قائمة الموقع

حماس ومصر.. « لعبة الشيطنة »

2013-03-04T15:15:33+02:00
قوات من الأمن المركزي في مصر (الأرشيف)
غزة - شيماء مرزوق

إذا جلست يوما أمام التلفاز وقررت أن تشاهد برامج "التوك شو" المصرية فأنت مضطر إلى أن تلغي عقلك وتسافر بعيدا عن المنطق حتى تستطيع أن تستوعب وتتقبل حجم الإشاعات الضخمة التي تروجها هذه البرامج ضد قطاع غزة وحماس تحديدا, فالحركة التي تدير بقعة صغيرة كغزة لم تترك شيئا إلا وفعلته في بلد الثمانين مليونا.

"تهريب السلاح.. إثارة القلاقل في مصر.. تنفيذ هجمات ضد الجيش.. السيطرة على سيناء.. تدريب عناصر من الإخوان.. حماية قصر الرئاسة.. المساهمة في قمع المحتجين وقتلهم وقطع الكهرباء", والقائمة الطويلة آخرها كان تهديد القسام بتنفيذ هجمات ضد الجيش المصري.

الذي يتابع هذه الإشاعات يعتقد أن الحديث يدور عن دولة كبرى وجيش عظيم يمتلك ترسانة ضخمة لا حركة مقاومة في بلد صغير محتل ومقهور, وهذا ما ينطبق عليه المثل القائل: "الكذبة تعرف من كبرها".

دائرة الاستهداف

لعبة الشيطنة التي تنتهجها المعارضة المصرية والأطراف الداعمة لها ضد الفلسطينيين وبخاصة حركة حماس باتت مكشوفة, وهي سياسة كانت منهجية في عهد مبارك ونجحت إلى حد ما في إقناع كثيرين بأن غزة تهرب السلاح وهي في أشد الحاجة إليه إلى مصر, بل تتطلع للسيطرة على سيناء.

وأشيع مؤخرا أن انقطاع تيار الكهرباء في مصر سببه أن "حكومة الإخوان" تمد غزة بالطاقة على حساب المصريين, وهذا ما يدل على أن أبواق النظام السابق لا تزال تسيطر على الآلة الإعلامية في مصر.

المحلل السياسي أحمد الحج أكد في هذا السياق أن المعارضة المصرية والأطراف الخارجية الداعمة لها تضع حماس في دائرة الاستهداف مع النظام الجديد باعتبار أنها جزء من التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمون, "ما يعطي انطباعا أنها على تنسيق مع إدارة الإخوان، وهذا يعني أن الهجوم عليها يندرج ضمن الحملة التي تشنها القوى العلمانية في مصر على الحكومة الإسلامية".

واعتبر الحج أن خصوم الإخوان في مصر جرموا كل من له صلة توافق أو تعاضد مع الجماعة، "وهذا أساس الحملة التي تشن ضد حماس مؤخرا، أي إنه يأتي على أساس القاعدة التي تقول: صديق عدوي عدوي".

وبين المحلل أن ما يحدث في المنطقة يندرج ضمن سياسة الفوضى الخلاقة التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية لخدمة مصالحها, موضحا أن كل الدول التي تندرج ضمن ما يسمى محور الاعتدال تابعة كليا لأمريكا.

وأشار إلى أن ما تحاول فعله أمريكا هو تغيير الرؤساء الذين كانوا عملاء لديها وإيجاد آخرين يفعلون الدور نفسه، "بمعنى أن يكون التغيير في شخصية الحاكم فقط لا في طبيعة النظام".

من جانبه، المحلل السياسي حسن عبد الله أكد أن المعارضة المصرية تتعامل مع الرئيس محمد مرسي على أنه رجل غزة الذي يضع مصالحها فوق المصالح المصرية, "لذلك وضعوا القطاع في مواجهة مع مصر, وباتوا يحملونه مسؤولية كل الأحداث التي تدور هناك".

واعتبر عبد الله أنه من الطبيعي أن يتركز اهتمام المواطن المصري على شؤونه الداخلية أولا ثم دول الجوار, "لكن غير الطبيعي أن يعتبر المصري أن الغزيين هم أعداؤه بل أن يحملهم مسؤولية تعثر النظام الحالي".

وشدد المحلل على أن مشكلات مصر لا علاقة لها بالقطاع والقضية الفلسطينية التي رفعت مصر يدها عنها منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد قبل ثلاثة عقود، قائلا: "رغم تفرغ مصر لشؤونها الداخلية فإنها عجزت عن تحقيق التنمية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي".

امتصاص الغضب

وكان الجيش المصري قد شن حملة شرسة مؤخرا لهدم الأنفاق على الحدود بين قطاع غزة ومصر دون الرجوع للرئيس مرسي، ما أدى إلى حدوث توتر بينه وبين الجيش, وهو ما يرى فيه بعضهم محاولة لتصدير الأزمة الداخلية التي عجزت حتى الآن كل أجهزة الدولة عن التعامل معها وإنهائها إلى خارج مصر.

وهنا، ذكر الحج أن زج غزة في الأحداث الداخلية لمصر محاولة لامتصاص غضب الشارع المصري، "لأن غزة لا تزال بالنسبة لأطراف المعارضة قاعدة مقاومة ومعادية لـ(إسرائيل) وتحتفظ بسلاحها وحقها في الرد على أي اعتداء تتعرض إليه, لذلك ستبقى مستهدفه ما دام أن أمريكا لم تضع يدها على القوى السياسية فيها بالكامل".

ولفت إلى أن الحملة التي يشنها الجيش المصري ضد أنفاق غزة تطبيق لسياسة الحصار (الأميركي-الإسرائيلي) "الذي حاولوا تطبيقه أيام نظام مبارك لكن المتنفذين فيه آنذاك لم يسمحوا بذلك لأنهم كانوا مستفيدين من تجارة الأنفاق".

وذكر الحج أن الجيش المصري ليس قويا، "وهو اليوم في يد أمريكا تديره كما يحلو لها", معتبرا أن حماس أكثر فعالية من الجيش المصري وكل الجيوش العربية "التي تسير وفق الخطط الأمريكية".

عبد الله بين من جانبه أن الإعلام المصري لا يزال يحاول أن يصور حماس كأنها الشيطان، "ويتهمها بأنها التي جاءت بالحروب إلى مصر لمصلحة فلسطين"، موضحا أن رجال النظام السابق يسعون إلى استكمال الفوضى الخلاقة التي أوجدتها "أيدي ما قبل الثورة".

وشدد على أن ذلك الإعلام يتجاهل العودة إلى الوراء حين لا يذكر أن الحدود بين قطاع غزة ومصر بقيت مؤمنة طوال أيام الثورة، وأن حماس قدمت كل المساعدات للقوات المصرية على الحدود بعد أن انقطع اتصالها بقياداتها المركزية.

حماس التي أرهقها كثرة بيانات النفي والاستنكار للإشاعات التي تروج ضدها ترى في هذه الحملة المنهجية خدمة لمصالح (إسرائيل) التي تعتبر المستفيد الأول من توتر العلاقة بينها وبين مصر.

واتهمت الحركة (إسرائيل) مباشرة بأنها تقف خلف هذه الحملة لتخريب العلاقات الفلسطينية المصرية سعيا منها لتحقيق أهداف سياسية من شأنها ضرب القضية الفلسطينية في عمقها، ولاسيما بعد تحسن العلاقات الفلسطينية المصرية عقب ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام السابق الذي كان جزءا من معاناة الفلسطينيين.

اخبار ذات صلة