وصفني البعض بأنني كنت متشددا عندما قلت بأن أي وثيقة أو قرار دولي أو أممي من أي كان نضرب به عرض الحائط إذا خالف الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية، وذلك في لقاء على قناة الـ(بي بي سي) قبل أسبوعين تعليقا على إلغاء وكالة الغوث الدولية لماراثون رياضي كانت تنوي إقامته في قطاع غزة بعد أن رفضت الحكومة الفلسطينية هذا الماراثون لمخالفته قيم المجتمع الفلسطيني ودينه وعاداته.
وأنا هنا لا أريد أن أدافع عن موقفي المبدئي من أن الدين الإسلامي مقدم على أي قانون أو شريعة بشرية مهما كانت غايتها وأهدافها نبيلة، لأن النبل والغايات الشريفة لا تتناقض مع ما شرع ربنا، وكل ما خالف الشرع فهو باطل ومرفوض ويجب أن نواجهه بكل قوة ودون مواربة أو خوف من اتهام بالتعصب أو التشدد، فهذه قضايا لابد من الفصل فيها وعدم التلون مهما كانت المبررات.
وهنا سأضع بين يدي القارئ وثيقة بعنوان ( إلغاء ومنع كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات) والتي وضعتها لجنة المرأة في الأمم المتحدة للمناقشة والإقرار، هذه الوثيقة تحمل عنوانا جميلا لا يختلف عليه عاقلان، لأننا جميعا ضد العنف الممارس في بعض المجتمعات ومن بعض الأشخاص بحق المرأة حتى وإن ارتكبن بعض الأخطاء لوجود طرق كثيرة للمعالجة غير ممارسة العنف بأي شكل من الأشكال، هذه الوثيقة ذات العنوان الجميل والمقبول حملت في طياتها السم الزعاف، ومعاول هدم المجتمعات الإسلامية وهدم الأخلاق النبيلة في بنودها، التي تخالف الدين والشريعة الإسلامية مخالفة واضحة، وفيها دعوة للانحلال الأخلاقي والقيمي والتشجيع على الرذيلة والفساد والانحلال.
وأول بنود هذه الوثيقة يدعو إلى منح الفتاة ممارسة الجنس أي الزنا، وأن يكون لها الاختيار الحر في اختيار نوع الجنس الذي تريد زنا كان أو سحاقا، أليس هذا بحاجة إلى قول فصل، ونقول بالصوت العالي: مرفوض مرفوض، وإن ختم البند برفع سن الزواج، وهذه مسألة خلافية؛ لأن سن الزواج محكوم بالبلوغ والقدرة على الوطء مع وجود اعتبارات اجتماعية وصحية يجب أخذها في الاعتبار.
البند الثاني الملحق بالأول يطالب الدول بتوفير وسائل منع الحمل وتدريب المراهقات على استخدامها مع إباحة الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب، وهذا البند فيه شرح واضح ولا يحتاج إلى تعليق، فقد كفانا ما قلناه في البند الأول.
البند السادس من الوثيقة يطالب بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، وهذا مخالف لما شرع ربنا عندما بين الحقوق في الميراث "يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.." (11) سورة النساء. وإن خالف بعض المسلمين هذا القانون الرباني فلا عيب فيه عندما لا يطبق من قبل المسلمين، وعدم تطبيقه من قبل بعض المسلمين فيه مخالفة شرعية سيحاسبون عليها يوم القيامة، وفيه تحذير شديد من عواقب أكل الحقوق ومنها الميراث.
سأضع البنود كاملة بين يدي القارئ حتى تتبين له مواثيق الأمم المتحدة التي نؤكد على رفضنا لها لمخالفتها ديننا وشرعنا، لذلك نؤكد على أن أي قيم تصدر عن الأمم المتحدة أو قوانين ومبادئ تخالف شرعنا الحنيف فهي قيم مرفوضة وندعو إلى مواجهتها من كافة أبناء المجتمع المسلم ومؤسساته، وعلى الجميع احترام الدين الإسلامي وكافة الأديان السماوية التي تدعو إلى الأخلاق الحميدة والقيم النبيلة، وان محاولات هدم الدين وقيمه هي محاولات فاشلة مهما كانت الجهة التي تقف خلفها، وهذه هي البنود:
1. منح الفتاة كل الحرية الجنسية، بالإضافة إلى حرية اختيار جنسها وحرية اختيار جنس الشريك (أي تختار أن تكون علاقتها الجنسية طبيعية أو شاذة) مع رفع سن الزواج.
2. توفير وسائل منع الحمل للمراهقات وتدريبهن على استخدامها مع إباحة الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه تحت اسم الحقوق الجنسية والإنجابية.
3. مساواة الزانية بالزوجة، ومساواة أبناء الزنا بالأبناء الشرعيين مساواة كاملة في كل الحقوق.
4. إعطاء الشواذ كل الحقوق وحمايتهم واحترامهم، وأيضًا حماية العاملات في البغاء.
5. إعطاء الزوجة كل الحق في أن تشتكي زوجها بتهمة الاغتصاب أو التحرش، وعلى الجهات المختصة توقيع عقوبة على ذلك الزوج مماثلةً لمن يغتصب أو يتحرش بأجنبية.
6. التساوي في الميراث.
7. استبدال الشراكة بالقوامة، والاقتسام التام للأدوار داخل الأسرة بين الرجل والمرأة مثل: الإنفاق، ورعاية الأطفال، والشئون المنزلية.
8. التساوي التام في تشريعات الزواج مثل: إلغاء كل من: التعدد، والعدة، والولاية، والمهر، وإنفاق الرجل على الأسرة، والسماح للمسلمة بالزواج بغير المسلم وغيرها.
9. سحب سلطة التطليق من الزوج ونقلها للقضاء، واقتسام كل الممتلكات بعد الطلاق.
10. إلغاء الاستئذان للزوج في: السفر أو العمل أو الخروج أو استخدام وسائل الحمل.
والسؤال: هل تقبل المجتمعات المسلمة مثل هذه الوثيقة؟، وهل يقبل المثقفون على مختلف مشاربهم الفكرية أن تشاع الرذيلة في مجتمعهم وبيوتهم كما تريد لجنة المرأة في الأمم المتحدة؟، وهل من يدعو لمخالفة هذه الوثيقة التي تتعارض مع الدين يصبح متشددا؟