كان يا مكان في سالف العصر والأوان وما يحلى الحكي إلا بالصلاة على النبي العدنان.
كان في الضفة الغربية من الغابة الكبيرة صراع بين الحيوانات على السلطة.. كان هناك أسد، وهو سيّد المكان بلا منازع، وكل الحيوانات تخشاه وترتعد منه. فجاءه الكلب ليطلب منه أن يربطه! لم يصدق الأسد ما سمعه، فأطلق زئيره المرعب وكاد يطيح برأس الكلب.. غير أنّ الأخير أقنعه بأن "الكلاب" جماعته، يهزأون به وليس أمامه سوى أن يثبت لهم أنه قوي، ويُفهمهم بأنه سيد الغابة..!
فكّرَ الأسد مليّاً.. ثم وافق على مضض، وقال للكلب: أوافق على طلبك، لكن لا تشد الحبل كثيراً لكي أفكّه بسهولة ويسر..
بدأ الكلب بربط الأسد عند شجرة سنديان قديمة وكبيرة.. وشّد الحبل الى أقصى قدر ممكن.. فما كان من الأسد إلاّ أن قال له: إرخِ الحبل قليلاً.. فالأمر مجرد مزحة وحسب، فأجابه الكلب: ليس هذا وقت المزاح!! وبعد أن تأكد أنه ربطه جيدا قال الكلب: من هو الأسد.. أنا أم أنت ؟!
وجاء "بجماعته" الكلاب وأهل الغابة جميعاً .. وقال لهم: أنا مَن ربَط أسدكم .. وأنا سيد الغابة.. فامتثلت الحيوانات لأمر الكلب وصار هو السيد المطلق.
ظل الأسد أياماً يذرف الدموع ويعاتب نفسه ويقول: كيف وافقت على هذه المصيبة.. وكان كلما مرّ أتفه أنواع الحيوانات يسخر منه.. ويقول: أسد آخر زمن ..!
وفي لحظة ما أتى الى الأسد فأر وضحك عليه كثيرا حتى وقع مغشياً عليه .. وقال للأسد : ما كان أملي أن أراك مربوطاً .. وممَّن، من كلب؟!
ردّ عليه الأسد وقال: أرجوك خلصني مما أنا فيه، وأعدك أن يكون لك أرفع موقع ومنصب، وسأغدق عليك وأهلك ما لم تحلم به .. فوافق الفأر وبدأ يقضم الحبل بأسنانه .. وما هي دقائق حتى أصبح الأسد حُرّاً.
وقف الأسد قليلاً مستهجناً ما صار إليه من حال.. وقال: لست أنا مَن يبقى في غابة؛ الكلب فيها يربط.. والفأر يحلّ.
خلصت الحدوتة.. حلوة ولا ملتوتة.
اليكم كمان حدوتة..
زعموا أنَ قملة ً لزمت فراش رجل من الاغنياء دهرا ً فكانت تصيب من دمه وهو نائم لا يشعر، وتدبَ دبيبا رفيقا. فمكثت كذلك حينا حتى استضافها ليلة من الليالي برغوث، فقالت له: بت الليلة عندنا في دم طيب وفراش لين. فأقام البرغوث عندها حتى إذا أوى الرجل إلى فراشه وثب عليه البرغوث فلدغه لدغة أيقظته وأطارت النوم عنه، فقام الرجل وأمر أن يفتش فراشه فنظر فلم ير إلا القملة فأُخذت وقُصعت.. وفر البرغوث.
خلصت الحدوتة ..
ومن مراثي هذا الزمان:
غابت السباع ولعبت الضباع.
وجور القط ولا عدل الفأر.