غزة/ أمينة زيارة
فوجئت عائلة أبو عاشور في مدينة خانيونس بجثة ابنها "معتز" متفحمة في إحدى غرف البيت بعد أن التهمته النيران نتيجة انفجار المولد الكهربائي بسبب الضغط الشديد.
معتز لم يكن وحيدا في الغرفة التي وقعت فيها المأساة بل شاركته الغرفة ثلاث جالونات وقود وهو ما سمح للنيران أن تزداد قوة كانت كافية لتترك جثة معتز متفحمة.
جهل المواطنين وعدم وعيهم بالتعليمات والشروط الصحيحة لاستخدام المولدات الكهربائية وتجنب أخطارها كانت السبب الرئيسي لحدوث مثل تلك المآسي.
"الرسالة" فتحت ملف زيادة نسبة الحرائق في قطاع غزة خلال الشهر الماضي وتعرفت على الأسباب من أهالي الضحايا والمختصين.
حوادث متكررة
حادثة عائلة أبو عاشور لم تكن الوحيدة فقد حصلت العديد من الحوادث المأساوية كان السبب الرئيسي فيها الإهمال والجهل.
وبنفس الطريقة التهمت النيران جسد الفتاة "أ. خ" جراء خطأ في استعمال المولد الكهربائي، حيث تخزن عائلة زوجها مئات اللترات من السولار والغاز والزيوت مما فاقم الأزمة وزاد حجم ومساحة الحريق، وقد تم نقلها على الفوز للعلاج داخل الخط الأخضر بسبب وضعها الصحي الصعب.
أما المواطنة أم علي فقد خرجت لزيارة شقيقها الذي عاد لتوه من الخارج في رحلة علاج وتركت أطفالها في البيت أكبرهم أحمد البالغ من العمر 11 عاما وأثناء غيابها انقطع التيار الكهربائي.
صراخ الأطفال دفع أحمد إلى إشعال "شمعة" ووضعها على طبق بلاستيك فوق التلفزيون وبدأ يلهو مع إخوته حتى داهمهم النعاس.
لحسن حظ أم علي نجا أطفالها من موت محقق بعد أن أنقذهم أحد الجيران إلا أنه تعرضوا لاختناقات بسيطة.
سمير برغوث كانت مأساته أكبر، فقد فقد أطفاله "خضر 5 سنوات، وملك 4 سنوات وعبيدة عامان" وأصيب محمد 7 سنوات وشهد 5 سنوات جراء استنشاقهم عادم المولد الكهربائي.
وقال: دخلت زوجتي إلى غرفة أطفالي التي ينامون فيها عند الساعة الواحدة ليلا ووجدتهم جثث هامدة إلا محمد وشهد سارعنا لإنقاذهم ونقلهم لمستشفى شهداء الأقصى.
برغوث قال أن زوجته شغلت مولد الكهرباء بعد انقطاع التيار بعيد المغرب فيما لجأ الأطفال إلى حجرة النوم، وهنا ملأت الغازات السامة صالون المنزل دون أن يشعر بها أحد ما أدى لاختناق الأطفال وهم نيام بعد ساعات من عمل المولد الكهربي.
وحسب إحصائيات جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة فإن شهر يناير الماضي شهد 32 حالة حريق جراء الاستخدام الخاطئ لمولدات الكهرباء، سقط خلالها عدد من الضحايا، وأصيب عدد آخر بحروق واختناق.
سرعة التبليغ
ويرجع النقيب م. وائل لولو مدير إدارة الأمن والسلامة في جهاز الدفاع المدني أسباب زيادة نسبة الحرائق خلال الشهر الماضي إلى إهمال المواطنين والتخزين الخاطئ للوقود في أماكن غير مهيأة ومعدة للتخزين كالمنازل.
ويحذر لولو من الاستخدام الخاطئ لمولدات الكهرباء وخاصة تزويدها بالوقود أثناء تشغيلها ووضعها داخل البيوت وفي أماكن مغلقة، مؤكداً أن استخدام اسطوانات الغاز التالفة وغير المطابقة للمواصفات يزيد من نسبة الحرائق.
