مصطفى الصواف
نظرت ذات مرة في إحصائية لعدد الاعتداءات التي قام بها خارجون عن القانون في قطاع غزة وهالني عدد الاعتداءات والتي صنفت على أكثر من اتجاه، وتوزعت بين أعمال تقوم بها فئات ذات فهم خاطئ للحلال والحرام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفئة يقوم بها مجموعة ذات أبعاد سياسية وتسعى إلى عودة الفوضى والفلتان الأمني إلى القطاع بعد أن تخلص منها وعاش فترة من فتراته الذهبية في الأمن والاستقرار، وفئة ثالثة قائمة على أساس الثأر والانتقام وهي ذات بعد عشائري أو اجتماعي متعدد الأسباب؛ ولكن في نهاية الأمر هذه الأفعال المُجرمة قانونا تزعزع الأمن والاستقرار وتثير هالة من القلق في صفوف المواطنين.
يبدو أن هذه الفئات الثلاثة استغلت هامش التسامح التي تبديها حكومة الأستاذ إسماعيل هنية في التعامل مع هذه الظاهر وعلى أمل معالجتها بشيء من الحكمة الزائدة واعتبار أن هذه الحالات يجب أن تأخذ برفق وبلين والعمل على زيادة جرعات الوعي الديني والفهم الحقيقي للدين، وكذلك حالات الفوضى السياسية ومعالجتها بطرق تتناسب معها على أمل أن يعود إلى هذه الفئة إليها العقل والرشد.
صحيح قد تكون هذه المعاملة ذات جدوى، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار أن فئة الفوضى السياسية يجب أن تعالج بطريقة مختلفة خاصة أن هناك أطرافا فلسطينية وأخرى عربية مجاورة لازالت تخطط في إشاعة حالة الفوضى وتقويض الأمر وتصدر أوامرها بشكل دائم وفق تخطيط مدروس لو نجحت في تنفيذه يعني العودة مرة أخرى إلى الفترة الماضية وهذا اعتقد مرفوض ومدرك من قبل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة.
ونتيجة هذه الاعتداءات وتزايد حالاتها دعت الحكومة الأجهزة الأمنية إلى الضرب بيد من حديد على أيدي من يقترف هذه الأفعال من الفئات المختلفة حفظا للأمن الداخلي وامن المواطن وحتى تكون الصورة الأمنية صحية وسليمة في أوساط الجمهور في ظل التهديدات الأمنية الإسرائيلية والتي تزيد مع هذه الأفعال حالة التردي الأمني النفسي الداخلي للمجتمع الغزي؛ لذلك يجب أن تأخذ في الاعتبار كل هذا الأمور.
وهنا يجب على الحكومة أن تفرق في التعامل مع هذه الحالات الثلاثة وان لا تستخدم معهم نفس الأسلوب والطريقة في الردع والإحباط، وربما بدأت في مجموعة سوء الفهم أو المغالاة في التفسير وتحديد الحلال والحرام، وكانت المعالجة متواضعة ولم تتواصل بشكل جدي وكانت بعيدة عن المتابعة، وهذا يتطلب من السادة العلماء والوعاظ في كل مكان الرسميون منهم وغير الرسميين للعمل بشكل أوسع واكبر للتواصل مع من يحمل هذه الأفكار واختراق عقر دارهم ومقارعة الحجة بالحجة والفكر بالفكر، لان المشكلة هنا مشكلة فكرية بحاجة إلى زيادة في الجهد وستكون ثمارها بإذن الله واضحة مع بقاء البعض على نهجه عندها تتم المعالجة بشكل مختلف.
ولكن الفئة الأخطر هي المدفوعة بدوافع سياسية هدفها الأساس هو التخريب وإفساد حالة الاستقرار الأمني، فهذه بحاجة إلى تعامل بشيء من الغلظة والشدة دون تجاوز للقانون وحقوق الإنسان، وعلى الحكومة أن لا تعير أهتمان كثيرا لمراكز حقوق الإنسان؛ لأنها ليست أحرص من الحكومة على حقوق الإنسان، وهذه المراكز تصرخ مع تزايد ظاهرة الفلتان الأمني، وتصرخ لو قامت الحكومة بالمعالجة الأمنية للظاهرة، فاتركوها تصرخ وتولول كما تريد؛ ولكن يجب أن نحرص على أن نتعامل مع الناس وفق المبادئ التي نؤمن بها لأنها تحقق حقوق الإنسان وهي سبقت هذه المؤسسات بمئات السنين.
يجب على الحكومة الأخذ على يد المجرمين كل حسب خطورته وجرمه، وان لا تتردد في القيام بالواجبات التي يمليها عليها القانون والمصلحة العليا للوطن والمواطن، هذه المصلحة هي أهم بكير من مصالح الأفراد أو التنظيمات أو الهيئات المختلفة.