قائمة الموقع

مقال: في آذار..

2013-03-21T08:47:59+02:00
أ. طاهر النونو (أرشيف)
بقلم / طاهر النونو

آذار.. شهر الزلازل والأمطار.. هكذا كان يقول أجدادنا قديما في محاولة لنظم قافية سجعية تناسب هذا الشهر.. ولكنه بالفعل شهر زاخر بالمناسبات والذكريات والأحداث التي تملأ جدول أيامه حتى يحتار المرء من أيها يبدأ وبأيها ينتهي.

في آذار نفتقد القائد المفكر الدكتور إبراهيم المقادمة ونقتفي ذكراه وعزيمته التي ما كان لها حدود، ونستحضر طريقه واضحة المعالم باتجاه القدس وخطه الإسلامي النقي الذي ما رأى عنه بديلا، وجهادا ما حاد عنه او ساوم عليه يوما.

في آذار كان فجر الياسين حيث اختار له الله خاتمة الشهادة لتكون ميلادا جديدا في الخالدين بعد ان غرس بذرة الحماس في الارض المباركة فأنبتت وأثمر يراعها وملأ الآفاق عبيرها، وباتت رقما صعبا في معادلة المنطقة، واصبح قسامها درعا وسيفا لهذه الامة ورمزا من رموز عزتها مهابا في طلعته، أبيا في عزته، تماما كما اراد له شيخنا فكان له بحق عظمة البناء وروعة الخاتمة.

في آذار تحتفل المرأة في انحاء المعمورة بيومها بعد ثمانية أيام من مطلعه، ولكن في آذار كان للمرأة الفلسطينية يوم آخر.. إنه يوم السيدة مريم فرحات التي يعرفها العالم بلقبها ام نضال.. ام الشهداء التي رحلت مخلفة دموع القادة والجماهير التي تقاطرت تزاحم حول نعشها في جنازة مهيبة لربما فاقت جنائز الكثير من الشهداء.

ام نضال امرأة عرفت دورها في الحياة فأتقنته. كانت نعم الزوجة الصالحة التي إذا نظر لها زوجها سرته وحفظته في ماله واهله وولده، أدبت ابناءها على الحب وأعلى درجاته حب الله عز وجل والجهاد في سبيله وحب الوطن والفداء من أجله.. عشقت فلسطين وآمنت ان الطريق نحو القدس ليست مفروشة بالوعود والورود وانما مفروشة بالشوك وطريقها الجهاد فحرضت اول ما حرضت نفسها وأبناءها وأعدتهم ليوم الفداء فصنعت ستة قساميين البندقية خليلتهم والشهادة أمنيتهم فكان لثلاثة منهم ما ارادوا صدقوا ما عاهدوا الله عليه والبقية تنتظر.

لقد خلد التاريخ ام نضال وهي تودع محمدها قبل ان ينطلق الى جهاده، تعتصر الالم في قلبها لان حبا اكبر يدفعها إلى تأجيل اللقاء ليكون في جنة لمن يغلب حبه لله حب البقاء في دنيا، الخير فيها السلامة مما فيها.

في آذار يصل أوباما الى نتنياهو كي يجدد العهد والولاء لدولة زرعت في المنطقة لتكون نصلا داميا في خاصرة الامة فما فقدت دورها حتى اللحظة لذا تبقى قبلة ومحجا للطامعين والطامحين في رضاها وبقائها.

والغريب ان البعض تخدعه الكلمات البراقة والعبارات الجوفاء، فيصدق ان للذئب عهدا وانه يصلح راعيا لقطيع من الخراف الحمقى، فزيارة اوباما ليست لإحقاق الحق وإعادة المغتصب من الارض وفي احسن احوالها ستعيد تدشين مفاوضات بدأت قبل اكثر من عشرين عاما وماتت إكلينيكيا منذ زمن لأنها تحمل السم في أحشائها وفي الصغر علمونا بيتا يقول:

مخطئ من ظن يوما ان للثعلب دينا.. ومخطئ من ظن ان امريكا شيئا ستعطينا.

في آذار خلعت قيادة منظمة التحرير والسلطة المتنفذة في الضفة المحتلة ما تبقى من أقنعة الحياء والخجل وأزالت خارطة فلسطين من أحد ميادين مدينة بيت لحم حتى لا يراها المظفر اوباما، إنه ليس عملا مشينا وحسب لكنه يحمل دلالات خطيرة أقلها ان هذه القيادة او ما تسمي نفسها كذلك ليست امينة على شبر من الارض وهو مؤشر لما يحدث في غرف المفاوضات مع اوباما إنه ليس تفاوضا ولكن تلقي تعليمات ليس أكثر.

في آذار قديما حاصر الاحتلال مقر الرئيس عرفات، في آذار عملية فندق سافوي لحركة فتح في (تل أبيب) 1975 في آذار عملية القسامي محمد القواسمة.. يبقى آذار وتبقى أيامه.

 

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00