عدنان نصر- الرسالة نت
مع إطلالة هلال شهر رمضان برز الرئيس الأمريكي براك أوباما متشحا ثياب الواعظين مهنئا المسلمين في أصقاع العالم، ودعا الفلسطينيين والإسرائيليين، والدول العربية للمساعدة في بدء مفاوضات الحل النهائي، على أمل بالخروج من المأزق الذي يواجه خطة سلامه المنشود بحل الدولتين وانهاء الصراع العربي – الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
الهدوء المصطنع الذي حاول أوباما إبداءه في رسالته لأطراف الصراع فشل في حجب دوامة التفكير عن وجهه الأسود، فأمنيته بتحقيق السلام التي عجز عنها رؤساء سابقون تربعوا على كرسي المكتب البيضاوي لا زالت تصطدم بثلاثة عراقيل فشل موفدوه في تليين رؤوس أقطابها.
** ثلاث عقبات
وشهدت العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية توترا لم تعهده منذ عشرة سنوات، فالخلاف القائم الآن حول مدة تجميد المستوطنات، وإمكانية استئناف "إسرائيل" للبناء لاحقا بعد انتهاء المدة المؤقتة، فأوباما يريد التزاما إسرائيليا بوقف الاستيطان لعام على الأقل باعتبار أنها المدة المطلوبة لإتمام التسوية التي ترقد في غرفة الإنعاش.
المشكلة الأهم فشل مبعوثي أوباما في تليين عقول الدول العربية بقبول التطبيع مع إسرائيل ، حيث تضع الأولى الكرة في ملعب إسرائيل لإعادة إحياء العملية السلـمية، ومع ذلك فان أوباما لم ييأس ووجه دعواته لدول عربية كانت لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل .
و حذرت حركة حماس الدول العربية من مغبة الاستجابة للضغوط الأمريكية للتطبيع مع "إسرائيل" مقابل إعلان غير موثوق تجميد الاستيطان، وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس: إن الاستجابة لهذا المطلب مقدمة خطيرة لانهيار سياسي عربي بالكامل، فأوباما يتبنى السياسات الأمريكية القديمة ويمارس الضغط على العرب مقابل وعود خالية من أي مضمون.
ونقلت الإذاعة العبرية عن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن أعمال البناء في المستوطنات مجمدة عمليا لكن إسرائيل لن تحتمل وضعا كهذا لوقت طويل، مشيرا إلى أن هناك قضايا عديدة في العالم عدا الشرق الأوسط فليذهب أوباما ويحلها أولا.
وعلى صعيد استئناف المفاوضات فإن الطرفين كالا سيلا من الاتهامات بعد دعوة أوباما بالعودة السريعة للمفاوضات، وحمل الإسرائيليون السلطة الفلسطينية برفض دعوات نتنياهو لاستئناف المفاوضات ووضع شروطا مسبقة على طاولة المفاوضات، في حين يرى المفاوض الفلسطيني أنها ليست شروطا جديدة وإنما تعهدات قطعتها إسرائيل في اتفاقيات سابقة لتجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
**طبخة أمريكية
وذكرت صحيفة "معاريف" أن الرئيس الأمريكي سيستغل اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة نهاية الشهر القادم الذي سيجمع الرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالإضافة إلى مشاركة دول المجموعة الرباعية, والأطراف العربية لتحريك عملية السلام .
ومن المقرر أن يوضح نتنياهو لمبعوث اوباما وجهة نظره أن الكتل الاستيطانية في القدس ستبقى خارج عملية وقف البناء ، أما في الضفة الغربية فستتوقف لفترة محدودة مصحوبة بتقدم ملحوظ في المفاوضات.
ويرى المراقبون أن أوباما قد يدخل تعديلات على خطته لحل الصراع في الشرق الأوسط والقبول بتجميد متعثر يتناغم مع الشروط الإسرائيلية في حال تصلب المواقف المشتركة بعملية السلام.
ويقول طلال عوكل المحلل السياسي: إن أوباما سيدخل تعديلات جوهرية في النهاية ما دام يواجه مواقف متصلبة، مشيرا إلى أن خطة السلام الأمريكية ستشهد زخما واسعا واتصالات مكثفة لإدخال تعديلات مناسبة ترضي جميع الأطراف.
ويضيف عوكل: الموقف الفلسطيني والعربي يرفضان التطبيع، ووقف الاستيطان المؤقت، وهو ما سيدفع أوباما لإجراء تعديلات(..)، لكن المهم أن يستخدم أدوات تمرير مناسبة لخطته، وممارسة الضغط بشكل مغاير على إسرائيل.
وأكدت مصادر أمريكية ومصرية عقب زيارة مبارك للبيت الأبيض أن أوباما وعد نظيره ببلورة خطة للسلام سيعلنها خلال أسابيع ستتوقف على نتائج مبعوثه الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشيل مع نيتانياهو في لندن الأسبوع المقبل, وذلك فيما يتعلق بالطرح الأمريكي بتجميد كامل للمستوطنات, ووقف البناء لمدة عام، مما يسمح باستئناف المفاوضات حول الحل النهائي.
ويقول ناصر اللحام الخبير في الشئون الإسرائيلية:" هناك طبخة أمريكية تشمل جميع الأوراق التي طرحت في المنطقة مثل التفاوض على هضبة الجولان مع سوريا والتركيز على إعلان القدس عاصمة للدولة الفلسطينية والتفاهم بشأن عودة اللاجئين والتعويضات.
ويضيف :" القادة العرب والإسرائيليين مشغولون في تلك الأثناء، فهناك صفقة سياسية تاريخية ومن المرجح أن يعلنها أوباما نهاية الشهر الجاري.
ويقول عوكل: إن وثيقة ميتشل لاستئناف المفاوضات هي إطار لخطة السلام التي ينوي أوباما الإعلان عنها، توضح آليات الاتفاق والشروط المطلوبة من أقطاب السلام.
ويتوقع عوكل واللحام أن تمارس الإدارة الأمريكية ضغطا على الدول العربية فهي لم تفرط في إخلاصها لإسرائيل رغم التوتر في العلاقات الدبلوماسية الذي نشب حول تجميد الاستيطان، فهي تتفنن في خدمة المصالح الإسرائيلية.