في لعبة الأطفال الشهيرة عسكر وحرامية كان العسكر دائما ينتصرون، بعدما يلقون القبض على الحرامية، ويودعونهم السجن في إشارة إلى منطق الطفولة البريئة الذي يعبر عن قانون الصراع والعقاب بين الأشرار والأخيار.
الحرامي رمز من رموز الإجرام، يسرقك، يقهرك، "يعلم عليك"، لكنك تجن ويطير عقلك إذا اكتشفت الحرامي، أو ألقي القبض عليه، وفجأة تراه أمامك حرا طليقا، إما بسبب قصور في إجراءات البحث والتحري، أو حكم قضائي بالسجن 3 - 6 شهور، يقضيها "استراحة حرامي"، ثم يخرج ليواصل بحرفية أكبر، وقد حاز على لقب "صاحب سوابق" وهي رتبة إجرامية أخذ يتباهى بها أكثر مما تخجله أو تفضحه.
الأسبوع الماضي سرق حرامي "موتسكل" الزميل ابو علي المذيع في راديو الرسالة من داخل العمارة حيث مقر مؤسسة الرسالة والاعلام، اجتهد الشباب وقدموا للشرطة تسجيل كاميرات المراقبة، وشاركوا في التحقيق مساهمة في تسهيل مهمة المباحث، وحددوا هوية مشتبه به، لكن "الموتسكل" لم يرجع، لأن المشتبه به قال في التحقيق انه كان يحسس على "الموتسكل" قبل حادثة السرقة، ليس بغرض السرقة بل ليسمع صوت جهاز الانذار.
"قالوا للحرامي احلف قال جالك الفرج".
تم الافراج عن المشتبه به لعدم كفاية الادلة، وعدم كفاية عدد رجال المباحث الذين يقتصر عددهم على 11 عنصرا يغطون منطقة الشاطئ حتى ابراج الكرامة شمالا، وبقي: "حرامى بلا بيًنة سلطان زمانه".
الاثنين الماضي عاد الحرامية وسرقوا "موتسكل" الزميل ابو البراء الاداري في المؤسسة من امام المقر أيضاً، ولان "التحسيس" نجح في المرة الاولى، وصار يمكن التحسيس مرة ومرة، اصبحت لعبة عسكر وحرامية "بايخة" بسبب تفوق الحرامية، وانطبق عليهم قول المثل: "دشرنا الحرامي والحرامي ما بيدشرنا".
يبدو ان تفوق الحرامية في هذه اللعبة ليس شطارة وذكاء بقدر شعور العسكر بالإحباط، لانهم كلما مسكوا حرامي، خرج من السجن، وعاود نشاطه، وربما قانون اللعبة أصبح يخدم الحرامية اكثر مما يخدم العسكر، بل اصبح يقدم جوائز للحرامي، وعلى رأي الفيلسوف الصيني القديم "لاو تزو": "كلما زاد عدد القوانين زاد عدد اللصوص".
الخشية ان يفقد الاطفال ايضا حماسة اللعبة، والتنافس على لعب دور العسكر، ويفضلوا دور الحرامية الذين اصبحوا ينتصرون في نهاية اللعبة.
النتيجة التي اوصلتنا اليها قواعد اللعبة الجديدة انه يبقى الحال كما هو عليه وعلى المتضرر ان يلجأ الى الله، لهذا نقول للزملاء ابو علي وابو البراء عوضكم على الله وننقل لهم ابيات قصيدة
"حلمنتيشي" للحرامي تقول له:
احترامي للحرامي
احـتـرامــي.. لـلـحـرامــي
صاحب المجـد العصامـي
صبـر مـع حنكـة وحيطـة
وابـتـدا بسـرقـة بسـيـطـة
وبعـدهـا سـرقـة بسيـطـة
وبعـدهـا تَـعـدى محـيـطـه
وصار في الصف الأمامي
احـتـرامــي.. لـلـحـرامــي
احـتـرامــي.. لـلـحـرامــي
صاحـب النفـس العفيـفـة
صـاحــب الـيــد النظـيـفـة
يـولــي تطـبـيـق الـنـظــام
أولــــويــــة واهــتـــمـــام
مـــــا يــقـــرب لـلــحــرام
إلا فـــي جــنــح الــظــلام
يـســرق بـهـمـة دؤوبــــة
يـكــدح ويـمـلـي جـيـوبـه
يعـرق ويـرجـي المثـوبـة
مـا يـخـاف مــن العقـوبـة
صـار يحكـي فــي الفـضـا
عــن نـزاهـة مــا مـضــى
وكـيــف آمــــن بـالـقـضـا
وغيـر حقـه مــا ارتـضـى
احـتـرامــي.. لـلـحـرامــي
احـتــرامــي لـلـنــكــوص
عــن قوانـيـن ونـصـوص
احــتــرامـــي لــلــفــســاد
وأكــــل أمــــوال الـعـبــاد
والــجــشــع والازديــــــاد
والـتـحــول فــــي الــبــلاد
مـن عمومـي للخـصـوص
احـتــرامــي لــلــصــوص