يستمر عدد من قيادات السلطة ورئيسها محمود عباس، بمحاولاتهم الدائمة في عرقلة أي زيارة لمسئول عربي أو دولي بارز إلى غزة؛ سعياً وراء إضعاف القطاع وتشويه صورته أمام العالم.
وتعودنا سابقاً على تصريحات سواء من عباس أو قيادات في حركة فتح، من شأنها التأثير على سير المصالحة الفلسطينية مع حماس، مع اقتراب أي زيارة لمسئول إلى غزة.
ويبذل عباس في الوقت الراهن مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جهوداً حثيثة لإفشال الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى غزة الشهر المقبل، بعد زيارتهم أمس تركيا ولقائهم أردوغان.
وحاول أبو مازن مؤخراً الضغط على الأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني؛ لمنع زيارته إلى غزة في أكتوبر الماضي، لكنه فشل في مساعيه وحضر حمد للقطاع في زيارة تاريخية، تبرع خلالها بـ 450 مليون دولار لمشاريع إعادة الإعمار.
ويرى محللون صعوبة التوقع بتأجيل زيارة أردوغان إلى غزة أو تجميدها في الوقت الحالي، مجمعين على أن توجه رئيس الوزراء التركي إلى واشنطن قبل قدومه لغزة سيترتب عليه وضوح الرؤية بوجود زيارة من عدمها.
المحلل السياسي هاني حبيب يرى أنه من الصعب توقع مصير الزيارة في الوقت الحالي، مبيّناً أن توجه رئيس الوزراء التركي لواشنطن ولقائه الرئيس الأمريكي باراك أوباما قبل مجيئه لغزة هو من سيحدد ذلك.
ضغط أمريكي
ويشير حبيب إلى أنه على الرغم من ذهاب عباس وكيري إلى تركيا؛ لزيادة الضغوط على رئيس الوزراء أردوغان، إلا أن مصادر تركية تؤكد بقاء الزيارة في موعدها المحدد دون تأجيل.
ويتوقع أن تضغط الولايات المحتدة الأمريكية على أردوغان؛ من أجل إرجاء زيارته إلى وقت تسميه الإدارة الأمريكية بالمناسب، وفق قوله.
وطلب وزير الخارجية الأمريكي، من رئيس الوزراء التركي إرجاء زيارته المقررة، فيما دانت حركة حماس الموقف، واعتبرته "دليلاً على التورط الأمريكي لتشديد الحصار على غزة".
وقال كيري خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة التركية اسطنبول، إنه حثّ أردوغان على الانتظار إلى حين تتهيأ الظروف لمثل هذه الزيارة.
ويختلف المحلل السياسي حسن عبدو مع حبيب، فيما يتعلق بضغط أمريكا على أردوغان لإرجاء زيارته لغزة، ويؤكد أهميتها؛ لوجود رغبة عالمية بنقل حماس من مربع المقاومة إلى التسوية بشكل غير كامل على الأقل. وفق تحليله.
وأشار إلى أن تركيا هي الطرف الأقوى والمؤهل لحمل الرسالة وإيصالها بحكم علاقتها القوية بالحركة؛ لأن العالم ينظر إلى عدم إمكانية الوصول إلى تسوية بين فلسطين و"إسرائيل" دون وجود حماس.
وفي الوقت الذي تضغط فيه كل الجهات على رئيس الوزراء التركي، أكدت مصادر تركية اليوم أن أردوغان لن يغير موقفه من زيارة غزة أواخر مايو/آيار المقبل مهما كانت الضغوط.
دور مهم
ويعود حبيب منوهاً إلى وجود جملة من التعقيدات ترتبط بالجانب التركي وموقفه الحساس من مختلف القضايا الإقليمية، تتمثل في المصالحة والتطبيع التركي (الإسرائيلي)، ودورها في استئناف المفاوضات بين السلطة و(إسرائيل)، إضافة إلى أنها تلعب دوراً أساسياً مباشراً وبديلاً للدور المصري في المصالحة الداخلية.
ويتفق عبدو مع حبيب في أن تركيا أصبح لها دوراً فاعلاً وكبيراً في القضية الفلسطينية في ظل وجود فراغ إقليمي وغياب دور عربي فاعل تجاه فلسطين، كونها ترتبط بعلاقات قوية مع أمريكا وتحسن العلاقات مع الجانب (الاسرائيلي) بعد الاعتذار عن أحداث سفينة "مرمرة".
ويلفت عبدو إلى وجود علاقات طيبة بين الجانب التركي والسلطة وحماس ومصر وقطر، وبالتالي يمكن توظيف هذه العلاقات الجيدة لتلعب دوراً مهماً، كوسيط في القضية الفلسطينية وهذا متوقع في المرحلة المقبلة، على حد قوله.
ويوضح أن صعود تركيا كوسيط إقليمي في الفترة الأخيرة، وبروزها كوسيط داخلي للشأن الفلسطيني خاصة، في ظل غياب وانشغالات الدور المصري، يمثل الدافع وراء ذهاب كيري وأبو مازن إلى تركيا؛ لمحاولة الاستفادة من الدور التركي المرتقب.
وبيّن المحلل السياسي أن المشكلة ليست في الزيارة وإنما في توقيت الزيارة لصالح هذا الطرف أو ذاك، ودورها في التأثير على القضية الفلسطينية.
ويتوقع عبدو تأجيل الزيارة، مستغرباً من اعتبارها إنسانية كما تظهر وسائل الإعلام، معتبراً إياها "سياسية بالدرجة الأولى(..)، ومن هنا جاءت محاولة توظيفها بشكل ايجابي؛ لتعود بالنفع ليس على طرف واحد، بل على الجميع".
ويبقى السؤال الدائر بين المؤيدين والمعارضين للزيارة، هل يخضع أردوغان لضغوط السلطة والإدارة الأمريكية بإلغاء أو تجميد الزيارة؟ أم يكتفي بتأجيلها إلى أجل غير مسمى؟.