قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: للنذالة وجوه أخرى

أ. وسام عفيفة
أ. وسام عفيفة

أ. وسام عفيفة

في رام الله صراع خفي بين الرجلين القوييْن: الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، وأحد صوره استقالة وزير المال في حكومة فياض.

الخلاف بين الرئيسين يأخذ أبعادا مختلفة، ولكنهما مجبران على بقاء شعرة معاوية.

مع مرور الوقت فياض تحول إلى ضرة لعباس بعدما قررت أمريكا الارتباط بهما معا في زواج مصلحة, فاشتعلت الغيرة وتصاعد الكيد بين عباس وفياض منذ (مايو/2008) حول إدارة القنوات السرية بين السلطة من جانب، والاحتلال وأمريكا من جانب آخر.

كان لفياض اتصالاته وقنواته الخاصة مع الأمريكيين منذ توليه وزارة المالية في عهد الراحل ياسر عرفات, وبعد تولي فياض رئاسة الوزراء في عهد عباس حافظ على قنواته واتصالاته الخاصة مع الأمريكيين، ولكن ذلك كان بصورة واسعة، فأنشأ قنوات اتصال سرية خاصة به مع الاحتلال بعيدا عن عباس.

تلك الاتصالات والقنوات الخاصة شكلت تخوفا عند عباس على مستقبله السياسي، فحاول مرارا أن ينتزع تلك القنوات من فياض، ولكن دون جدوى.

برزت حدة الخلافات عندما طلب عباس من فياض أن يوحد الاتصالات بين السلطة والجانبين (الصهيوني والأمريكي) تحت قيادته، ولكن فياض رفض بشدة، ما أغضب عباس، فبدأ العمل منذ ذلك الوقت وفكر جديا في إقالة فياض الذي لا ينتمي إلى فتح ولا يحظى بثقة قياداتها الذين طالبوا بدورهم عباس مرارا بإقالته وإنشاء حكومة فتحاوية خالصة خوفا على مشروعهم من فياض.

خلال الأسبوع، زارني في المكتب مختار "للنظر في قضوة".. خرجنا في نهاية الزيارة "بصلحة وعشوة".. المهم: على ذمة المختار أن صديقين كانا يسيران في الشارع فإذا بأحدهما يقول للآخر: أريد أن أصارحك: "أنا نذل!".

رد عليه صديقه: "أنا أريد أن أفاجئك: أنا أنذل منك!", ونشب خلاف بينهما حول الأكثر نذالة حتى تطور الأمر إلى شجار كاد أن يصل إلى عراك بالأيدي حتى تدخل أحد المارة, فقصا عليه سبب الخلاف, فاقترح عليهما الوسيط حلا بأن يمضيا في طريقهما، ومن يفعل عملا أكثر نذالة يحوز اللقب.

مضى النذلان في طريقهما وكل منهما يمني نفسه بعمل يجعله يتفوق نذالة على صديقه حتى وصلا مسجدا وقد خرج الناس من الصلاة, في حين كان رجل عجوز كفيف يجلس على باب المسجد وهو يتسول.

تقدم أحد النذلين من الرجل العجوز الذي مد يده سائلا: "لله يا محسنين", فما كان منه إلا أن خلع حذائه وضرب به يد العجوز ورأسه ووجهه, ما أثار غضب المارة الذين شتموه ونعتوه بالنذل.

وعندئذ توقف عن ضرب العجوز ونظر إلى صديقه قائلا: أرأيت؟.. لقد نعتني الناس بالنذل.. لا يوجد هناك من يفعل أنذل مما عملته.

ولكنه وجد صديقه يبتسم بمكر, ورد عليه بتشف قائلا: هل تعلم أن الرجل العجوز الكفيف المتسول الذي كنت تضربه بحذائك هو والدي؟.

البث المباشر