"الحاجة أم الاختراع"، قول شائع أعطى غادة مفتاح باب الشهرة، لتدخل من خلاله إلى مسرح النجومية، ليس في مجال الفن أو الغناء، إنما في اختراع جهاز قد يعد طفرة في عالم الاكتشافات الحديثة.
الفتاة غادة محمد العسود (17عاماً)، نجحت في ابتكار جهازٍ لقياس درجة حرارة الطفل لا سلكياً، وإرسالها عبر الهاتف النقال من خلال رسالة نصية قصيرة (SMS) تحتوي على النتيجة.
فكرة الجهاز -المكون من قطعتين- تقوم على وصله بالشخص المريض من خلال القطعة الأولى، في حين أن الأخيرة تكون بحوزة الوالدين، قبل أن يبدأ بقياس درجة الحرارة وإرسالها برسالة نصية إذا تجاوزت ثمانية وثلاثين، شرط اتصاله بالإنترنت.
ويتكون الاختراع من جهاز دقيق، مرتبط بمجس حساس للحرارة يوضع تحت إبط المريض، ويعرضها النتيجة على شاشة LCD، قبل إرسالها -لا سلكياً- إلى الجزء الثاني، في محيط عشرين متراً، ويضاف إلى "مايكرو كنترولر دقيق"؛ لإرسال أصوات تنذر بخطورة الوضع.
فكرة تطوير الجهاز، لم تنقطع أبداً عن ذهن "غادة"، ففي الوقت الذي لم يستجيب الطرف الاخر لإنذار الأول، أو كان خارج المنزل مثلاً، يرسل الجهاز رسالة قصيرة إلى الهاتف المحمول.
زميلة غادة وابنة شقيقتها، اللتان تعانيان تشنجاً، جرّاء ارتفاع درجة حرارتهما، كانتا بمنزلة بداية الطريق لاختراع، أخذ بها نحو العالمية.
في حديثها مع "الرسالة نت" تقول غادة، "جاءتني الفكرة عندما ارتفعت درجة حرارة ابنة أختي، دون علم أهلها، ما سبب لها مشاكل(..) وصديقتي في المدرسة التي أصيبت بمرض عقلي، نتيجة ارتفاع درجة حرارتها، بلا علم والديها".
مديرية التربية والتعليم في محافظة الخليل قدّمت عرضاً، يتيح لأي شخص يمتلك فكرة اختراع، يتمتع بالنوعية وقادر على المنافسة، بأن يلتحق بالمسابقة، على أن يتأهل للتدريب في أمريكا.
عَلِمت غادة بالاقتراح ولم تكذّب خبراً، فسارعت إلى تقديم مشروعها، بعد مشاورات مع مدرستها وزميلاتها في الفصل، أملاً بأن تلاقي فكرتها القبول بين المعلمين.
"أحسست بأن الفكرة ستلاقي قبولاً ونجاحاً، وسخرت طاقتي لأكتب لها الخلود"، تقول غادة.
القبول جاء أخيراً من المديرية، عبر رسالة مفادها "سيري بمشروعك على بركة الله"، فباشرت بالقراءة والاطلاع على المشاريع، وأعدت عدتها، واستّلت قلمها من غمده، وبدأت برسم خارطة طريقها.
كان لشقيقها النصيب الأكبر في نجاح فكرة المشروع، ويعود السبب في ذلك إلى كونهما مهندسين مدنيين، إذ ساعداها على اختيار الأجهزة المناسبة وتقديم النصائح، التي لاقتها باهتمام واسع.
وصلت فكرة المشروع إلى العاملين في الجامعات الفلسطينية، وقابلوها بـ "رائعة .. استمري"، بعد الانبهار.
كان تمويل المشروع في بداياته بسيط، وانقطع بعد نضجه ووصوله إلى الحد المعلوم، وبأدوات بسيطة، حصل المشروع على المركز الأول في محافظة الخليل، مصحوباً ببراءة اختراع من الوزارة.
وتنتظر غادة بلهفة، التقييم النهائي على مستوى فلسطين؛ ليحصل أفضل ابتكار على جائزة السفر للولايات المتحدة الأمريكية، مع تبني شركة أجنبية للمشروع الفائز بالمرتبة الأولى.
تتحدث وتبدي رضاها بما وصل إليه الاختراع، قائلةً "المشروع فريد من نوعه، ومتيقنة من وصوله لمراحل متطورة(..) وأهدي هذا النجاح لصديقتي التي ألهمتني لفكرته ولأهلي وكـل فلسطين".