منذ فوز حركة حماس في انتخابات 2006 والولايات المتحدة الامريكية تشترط على حكومتها ثلاثة شروط للقبول بها في المجتمع الدولي: ضرورة الاعتراف بـ(إسرائيل) والالتزام بالاتفاقات المجحفة الموقعة من قبل سلطة عباس، ونبذ المقاومة.
حركة حماس وحكومتها لم تلتزم بأي شرط من هذه الشروط، بل إنها قامت بتحدي الارادة الامريكية علانية قولا وفعلا وممارسة، مقدمة نموذجا جديدا في رفض الاملاء الدولي والأمريكي، دون التورط بصراع مباشر مع القوة الاولى في المنطقة والمساس بمصالحها الحيوية.
ولهذا حاصرت الولايات المتحدة قطاع غزة وفرضت عزلة سياسية على الحكومة الفلسطينية، ودعمت طرفا لم ينتخبه الشعب وحرضته على الاقتتال الداخلي مما أنتج الانقسام الفلسطيني، كما منحت الاحتلال (الإسرائيلي) الضوء الأخضر لشن حربين عدوانيتين في وقت قصير.
الحصار الاقتصادي فشل بصمود غزة وابتكار اهلها طرقا جديدا عبر حفر الأنفاق وازداد انكسارا بالثورات العربية، والعزلة السياسية بدأت تتخلخل بالجولات الخارجية للسيد اسماعيل هنية، كما ان غزة استقبلت الرموز والوفود السياسية ورؤساء الدول والحكومات وكان على رأسهم الامير القطري حمد بن جاسم ورئيس الوزراء الماليزي، بالإضافة لرئيس الوزراء المصري ووزير الخارجية التونسي أثناء حرب السجيل.
هذه الزيارات المتبادلة كانت تتم وسط انزعاج امريكي و(إسرائيلي) مكتوم، إلا أن إعلان رئيس الوزراء التركي عزمه زيارة غزة بعد الاعتذار (الإسرائيلي) شكل تحولا خطيرا نحو انهيار العزلة عن حكومة غزة بشكل كامل، مما جعل الولايات المتحدة تخرج عن اللياقة وتعلن موقفها الرافض علانية.
فكيري يدرك خطورة هذه الزيارة واهميتها وفي الوقت نفسه غير قادر على الضغط في هذا الوقت الحساس، فزيارة اردوغان ان تمت ستسبب انعطافة هامة على الخريطة السياسية الفلسطينية لعدة اسباب.
فتركيا من اهم ثلاث قوى اقليمية في المنطقة، ولها تأثير كبير في الشرق الأوسط، وعليها أدوار مهمة في رسم مستقبل المنطقة.
كما تأتي الزيارة كترجمة عملية على اعتذار نتنياهو لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، والتي من مقتضياتها رفع الحصار عن قطاع غزة وبهذا يريد السيد اردوغان ترجمة الاذعان (الإسرائيلي) عمليا.
بالاضافة إلى أن هذه الزيارة ستفتح الباب واسعا لزيارات اخرى من جميع أنحاء العالم الاسلامي، لما لتركيا من قوة جذب وتأثير كقوة اسلامية رائدة.
واخيرا هذه الزيارة ستعزز حماس كقائد للمشروع الوطني وكعنوان يمكن التعامل معه والاعتراف به في المرحلة القادمة.