في اللحظات الأخيرة، أمس، أرجئ إلى أجل غير مسمى اجتماع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة سلام فياض، كان متوقعاً أن يقدّم فيه الأخير استقالته.
لكن يبدو أن واشنطن تدخلت لثنيه عن ذلك، بعد إعلان أميركي أن فياض لن يستقيل، وخصوصاً أن الرجل يحظى بصدقية دولية في بناء مؤسسات الدولة، وإقالته قد تضر بالتفاهمات التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في جولته الأخيرة بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين.
وكانت أنباء قد تحدثت عن تقديم رئيس الوزراء الفلسطيني استقالته أول من أمس، منتظراً عودة الرئيس للموافقة عليها، بينما أوردت مصادر أخرى أن أبو مازن سيخيّر فياض بين أمرين: إما استمرار نبيل قسيس في وزارة المالية، أو استقالة الحكومة بمجملها.
مع ذلك، عادت مصادر مقربة من مكتب فياض ونفت لوكالة «آكي» الإيطالية أن يكون الأخير قد قدم استقالته تحديداً يوم الأربعاء، مبيّنة أن الاستقالة تعود إلى أواخر شهر شباط الماضي، وهو لا يزال على رأس عمله إلى حين الموافقة عليها. ليخرج بعد ذلك ممثل لوزارة الخارجية الأميركية من لندن ويعلن أنه «على حد علمه، فإن فياض لن يستقيل. وإنه باق في منصبه».
وتفجّر الخلاف بين عباس وفياض عندما أقدم الأخير على قبول استقالة وزير المالية نبيل قسيس، في الوقت الذي كان فيه الرئيس خارج البلاد، متجاوزاً بذلك اللوائح والقوانين التي تُعطي صلاحية قبول استقالات الوزراء إلى رئيس السلطة. الأمر الذي اعتبره بعض قادة «فتح» مثل تيسير نصر الله «تحدياً من فياض لقرارات الرئيس».
ودفع عباس نفسه الى التصريح أمام المجلس الثوري للحركة في اجتماعة الأخير بأنّه «غاضب على الحكومة أكثر من الجميع»، بحسب بعض المسؤولين في «فتح».
الرئاسة، وإن حاولت على مدار السنوات الماضية التكتم على خلافاتها مع فياض، إلا أنّها لم تمنع حركة «فتح» من إعلان رفضها لفياض في أكثر من مناسبة، بدءاً بإضرابات النقابات التي تسيطر عليها الحركة، ولا سيما فترة انقطاع الرواتب، وغلاء الأسعار، وصولاً إلى إصدار أول بيان إدانة رسمي لحكومة فياض من قبل المجلس الثوري للحركة قبل أيام.
بالتوازي مع ذلك، فإن السواد من الأحزاب الفلسطينية يرفض الرجل، من حركة «حماس» التي رفضت الدخول في مصالحة مع «فتح» بوجود فياض، إلى اليسار الفلسطيني الذي انتقد في أكثر من مناسبة سياساته الاقتصادية، منها على سبيل المثال: سياسة تشجيع القروض، والتسهيلات الضريبية للاستثمار الأجنبي على حساب المستثمرين المحلّيين.
وبالنسبة إلى قضية وزير المالية نبيل قسيس، لا بد من الإشارة إلى أنّ فياض كان يتولى حقيبة المالية إلى جانب رئاسة الحكومة قبل التعديل الحكومي الأخير. وفي هذا السياق، يتحدث المحلل السياسي خليل شاهين عن وجود نوع من «الصراع الخفي» بين السلطة وفياض على الصلاحيات.
ويشير شاهين الى «محاولة حصول فياض على صلاحيات أكبر دون تقديمه برنامجاً مقنعاً للجمهور الفلسطيني، تثير الاستياء لدى «فتح»، كذلك تشير إلى أن الرجل يريد أن يعزز موقعه حتى ولو كان ذلك في مواجهة صلاحيات يفترض أنها من صلاحيات الرئيس».
وعما إذا كان فياض يتحمل مسؤولية فشل الحكومة، ولا سيما أن الأزمة المالية تفاقمت مع قطع إسرائيل أموال الضرائب، يقول شاهين: «علينا أن نتذكر أن فياض أعلن قبل سنوات عن خطة السنتين لبناء المؤسسات، وتحقق الاعتماد الذاتي. وانتهت السنتان من دون أن يقدّم فياض للرأي العام أسباب فشل خطته، وبالتالي يتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية»، مردفاً أنّه اتبع سياسات في ظل أزمة مالية خانقة تقوم على أساس تمويل بقاء السلطة والحكومة «أساساً من جيب المواطن الفلسطيني».
الأخبار اللبنانية