قائد الطوفان قائد الطوفان

يضع مصير المصالحة وكرزاي في مهب الريح

الهجوم على معاقل طالبان محاولة لوقف الانهيار

الرسالة – محرر الشئون الدولية   

 

تخيلت الولايات المتحدة وحلفاؤها أن المعارك في افغانستان لن تطول وستحسمها بالقوة في غضون شهور ثم سنوات قليلة الا انها بقيت مستمرة الى اليوم لتقترب من عامها العاشر.

 

وتتكبد القوات الدولية والأمريكية مزيدا من الخسائر البشرية والعسكرية التي جعلتهم يضطرون الى التراجع عن التمسك بخيار حسم الحرب هناك بالقوة العسكرية والبحث عن بدائل أخرى، كما جعلتهم يتراجعون عن الفيتو الذي وضعوه للتحاور مع طالبان، والإعلان عن استعدادهم للتحاور معها بلا شروط من اجل الاتفاق على وقف الحرب وإقامة سلطة مدنية في أفغانستان، لكن الأخيرة رفضت وتمسكت بشرط رحيل القوات المحتلة قبل الحديث عن اي تسوية او إجراء أي مفاوضات وهو ما أربك قوات التحالف الدولي التي شعرت انها لم تعد تملك خيارا سوى الاستمرار بالحرب من اجل إجبار طالبان على الاستسلام او التحاور معها لإنهاء الحرب وتحديد مصير أفغانستان.

 

عملية هلمند

 

واليوم أعلنت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عن احدث عملياتها العسكرية في أفغانستان من اجل ضرب معاقل طالبان الرئيسية وتشتيتها تمهيدا لملاحقتها وتصفيتها في المدن والمحافظات الأفغانية التي تتواجد فيها. هجوم هلمند الجديد الذي تبشر به الولايات المتحدة وحلفاؤها هو الهجوم الرابع عشر على هذه المحافظة الأفغانية التي تمثل اهم معاقل طالبان فيها حيث تسيطر طالبان على خمس مقاطعات من هذه المحافظة بصفة تامة من مقاطعاتها الثلاثة عشر.

 

هلمند تتسم بمرور نهر هلمند فيها وهو من أطول انهار البلاد ويزيد طوله عن ألف كيلو متر، وتبلغ مساحتها ضعف مساحة فلسطين تقريبا حيث تزيد عن 53 الف كيلو متر مربع، ويقطنها أكثر من مليون ونصف نسمة، ومعظم سكانها من البشتون، وهي قريبة من حدود باكستان، وتتمركز بها القوات البريطانية بصفة رئيسية والتي يزيد عدد أفرادها عن عشرة ألاف جندي.

 

تقول التقارير الصحفية ان خسائر قوات التحالف في هذه المحافظة هي الأضخم منذ نشوب الحرب هناك قبل حوالي عشر سنوات، وان سلطة طالبان هي المسيطرة عليها، وان التقديرات لهجوم هلمند الجديد بين القادة العسكريين تقوم على الخلافات والتباينات الكبيرة حول جدوى هذا الهجوم. فبينما يرى بعض القادة ان حسم الوضع في هلمند لن يتأتى الا عبر عملية عسكرية ضخمة كتلك الذي يجري التحضير لها، يرى آخرون ان الحسم العسكري في المحافظة مشكوك فيه ولذا لا بد من تغيير الخطط العسكرية للسيطرة على المحافظة.

 

وجدير بالذكر ان الهجوم الجديد يفترض ان يشارك فيه 2000 جندي وشرطي افغاني، وعدد غير محدد من القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي المرابطة في أفغانستان، ولم تحدد له بداية او نهاية، لكن هدفه المعلن هو القضاء على معاقل طالبان في هذا المحافظة المهمة بالنسبة لقوة طالبان، وفتح الطريق امام حملات تصفية ومطاردة لحركة طالبان في باقي مناطق تواجدها في المحافظات والمدن الأفغانية، والقضاء على مزارع الأفيون التي تشكل أهم مصادر تمويل لطالبان حسب مزاعم قوات التحالف الدولي.

 

والهجوم الجديد المعتزم يعقب المؤتمر الذي عقد بشأن أفغانستان في لندن الأسبوع الماضي، حيث صدقت دول «الناتو» على خطة مصالحة جديدة قدمتها الحكومة الأفغانية. وتنص المبادرة الجديدة على توفير الحماية والوظائف وتقديم حوافز اقتصادية لمقاتلي طالبان مقابل تخليهم عن العنف. وقال مسئولو «الناتو» إن المتمردين الذين وسعوا سيطرتهم على مناطق أكبر في البلاد خلال الأعوام الماضية لن يقبلوا بعروض الحكومة الأفغانية حتى تكون لقوات «الناتو» السيطرة على أرض المعركة. الشرق الأوسط 5-2-2010

 

لا جدوى من الحرب

 

وكان الجنرال الاميركي ستانلي ماكريستال قد قال ان الوضع الأمني في أفغانستان بأنه لا يزال خطيرا ولكنه لم يعد متدهورا، وصرح قائد قوات حلف شمال الأطلسي في افغانستان ، للصحافيين في اسطنبول حيث يجتمع وزراء دفاع حلف الاطلسي "سأظل اقول لكم انني اعتقد ان الوضع في افغانستان خطير". وأضاف "لا أقول الان إنني اعتقد ان الوضع متدهور.. لقد قلت ذلك الصيف الماضي ، واعتقد ان ذلك كان صحيحا. ولكن رأيي اختلف الان. الدستور الأردنية 5-2- 2010 ، قبل أسبوع من موعد قال الجنرال ستانلي ماكريستال قائد قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان: «كجندي أقول، وقع ما يكفي من القتال في أفغانستان، لقد طالت هذه الحرب كثيرا، والوضع اليوم ليس أفضل مما كان عليه عام 2004، فلماذا الاستمرار فيها».

 

هجوم هلمند الجديد الذي يثير الشكوك حول جدواه من الناحية العسكرية بحسب القادة العسكريين الميدانيين، يثير ايضا تساؤلات حول مدى جدية الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في التصالح مع حركة طالبان، ومغادرة هذا البلد بصورة نهائية، وترك الخيار لفصائله السياسية لإقامة السلطة التي يريدون، وإدارة بلدهم بالطريقة التي يرتضونها.

البث المباشر