لست شامتاً، ولكن لا أستطيع أن أخفي سروري لما حدث لوفد التشريعي في بلغاريا أو قل لوفد حماس الذي رُحِّل إلى المطار دون جوقة الحرس الوطني البلغاري أو حتى البساط الأحمر، حتى تراهم بنات خالهم كما يقول المثل الغزاوي، حين أدخلنا الإعلام المحلي وكأننا في معركة اختراق الجبهة الأوروبية من أوسع أبواب بلغاريا وتذكرنا بحفلات اختراق فتح لتلك الجبهات الاوروبية التي كان يقودها ياسر عبد ربه حين خُرقت فتح ووجدنا أن فلسطين بأكملها أصبحت مخروقة بأُوسلو الأوروبية كأكبر خوازيق الجبهة الأوروبية بعد خازوق بلفور.
لا يخفى على متتبع للتاريخ احتراف أوروبا لفن التدجين السياسي لحركات التحرر الفلسطينية عبر موسوعة من لقاءات اختراق تبدأ طلابية أو نقابية وربما عبر فن ودبكات أو حتى زيجات مخروقة ترتبها المخابرات الغربية وورش عمل لاستكشاف نفسيات قادة العمل الوطني ومثقفي الشعب الفلسطيني كي تصوغ ثقافة نبذ العنف والإرهاب بين يدي زيارات متكررة لمعالم المدن الغربية كنوع من الصدمات النفسية الاختراقية تُدخل المثقف الفلسطيني في دائرة الشعور بالنقص كما يقول علماء النفس الاجتماعي، وكأننا لم نخترق سماء (تل أبيب) بصواريخ القسام العبثية أو كأننا في مرحلة اثبات الذات كي نجد لأنفسنا باباً ندخله الى أوروبا عبر ربطة العنق أو عبر ابتسامة من يقترح نبذ الارهاب تسويقاً لحماس.
لا أقول أن تغمض حماس عينيها وتقول لا يراني أحد ولكن عليها أن تسوق نفسها برسالتها وبرنامجها المقاوم وميثاقها التي جعلها الله أمينة عليه وأن تصدح أن (إسرائيل) كائن زائل وأن مقاومته واجب عالمي أخلاقي وعلى أوروبا أن تكفِّر عن ذنبها في تحمُّل وزر انشاء (إسرائيل) وترتب زيارات للوفود الاوروبية تبهرهم بصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وتأخذهم في جولة أنفاق سياحية ولها أن تمنع أي وفد أوروبي لم يؤمن بوجوب زوال (إسرائيل) حتى لو استنكر رياض المالكي ذلك ومن حقها أن تضع بلغاريا على قائمة الدول الوقحة والداعمة للإرهاب الصهيوني, ألم تخترق المقاومة في غزة جدار صمت وخنوع الشعوب العربية وتجعل فيهم "الشعب يريد تغيير النظام" وتجعل منهم "الشعب قد غير النظام"، ألم تخترق المقاومة في غزة جدار الحصار فتأتيها الوفود العربية والاسلامية ويأتيها من الرؤساء ما لم تحلم به بلغاريا أو عباس، ألم تخترق المقاومة جدار السجون لتخرج أكثر من ألف إرهابي أيديهم ملطخة بدماء اليهود؟، ألم تخترق الجيش الذي لم يقهر وتجعل منهم من يقضي منتحراً ومنهم من ينتظر؟ ألم يكفِنا أكثر من مائة عام كي نعرف شعار أنا اقاوم أنا موجود؟.