اعتقد أن إنقاذ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وحمايتهم من الموت الصهيوني المحتم، يفرض على القيادة الفلسطينية اتخاذ إجراءات فاعلة رادعة، وعدم الاقتصار على بيانات الشجب والاستنكار والإدانة، التي لا تتعدى كونها فقاعات هواء تتلاشى بعد مراسم تشييع الشهداء.
القيادة وبحكم مسؤولياتها مدعوة لوقف التنسيق الأمني والتطبيع مع العدو الصهيوني كخطوة أولى، إذ ليس معقولاً ولا مقبولاً، استمرار هذا النهج العبثي، في الوقت الذي يقوم فيه باغتيال وتصفية المناضلين رسل الحرية وطلائع المقاومة.
إن رفض العدو معالجة الشهيد أبو حمدية، والذي يعاني من مرض السرطان منذ سنوات خمس، يعني أنه حكم عليه بالموت، كما سبق وحكم على الشهيد عرفات جرادات بالموت بين يدي الجلادين.. وهذا يعني أن الساحة الفلسطينية ستودع شهداء آخرين على درب الحرية، ولن يكون الشهيد أبو حمدية أخر شهداء السجون الإسرائيلية،ما لم يتم ردع العدو، وكف يده الآثمة التي تجرأت على قتل الأبرياء والأطفال والنساء والأسرى.
إن ما يجرى على الساحة الفلسطينية يؤكد عقم السياسة الفلسطينية، وفشلها الذريع في ردع العدو، فهذه السياسة المقتصرة على المفاوضات فقط... "لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات" هي التي أغرت العدو برفع وتيرة الاستيطان، وانتهاك القانون الدولي، ورفضه الاستجابة للنداءات الدولية، وهي التي دفعته إلى اقتراف جرائم التطهير العرقي وخاصة في القدس المحتلة، بعد أن أمن عدم تعرضه للعقوبات الدولية بفضل "الفيتو" الأميركي، وهي أخيراً التي أغرته لممارسة أحقاده بتدنيس الأقصى وفق نهج يهودي خبيث لإرهاب المصلين، ودفعهم إلى التسليم بوجود اليهود في المسجد، ومن ثم اقتسامه، على غرار ما حدث للمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
هذا الحصاد المر، سببه وضع كل البيض الفلسطيني في سلة المفاوضات، وشطب خيار المقاومة، ما يفرض على القيادة الفلسطينية أن تعيد النظر في هذه السياسة بسبب الفشل الذريع الذي حصدته، وبعد أن استغل العدو المفاوضات لفرض الأمر الواقع، فتضاعف عدد المستوطنين وعدد المستوطنات، من حوالي 240 ألفاً إلى حوالي نصف مليون مستوطن يعيثون في الأرض الفلسطينية خراباً وتدميراً. وبعد أن حولت المستوطنات الأرض المحتلة إلى جزر معزولة وكانتونات يستحيل معها إقامة دولة مستقلة متواصلة جغرافياً.
باختصار... إنقاذ الأسرى لن يتم ببيانات الشجب والاستنكار وإنما بأفعال وإجراءات فلسطينية وعربية حاسمة، تفرض على العدو وقف هذه المجازر، ووقف تهويد القدس والاستيطان، ومن هنا فعلى القيادة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني، وعلى الدول الشقيقة تجميد كافة الاتفاقات والمعاهدات، ووقف التطبيع... كسبيل وحيد لإنقاذ القدس والأقصى، وإنقاذ الأسرى.
صحيفة الدستور الأردنية