غزة والاحتلال.. قدرات صاروخية وخطط دفاعية

عمليات إختبار للقبة الحديدية في (إسرائيل)
عمليات إختبار للقبة الحديدية في (إسرائيل)

كتب وسام عفيفة

رغم مرور نحو خمسة شهور على التهدئة المبرمة بين المقاومة في قطاع غزة والاحتلال بعد المواجهة العسكرية في14 نوفمبر 2012 التي أطلق عليها (الإسرائيليون) "عمود السحاب" ووصفتها حماس بمعركة "حجارة السجيل" إلا أن حالة الهدوء لا تشير بالضرورة إلى قبول الطرفين بشروط وقف القتال، مما يزيد من وتيرة الاستعداد للمواجهة القادمة سواء قصرت مدة التهدئة أم طالت.

وبحسب المعلومات الخاصة فإنه في ظل محاولات الاحتلال تغيير قواعد المواجهة على الارض من خلال تكثيف عمليات التوغل في المناطق الحدودية الشرقية لقطاع غزة تتجه كتائب القسام الى رفع درجة الجهوزية للرد من خلال تغيير شروط الاشتباك بحيث لا يسمح لقوات الاحتلال التحرك بحرية خلال عمليات التوغل في الشريط الحدودي داخل القطاع، ولعل المواجهة الصامتة التي وقعت الاسبوع الماضي والتي تم خلالها التصدي لقوة (إسرائيلية) توغلت شرق خانيونس مصحوبة بآليات وجرافات تم تفجير إحداها ما هو إلا تمرين حي على شكل التعاطي مع القواعد الجديدة.

وبناء عليه تجتهد المقاومة في القيام بعدة خطوات دفاعية تستهدف رصدا دقيقا لتحركات الاحتلال داخل المناطق الحدودية المحتلة شرق غزة، في محاولة للوصول إلى وضع يشبه الإنذار المبكر لأي عدوان من قبل الاحتلال وتعتمد في ذلك على عدة عناصر من اهمها:

- العنصر البشري متمثلا في وحدات الاستطلاع والرباط التي تتابع وترصد تحركات الاحتلال على مدار الساعة وترفع تقارير على مدار الساعة لغرفة العمليات.

- الوسائل التكنولوجية السرية والمعروفة مثل كاميرات المراقبة المتقدمة واجهزة رادار محدودة النطاق.

- متابعة تصريحات قادة جيش الاحتلال واخذ تهديداتهم على محمل الجد على اعتبار انها تعبر احيانا عن التوجهات العسكرية الميدانية.

وعليه تسعى المقاومة للوصول الى نظام دفاعي يتوافق مع معطيات الانذار المبكر على تواضعها، وحسب حجم ونطاق العدوان (الإسرائيلي) وسلاح المقاومة المناسب للدفاع والتصدي، وعليه تسعى اجنحة المقاومة الى رفع درجة التنسيق فيما بينها لتقليل احتمالات الخطأ او الارباك.

ويبدو ان كتائب القسام تريد ان تصل بالنظام الدفاعي الى ابعد من مجرد التصدي لعمليات التوغل من خلال نظام صاروخي يكون جاهزا في حال قرر الاحتلال شن عدوان واسع ومباغت وهي تعتمد في ذلك على:

- تطوير تكنولوجيا صواريخ قابلة للتشغيل بسرعة وعن بعد ويمكن اخراجها بسهولة للمواجهة.

- زيادة دقة التوجيه والاصابة بحيث تستفيد المقاومة من تجارب المواجهة الاخيرة مع الاعتماد على تجارب مبنية على تقنيات وخبرات عسكرية متراكمة.

- تحسين قدرات التمويه والتخفي لمنصات الاطلاق مع الحفاظ على اساليب نقل سريعة وآمنة، والاستغناء عن العنصر البشري قدر المستطاع في عملية الاعداد والتشغيل للصواريخ.

واكثر ما يخشاه الاحتلال خلال المرحلة المقبلة هو ان تتمكن المقاومة من تطوير اليات عمل صواريخ المقاومة في غزة بحث تنطلق بشكل رأسي ما يعني تغيير نطاق وارتفاع أسلحة اعتراض الصواريخ في اطار القبة الحديدية، لهذا تعكف الصناعات العسكرية (الإسرائيلية) على تحسين قدرات الاعتراض بعد مرحلة الإطلاق مباشرة بغرض استهداف صواريخ المقاومة بعد فترة وجيزة من الإطلاق، عندما تكون تلك الأسلحة أكثر ضعفاً بسبب سرعتها البطيئة نسبياً، وحمل الوقود الثقيل، وعدم قدرتها على نشر أهداف مخادعة، لهذا من المتوقع ضخ استثمارات في أجهزة الاعتراض الصاروخي وغيرها، في ظل تعاون عسكري استراتيجي بين الولايات المتحدة و(إسرائيل).

وفي هذا السياق يشير المقدم إدي بوكس، من سلاح الجو الأمريكي -زميل زائر للشؤون العسكرية في معهد واشنطن- أنه في تشرين الأول/أكتوبر 2012، نفذت القوات الأمريكية في المحيط الهادي سيناريو الصواريخ الحية الأكثر تطوراً وتعقيداً في العالم حتى اليوم، حيث قامت أنظمة "أيجيس" و"باتريوت" ونظم صواريخ أرض جو دفاعية من نوع "ثاد" بشكل متزامن بتتبع أربعة أنواع مختلفة من الأهداف الجوية والفضائية والاشتباك معها وهي: صاروخ كروز وطائرة وصاروخ باليستي قصير المدى وصاروخ باليستي متوسط المدى. 

وتم توجيه التدريب من نظام متكامل للقيادة والتحكم معد على غرار هيكل "القيادة المركزية الأمريكية"، وقد أثبت التدريب جدوى استخدام دفاع صاروخي متعدد الطبقات ضد أهداف متعددة ومتزامنة ومأهولة وصاروخية. 

ويمكن نشر هذه القدرات ذاتها في الخليج. ويضرب بوكس مثالا لنظام متعدد الطبقات من خلال النظام الدفاعي (الإسرائيلي) مشيرا الى ان (إسرائيل) أثبتت مؤخراً كيف يمكن لنظام "القبة الحديدية"، وهو نظام اعتراض قصير المدى، أن يملأ فراغ الدفاع متعدد الطبقات، حيث قامت بإضافته إلى شبكة الدفاع الجوي والصاروخي الوطنية إلى جانب نظام "ديفيدز سلينج" (المستخدم لمواجهة صواريخ كروز والصواريخ طويلة المدى) ونظام "آرو" (المستخدم ضد صواريخ متوسطة وبعيدة المدى).

ويرى المقدم بوكس أنه وفقاً لما أظهره نظام "القبة الحديدية" (الإسرائيلي)، ينطوي نظام الدفاع الصاروخي الفعال على ميزات عديدة. بيد أنه لا يوجد شيء أكثر أهمية من طمأنة المدنيين وإعطاء المزيد من الوقت للدبلوماسيين للبحث عن نتائج سلمية أثناء الأزمات.

وبناء على ما سبق فانه من غير المستبعد ان يعمد جيش الاحتلال خلال الشهور القادمة الى مواجهة محدودة مع قطاع غزة بهدف استكشاف قدرات المقاومة الصاروخية واختبار قدراتها الدفاعية.

البث المباشر