم إلا إذا قفزت السلطة عن الفيتو الأمريكي و(الإسرائيلي)، مبيناً أن أمريكا و(إسرائيل) كانتا تشترطان على حركة حماس الاعتراف بـ(إسرائيل) وأوسلو ونبذ المقاومة.
وقال "من الطبيعي أن المصالحة ستأتي بحماس شريكا في الحكم، وبالتالي فإن الاشتراطات القائمة على حماس هي المفروضة على عباس، ومعنى ذلك أن المصالحة ستتعرقل من جديد رغم الخطوات التي لها ظاهر ايجابي في تقدم بعض إجراءاتها".
وأضاف "المطلوب فلسطينياً النظر للمصالحة على أنه لا علاقة لأمريكا أو (إسرائيل) فيها(..) إذا اتفق الطرفان على أنه لا علاقة للأطراف الخارجية فيها فإنها ستنجح"، معتبراً أن نجاح المصالحة يكمن في عدم خضوع السلطة لشروط الدول الخارجية وخاصة أمريكا و(إسرائيل) اللتان لا تريدان لحماس أم تكون شريكاً في الحكم.
خضوع للضغوطات
وبخلاف ما ذكره رزقة، فإن النائب الفتحاوي عبد الله عبد الله، يرى بأن الفيتو الأمريكي -(الإسرائيلي) ليس هو العقبة الرئيسية أمام إنهاء الانقسام الفلسطيني القائم، مُلمحاً إلى وجود "أطراف داخلية" ليس من مصلحتها انجاز المصالحة وإنهاء الانقسام.
وقال القيادي الفتحاوي "لا نستغرب أن أمريكا و(إسرائيل) لا تريدان وحدة الموقف الفلسطيني"، نافياً أن تكون حركته قد انصاعت يوماً لـ"الفيتو" وهناك أمثلة على أن القيادة الفلسطينية لم تتأثر بالضغوطات أو المواقف التي تختلف عن المصلحة الوطنية العليا!، وفق زعمه.
"عبدالله: أطراف داخلية ليس من مصلحتها إنهاء الانقسام"
ورغم أن عبد الله اعتبر في حديثه لـ"الرسالة" أن إنهاء الانقسام مصلحة وطنية عليا لا شئ يتقدم عليها، إلا أنه يرى في الاتفاق على مرجعية واحدة ضرورة ملحة لتجاوز الخلافات في البرنامج والرؤى السياسية المختلفة بين جميع الأطراف، في إشارة إلى إعادة تفعيل وتطوير "م.ت.ف".
حديث النائب الفتحاوي السابق جاء مغايراً لما كان قد صرح به صبري صيدم نائب أمين سر المجلس الثوري لفتح، فقد أكد إن التحفظ الأمريكي على إتمام المصالحة الفلسطينية "لم ينته"، وقال "يجب أن يرى العالم، بما في ذلك الإدارة الأميركية، أن المصالحة الفلسطينية ليست عبئاً على أي عملية سلمية (...) تقزيم الحلم الفلسطيني بخلق دويلات في الضفة الغربية وقطاع غزة لم يخدم السلم والأمن في المنطقة".
"الفيتو" الداخلي الفلسطيني
وتوافق النائب المستقل حسن خريشة مع ما ذكره رزقة، بأن "الفيتو الأمريكي" على تحقيق المصالحة سيكون ماثلاً في زيارة "جون كيري" وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة قريباً وبعدها زيارة أوباما من أجل تفعيل ملف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني و(الإسرائيلي).
وأشار لـ"الرسالة" إلى أن هناك أطرافاً خارجية أخرى تسعى لإعادة ما تسمى عملية السلام مع (إسرائيل)، مؤكداً أن الهدف من كل هذه المساعي "تعطيل أو تأجيل المصالحة والعودة مجدداً إلى المفاوضات".
"خريشة: يجب التغلب على "الفيتو" الداخلي قبل الخارجي
"
ويرى خريشة بأنه يجب التغلب على ما قال عنه "الفيتو الداخلي الفلسطيني" قبل التغلب على الفيتو الخارجي، مشدداً على أهمية الوقوف على أسباب الخلافات والضغوطات الداخلية ومن ثم البحث في الضغوطات الخارجية. وقال "الأصل في الأشياء هو امتلاك الرغبة الحقيقية في إتمام المصالحة وليس التعايش في ظل حالة الانقسام الموجودة".
وانتقد خريشة في الإطار، اقتصار اللقاءات المتكررة بين رئيس السلطة محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، على البحث في الملفات الثانوية وتأجيل إجراءات البدء بمصالحة حقيقية وفعلية، لافتاً إلى أن "الملفات الثانوية" لها لجانها التي يمكن أن تنجزها بعد تحقيق المصالحة.
يجدر الإشارة إلى أن حركتا فتح وحماس قد توصلتا في مايو/ آيار 2010 إلى اتفاق للمصالحة برعاية مصرية وتم الاتفاق على تفعيله الشهر الماضي، فيما توصلتا في فبراير/ شباط 2011 برعاية قطرية إلى تشكيل حكومة موحدة مستقلة تتولى التحضير للانتخابات العامة.