طالب مختصون في الشأن الاقتصادي الدولي والفلسطيني الدول العربية للمسارعة في الالتزام بشبكة الأمان المالية وإعطاء إشارات وقرارات وخطط تنفيذية واضحة لاحتضان المصالحة اقتصادياً كما احتضنوها سياسياً.
ورأى مراقبون للوضع الاقتصادي الفلسطيني أن التهدئة التي أبرمت بين المقاومة و(إسرائيل) عقب العدوان الأخير في نوفمبر المنصرم، أعطت للاقتصاد الغزي هامشاً أوسع للتحرك فيه كالصيد والزراعة وتسهيل حركة التجارة بين غزة والخارج وإدخال مواد خام للبناء لكن الحصار قائم .
جاء ذلك خلال الجلسة الختامية لمؤتمر "الحرب على غزة .. التداعيات وآفاق المستقبل" التي جاءت بعنوان الحرب من المنظور الاقتصادي والاجتماعي.
إنهاء الاحتلال
وأكدت د. سارة روي – هي أمريكية يهودية مناصرة للقضية الفلسطينية – خلال تقديمها الورقة الأولى على ثلاث قضايا رئيسية أهمها أن المصالحة الفلسطينية أحد الادوات؛ لإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية.
وتحدثت روي عن التأثير الذي شكله الفصل الجغرافي بين الضفة وغزة على الاقتصاد الفلسطيني، مبينةً أن الانفصال بين المنطقتين قسم الأراضي الفلسطينية لكن لا بد من وحدة سياسية لتنمية الاقتصاد.
وقالت الباحثة الأمريكية "فصل الأراضي الفلسطينية لمنطقتين جغرافيتين أدى لفصلها كذلك لمنطقتين اقتصاديتين وهذا الفصل يعد من أفضل الانجازات التي صنعتها (إسرائيل) منذ 2001" .
وأشارت إلى حدوث تغير مهم في الصراع (الاسرائيلي) - الفلسطيني منذ عامين يتمثل في التغيرات التي أنتجت مجتمعاً فلسطينياً يحتاج لخدمات اغاثية بدلاً من إيجاد حقوقه السياسية.
ورأت روي أن الفصل بين الضفة وغزة أثر على الوضع اقتصادياً بين المنطقتين، مستطردةً "المساعدات ووقفها والحصار المفروض على غزة عقاب جماعي على سكانها".
وعدَّت استمرار التهديد الأمريكي لدعم السلطة مادياً يهدف لخدمة أمن (اسرائيل)، كما لفتت إلى أن الانتخابات الفلسطينية عام 2006 شكلت نقطة تحول غيرت من التزامات بعض المانحين وأصبحت مساعداتهم كصدقات تنفق على الفلسطينيين .
وتابعت روي "أكثر من 300 مدرسة دمرت في الحرب على غزة في 2008 وهي نسبة كبيرة وعدد الطلاب يزداد لأن التعليم مهم بالنسبة للفلسطينيين وأكثر من 200 مدرسة يحتاج الفلسطينيون إلى بناءها والتعليم في الضفة الغربية أفضل بالنسبة للطلاب".
احتضان المصالحة
من جانبه، أكد د. نصر عبد الكريم أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة بيرزيت على ضرورة احتضان الدول العربية للمصالحة الفلسطينية لتحقيقها.
وقال عبد الكريم خلال عرضه الورقة الثانية ضمن الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بغزة "اذا انفصل البحث عن خلاص اقتصادي بين الضفة وغزة عن المسار السياسي الكلي لتحقيق الثوابت الفلسطينية يصبح الأمر خطير جداً".
وأضاف "يجب البدء بملف المصالحة وأي ترتيب اقتصادي على ضوء الصمود الأسطوري الذي تحقق في العدوان الأخير يجب أن يتم في إطار السلطة ويجب أن يأتي هذا الأمر بشكل شمولي".
وتمنى عبد الكريم أن يكون للمصالحة حظ جيد وفرصة مناسبة، مطالباً الدول العربية باحتضان المصالحة لتولد هواجس لدى البعض في حال اتمام المصالحة أن يكون لها خوف اقتصادي.
وتحدث الباحث الفلسطيني عن البعد الاقتصادي للعدوان الأخير على غزة والفرص والتحديات التي خلقها العدوان .
وأوضح أنه لا يمكن في ظل احتلال غاشم أن يحقق الاقتصاد الفلسطيني تنمية أو يخطو خطوات تنموية.
وتابع "لا حياة للاقتصاد في الضفة بدون اقتصاد في غزة ولا مشروع وطني قادر على أن يستمر في تحدي اسرائيل بدون مصالحة".
ونبّه إلى أن الاتفاقات الموقعة في أوسلو وباريس أوجدت سلطة منقوصة السيادة وأوجدت اقتصاد فلسطيني مشوه.
وأردف عبد الكريم "السياسات الاقتصادية التي كان من الممكن للسلطة أن تعمل فيها لم تكن مطروحة على الاطلاق ما أدى لتعمق التشوهات الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية".
وأكد أن (اسرائيل) عندما وقعت الاتفاقات مع السلطة كانت تريد فرض وقائع جديدة على الأرض لخلق حالة تشوه في الاقتصاد الفلسطيني وحالة تبعية لها.