هادرا كبحر الكوانين، مسرعا كالريح الصريم، صارخا بصوت كالرعود في يوم ماطر شديد البرود، حزينا مكفهرا واجمعا وكأن الدنيا أُسقطت بين يديه، مثقلا بالهموم والأحمال ويئن كالمكلوم، يا الله صرخت من أعماقي وقفت في طريقه ممسكا به بكل ما أوتيت من قوة، عاركته وعاركني ألقيته أرضا صرخت في وجهه، صمت قليلا ثم أخذا يبكي كالطفل دون أن ينطق بكلمة وألقى برأسه في حجري وديعا مستكينا مطمئنا.
تنهد من أعماقه ملتقطا أنفاسه وقال: لا تخف ما جننت، فالعقل لازال بخير ولكنها ثورة الغضب، لا شيء يشي بأن هناك أمل بأن يتحرك القوم ، الأقصى ألم تسمعه ، العيساوي وشراونة؟ ألم يحركوا فيك شيئا من ضمير؟، يا أيها الصارخون في الأعماق، أهو الصدى أم صمت القبور؟، قد نظلم القبور ، وحديثها مخيف لو سمعناه ، وما يجري فيها مقدمات لنهايات إما جنة أو نار، أم نحن دعاة الحياة؟، الموت في داخلنا يسود وبلا حدود، ثم نقول بأننا أحياء ونحن أموات.
تحركوا.. أصرخوا.. فلن يسمع لكم أحد لا فوق القبور ولا تحتها ، حتى صراخكم لن يصل إلى مسامعكم فصراخكم أجوف لا صوت أو صدى صوت له، فالقدس تستباح، بل الأمر اخطر من الاستباحة هي على وشك الانهيار، العيساوي والشراونة وإخوانهما يصارعون الموت ، وانتم تتحدثون ومسيراتكم تدور والأمم المتحدة تخاطبون، ومؤسسات حقوق الإنسان فحدث ولا حرج.
ما عدت أخاطبكم، سئمت ما تفعلون وما عاد لي بعد الله إلا أن اذكر من وعد بالتدخل ، لقد آن الأوان ان تتدخل ، لم يعد هناك من وقت للانتظار، لابد من تحرك وعلى وجه السرعة وإلا ستصبحون مثلهم مجرد صرخ وضجيج بلا صوت أو صدى صوت، فهل تقبلون؟
آن الأوان أن تزمجروا في ساح الوغى وتبحثون عما يشفي الغليل، لن يوقف العربيد عن عربدته إلا أن يكون هناك ما يؤلمه ويحط من هيبته ، ولا مجال لنا أن نفعل ذلك إلا عبر أسر جنوده ومستوطنيه، لا فرق فكلهم جنود، سئمنا الوعود تحركوا وإلا ستكونوا مثلهم بل أكثر منهم، افعلوها وإن فشلتم في مرة ستنجحون في مرات ومرات، المهم أن تتحركوا بجد وألا تركنوا إلى هذا الصراخ الذي يحدث، أو تلك المناشدات التي ترسل، أو الوعود الرنانة التي لا تملك حولا ولا قوة، انتم الأمل ، انتم الخلاص ، انتم من يُسمع له ، فهل ستسمعونا وترعبوهم؟، نحن لن ننتظر طويلا فقد مللنا الانتظار، ولا نريد منكم وعودا، بل نريد عملا وفعلا قريبا قريبا.