قائمة الموقع

مقال: البطل

2013-05-06T13:00:18+03:00
عمرو منصور
بقلم- عمرو منصور

كان عرضاً غريباً لم أتوقعه على الإطلاق، حيث فاجئني بكلمات سريعة وشديدة الترتيب، أستاذ عمرو أنا فلان معي  فريق من المساعدين من مخرجين ومعدين وطاقم تصوير ومونتاج يمكننا أن نساعدك في لقاءاتك التليفزيونية، ومجموعة من "أدامن" الصفحات الثورية، سنقوم بتسويق كل حرف تكتبه، فوعدته بالتفكير في العرض، وبالفعل أخذت أفكر.. كيف يمكن أن يتحول إنسان في وقتٍ قصير إلى بطل.

أخذت أجول بخاطري في الواقع المحيط بي، لأكتشف أن ما عُرض عليِ ما هو إلا جزء مما يحدث الآن على الساحة، فكثير ممن يحتلون الشاشات ليتحدثوا باسم جموع الشعب وأحلامه، ويحتكرون معانى الثورة والنضال، ما هم إلا فقاعات إعلامية وأبطال في ميادين الفضائيات، وأساطير في صفحات الصحف، لكن المواطن العادي لا يعرف عنهم شيئاً.

معي  مجموعة من "أدامن" الصفحات الثورية وسنقوم بتسويق كل حرف تكتبه، هذه الجملة التي اخترقت صخب الفيس بوك، ما تزال تتردد في ذهني، كيف أن الكثير من هذه الصفحات أصبحت مثل الشقق المفروشة، يمكن لأى شخص أن يستأجرها ويسوق لنفسه من خلالها بعض البطولات الوهمية، وبمساعدة مجموعة المستشارين المستأجرين يصبح الشاب ملهم الجيل الذى يتصدى للإمبريالية والاشتراكية والشيوعية و"الملوخية بالمهلبية"، ويستطيع أن يحشد ببعض الجهد مئات وربما الآلاف من الشباب المتحمس الغاضب ومش طايق عيشته، ليحطموا ويخربوا كل شئ يتم توجيههم نحوه، ثم تستقبله الفضائيات الملغومة استقبال الفاتحين ومحرري الشعوب ليتحدث عن تقرير مصير شعب وأمة، ومهدداً بالخراب إذا لم يتم الاستجابة لمطالبه، وتتناقل الصحف تصريحاته كأنها من وحي آلهة الثورة.

وبعد فبركة مؤامرة لاستهدافه وأن حياته في خطر، والأجمل لو كان بالفعل تعرض لإصابة خلال إحدى معاركه الثورية، فيبدأ ما يسمى بمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني المحلية والدولية في استضافة هذا البطل وتكريمه، وإفساح المجال له في منتدياتها ليطفح على الحضور رؤيته الخزعبلية، التي تقوم على رفض كل ما هو قائم وسيقوم طالما لم يكن شريكاً في صناعته، وربما يحصل على إحدى الجوائز الدولية، ويصبح سفيراً لإحدى المنظمات، وقد يفتح لنفسه "بيزنس" محترم، ويحصل على وظيفة مرموقة، وفي النهاية يتوقف كل ذلك على مدى شطارته.

ومما ليس منه بٌد عند البعض، هو أن يكون البطل الثائر قليل الأدب، يجيد استخدام كل الألفاظ القذرة و"سب الدين"، وفي أي مكان ووقت دون أدنى إحساس بالحرج، يتطاول على الناس مهما بلغت مكانة أحدهم، كافراً بقيم المجتمع وعاداته إن تطلب الأمر ذلك، وحوله عدد من الفتيات المسحورات ببطولته على طريقة هيركليز تطمح كل منهن أن تكون زوجته يوماً ما، أو على الأقل رفيقته حتى حين.

هل تريد أن تصبح بطلا؟!.. الموضوع بسيط جداً، مجموعة من المتخصصين في خدمتك، كل ما تحتاجه هو أن تدفع بعض الأموال لهم -لا تقلق ستعود إليك أضعافاً مضاعفة بعد ذلك- وتسب وتلعن كل شئ، وتتهم الجميع بالجهل والتخلف، والبحث عن مصالحه الشخصية، وستجد نفسك خلال شهور أصبحت بطلاً.. شوفت البطولة سهلة إزاي!.

اخبار ذات صلة