وعن أخطاء إطفاء الحرائق عند المواطنين يقول النقيب لولو: أثناء الحريق يقع المواطنون في أخطاء جسيمة وهي إطفاء الحريق دون الاتصال بالدفاع المدني وعند تفاقم الحريق وعدم تمكنهم من السيطرة عليه يقومون بالاتصال وهذا يزيد من عدد الإصابات وزيادة مساحة الحريق ويسبب خسائر كثيرة في الأرواح والممتلكات.
ويؤكد النقيب لولو على ضرورة إعلام جهاز الدفاع المدني بالحريق قبل القيام بأي فعل ويقول: يفترض على أي مواطن يعلم بالحدث الاتصال بالدفاع المدني على الرقم المجاني (102) وعند استلام الإشارة يتم فوراً توجيه اقرب محطة إطفاء لمكان الحدث وتشمل "الإطفاء، والإنقاذ، والإسعاف" وكل منهم يقوم بدوره حسب أوامر مسئول الدورية ويشير إلى انتشار 15 مركز إطفاء في القطاع من الشمال للجنوب.
ويؤكد مدير إدارة الأمن والسلامة أن العيب ليس في أساليب الإضاءة أو المولدات وإنما في سوء استخدامها وعدم قراءة التعليمات وشروط الاستخدام قبل بدء عملها، مؤكداً على أن بعض الحالات التي وقعت نتيجة خطأ في طريقة تزويد المولد بالمحروقات، أو ترك الشمعة تحترق، "فمثلا يقوم المواطن بإضافة السولار والمولد يعمل، وأناس تستعمل الشمع للتأكد من امتلاء المولد بالوقود، فينتج عن ذلك حريق وانفجار كبير"، كما أن كثيرا من الناس يضعون جالونات البنزين بجوار المولدات، مما يزيد حجم الكارثة’.
إرشادات السلامة
ويقدم النقيب لولو إرشادات السلامة للمواطنين في استخدام المولدات الكهربائية التي كانت أكبر أسباب الحرائق: بسبب تكرار الحوادث المتعلقة باستخدام مولدات الكهرباء والتي لا يكاد يخلو بيت منها في قطاعنا الحبيب، لذا يجب على المواطنين قراءة تعليمات التشغيل الخاصة بالمولد قبل استخدامه، ووضع المولد خارج المنزل وبعيداً عن متناول الأطفال، وذلك لأن عوادم المولد سامة وخاصة غاز أول أكسيد الكربون، وكذلك وضع المولد في مكان خاص وجيد التهوية، وبعيداَ عن الأمطار والعواصف، ويتابع الإرشادات: يجب توصيل المولد بالسلك الأرضي وذلك لتفريغ الكهرباء والشحنات الزائدة لتجنب الصدمات الكهربائية، والتأكد من سلامة التوصيلات الكهربية وملائمة الأسلاك أثناء التحميل مع المولد، وعدم التحميل الزائد على المولد بحيث يكون التحميل أقل من قدرة المولد، لتفادي حدوث أضرار في الأجهزة الكهربية أو المولد نفسه أو حدوث حريق من السلك المزود للطاقة، وإطفاء المولد قبل تزويده بالوقود، علماً بأن معظم الحوادث كانت لهذا السبب، التأكد من عدم وجود تسريب وقود بالمولد قبل التشغيل وإقفال صمام الوقود بشكل جيد قبل التشغيل.
وحذر لولو المواطنين من إشعال السجائر أو الولاعة عند التعامل مع البنزين أو المولد، وعدم تخزين الوقود الخاص بالمولد بالقرب منه أو داخل المنزل، ويجب تخزينه في حاويات جيدة وبعيدا عن مصادر الحرارة والشرارة الكهربية، وأخيراً توفير طفاية غاز بالقرب من المولد وذلك لاستعمالها في حالة الحريق.
وأفادت مصادر طيبة أن عدد القتلى جراء انفجار المولدات بلغ 16 شخصا، بينما بلغ عدد ضحايا الحوادث المنزلية المختلفة التي لها علاقة باستخدام الوقود واسطوانات الغاز والمولدات منذ عام 2009 وحتى اللحظة أكثر من 75 ضحية.