مقال: نحو إستراتيجية إعلامية موحدة

عماد زقوت
عماد زقوت

بقلم/ عماد زقوت

لا يخفى على أحد أنّ الإعلام أصبح من أساسيات الدولة وقوتها إلى جانب الأمن والجيش والاقتصاد، فلم نعد بحاجة إلى أنّ نؤكد على الأهمية البالغة والمكانة الكبيرة التي يحتلها الإعلام في مجتمعنا المعاصر، فلم نعد نستطيع الحياة دون مواكبة ما يدور حولنا من أحداث سواء على الساحة المحلية الفلسطينية أو العالمية، لا سيما بعد أن فرضت التقنيات المعاصرة وثورة المعلومات نفسها علينا وأعطتنا الفاعلية والقدرة على التغيير وتكوين الاتجاهات، فأصبح إنسان اليوم أسيراً لهذه الوسائل تحاصره في كل وقت وكل زمان.

ومن المعلوم أنه أصبح أيضاً مدمنا تلفزيونيا، وعلى وجه الخصوص المواطن العربي، فقد أشارت دراسة أجرتها اليونسكو قبل نحو 15 عاما حول معدلات التعرض للتلفزيون لدى الأطفال والصبية العرب تبين منها: أن الطالب قبل أن يبلغ الثامنة عشرة من عمره يقضي أمام التلفزيون 22 ألف ساعة في حين أنه في ذات المرحلة من العمر يقضي 14 ألف ساعة في قاعات الدراسة.

وفي الأعوام الأخيرة أظهر الإعلام الجديد ( الفيس بوك – تويتر – اليوتيوب ) استقطابا حادا لمختلف الفئات العمرية،  وأوقع عليها تأثيرا كبيرا وبالمقابل أحدثت من خلاله زلزالا عظيما، وثورات الربيع العربي شاهد على ذلك.

وتأسيسا على ما سبق نزداد يقينا نحن الفلسطينيين بضرورة أن نمتلك إعلاما قويا حتى نكون أكثر تأثيرا، وإقناعا، وأكثر جدوى، في مواجهة الدعاية الصهيونية والغربية، وحتى نكون كذلك لا بد أن نعمل وفق إستراتيجية إعلامية موحدة مع استقلالية كل وسيلة إعلامية، ولذلك عنونت مقالي هذا "نحو إستراتيجية إعلامية موحدة" ولم أقل واحدة لإيماني بأن لكل وسيلة الحق في أن يكون لها سياستها ومرجعيتها السياسية الخاصة بها، وبالتالي من المجدي أن تعمل وسائلنا الإعلامية وفق إستراتيجية موحدة، نعم غياب الوحدة السياسية والفصائلية وتجزؤ الشمل الفلسطيني يعيق ما نصبو إليه ولكن التهديدات الصهيونية المتواصلة والتآمر الدائم على قضيتنا الفلسطينية تفرض علينا تلك الإستراتيجية.

والإعلام في حاضرنا المعاصر أصبح القائد الذي يوجه الجميع بما فيها القوى السياسية ويحدد البوصلة التي نعمل وفقها، ووجود إستراتيجية إعلامية موحدة يجنبنا التصيد لبعضنا البعض ورسم قصص من نسج الخيال للوصول إلى أهداف وغايات حزبية ضيقة تصب في مصلحة العدو الصهيوني المستفيد الوحيد والأوحد من ترهل واقعنا السياسي والإعلامي، كما فعلت مؤخراً صحيفة الحياة الجديدة التي أرهقت نفسها في تأليف رواية بعيدة عن الواقع في إظهار حماس في صورة الحركة المفككة والآيلة للتشرذم.

ولنا في الإعلام الصهيوني عنوان في التوحد، والعمل ضمن قالب واحد رغم التفرق الداخلي لهم، وتجد القنوات التلفزيونية الصهيونية على اختلافها ترسم ذات الرواية في تأليب العالم علينا، وإحداث الفتن في مجتمعنا، وتأكيد أحقيتهم في أرضنا.

فالشعب الفلسطيني أصبح يمتلك إمبراطورية إعلامية كبيرة ولكنها تعمل لأهداف مختلفة ودون إستراتيجية تجمعها.

ولكم أن تتخيلوا بأننا أصبحنا نمتلك قرابة العشر قنوات فضائية وأكثر من ستِّ صحف ما بين يومية وأسبوعية وعددا لا بأس به من المجلات والمئات من المواقع الإلكترونية والعشرات من الإذاعات المحلية والتلفزيونات الأرضية ومئات الآلاف من صفحات التواصل الاجتماعي، ولكن كلها تعمل بمظلتها الحزبية وهذا ليس عيبا، ولكن عليها أن تتوحد وفق إستراتيجية ترتقي بنا وتوصل رسالتنا للعالم وتقف وقفة واحدة في مواجهة العدوان الصهيوني.

البث المباشر