"عراق بورين".. شعلة جديدة في المقاومة الشعبية

اعتداءات المستوطنون على قرية عراق بورين
اعتداءات المستوطنون على قرية عراق بورين

الضفة الغربية- لمراسلنا

"ما أن يرى الناس المستوطنين.. حتى يهب جميع أهل القرية إلى الجبل، وكأنها انتفاضة، الجميع يركض باتجاه الجبل.. شباب ورجال وأطفال ونساء، كلهم يدافعون عن أراضي القرية، حتى العامل الذي يكون قد وصل للقرية لتوه عائداً من العمل لا يذهب لبيته، بل يتجه إلى الجبل لينضم مع الآخرين".

هكذا وصفت الحاجة "أم فراس" من قرية عراق بورين مشهد المظاهرات التي ينظمها الأهالي أيام السبت من كل أسبوع منذ حوالي الشهرين، حيث يتصدى الأهالي لقطعان المستوطنين الذين يحاولون مصادرة أراضي القرية وحرقها وإتلاف مزروعاتها.

وأضافت الحاجة أم فراس لـ"الرسالة نت":"هذه أرضنا وإذا ما دافعنا عنها بصادروها كلها، ولادنا ومالنا وحالنا كلنا فداء لهذه الأرض، أنا وولادي وزوجي بنطلع كل سبت وبنتصدى للمستوطنين".

وتعيش قرية عراق بورين الواقعة جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، واقعا خطيرا في ظل زحف مستوطنة براخا المحاذية للقرية، حيث يهجم المستوطنون على أراضي القرية أيام السبت من كل أسبوع، ويحاولون الوصول إلى أحد الآبار الزراعية التابعة للقرية، بحجة انه مكان مقدس لليهود، الأمر الذي تنفيه الحقائق ويرفضه أهالي القرية، الذين أكدوا أنه بئر للأراضي الزراعية أنشأته وزارة الزراعة منذ سنوات، وأنه لا علاقة لليهود به من قريب أو بعيد.

مصادرة الأراضي

على الصعيد ذاته يشتكي أهالي القرية من عدم الاهتمام بمعاناتهم من قبل الجهات الرسمية والمختصة، وعدم توفير أي دعم لهم لتعزيز صمودهم في وجه المستوطنين الذين يتلفون أراضيهم وأشجارهم.

الحاجة أم توفيق قالت لـ"الرسالة نت":"200 دونم صادروها من أراضينا، 100 صادرها الاحتلال لصالح المستوطنة، و100 أخرى بمنعونا نوصلها أو نزرعها ونقطف الزيتون منها.. وكل هذا وما في حدا طل علينا أو دعمنا بشيء، ولا حدا من المسئولين قدم لنا حتى الدعم المعنوي..!".

ووصلت مساحة الأراضي المصادرة من القرية إلى أكثر من 300 دونم، بينما يؤكد أهالي القرية أن المغتصبين الذين يسكنون في مستوطنة براخا، يسعون إلى مصادرة المزيد من الأراضي وضمها لمستوطنتهم. 

وأشار أهالي القرية أن المستوطنين يأتون إلى بئر ماء تم إنشاؤه منذ سنوات لري الأراضي الزراعية المجاورة، ويسبحون فيه ويمارسون طقوسا دينية.

 مقاومة شعبية

ويؤكد أهالي القرية أن عددا من الشبان يقومون بمراقبة الأراضي الزراعية في أيام السبت، وهو موعد هجوم المستوطنين على القرية-وهو يوم عطلة اليهود-، وما أن يتنبه الشبان لقدومهم حتى ينتشر الخبر في القرية ويهب الجميع للذوذ عن أراضيهم وبيوتهم.

الحاجة أم أحمد قالت:"في أحد الأيام اكتشف الشباب وجود مستوطنين اثنين تسللوا إلى القرية ووصلوا سطح أحد البيوت فيها، فهب شباب القرية باتجاههم وضربوهم ضربا مبرحا حتى أن أحد المستوطنين الاثنين ضرب بشكل عنيف من الشباب، ولولا قدوم الجيبات والجنود الصهاينة لكان مات بين أيديهم".

وتؤكد الحاجة أم أحمد أن نساء القرية يشاركن في المظاهرات والمواجهات الأسبوعية، وتقول:"لما الوحدة يكون زوجها وولادها كلهم طالعين.. أكيد بدها تطلع معهم على المواجهات، رجالنا وولادنا بدهم مساعدة ولو معنوية منا، ولما الواحد منهم يشوف أمه أو أخته وراه بكون عنده عزيمة أكثر انه يروح ويحارب المستوطنين".

أما السيدة حنان فقالت:"أطفالنا ورجالنا يسجلون بطولات كل يوم سبت، لكن غياب الإعلام عنهم يجعل الاهتمام بهم نادر جدا، حتى على مستوى الإسعاف الذي لا يأتي إلى القرية أثناء الاشتباكات، كثير من الشباب أصيبوا خلال المواجهات ولا يصل الإسعاف إلا بعد عدة ساعات ، وبعد اتصالات كثيرة، وهذا أمر يزعجنا ويقلق الشباب، فالمفروض أن يكون الإسعاف على الأقل معهم في هذه المواجهات لعلاج أي إصابة".

هذا ما أكده أحد المواطنين من القرية قائلا:"لقد أصبت خلال مواجهات مع المستوطنين بقنبلة صوت في ظهري، وبعد ساعة كاملة جاء الإسعاف".

غياب الإعلام

شاب آخر من القرية احتج على غياب كاميرات الإعلام وأقلامه عن معاناة القرية، قائلا:"نحن نعاني منذ شهور من مستوطني براخا، ولا يوجد أي اهتمام إعلامي بقريتنا، نحن لا نسعى للشهرة أو ثمن لجهادنا.. لكننا بحاجة لدعم معنوي ونشعر أن هناك من يسمع بنا وبمعاناتنا ويحاول أو يساعدنا".

وأضاف:"هؤلاء المستوطنون من الجماعات الدينية المتشددة والمتطرفة، ولديهم عقيدة قوية بأن هذه الأرض لهم، لذلك علينا أن نجابههم باستمرار ودون كلل أو ملل ليعلموا أن عقيدتنا هي الأقوى والأرسخ وأن الأرض لنا وليست لهم".

وأشار:"كلما توجهنا لأحد يقول لنا ارفعوا شكوى للارتباط، وهم سيتابعون الموضوع، لكن هذا كله على الفاضي وما بفيدنا باشي.. إذا ما دافعنا عن أرضنا بأيدينا وأرواحنا ما رح يحلها الارتباط..!".

فتاوى الحاخامات

وكانت عدة فتاوى أطلقها حاخامات يهود مستوطنات الضفة، كان أولها من مستوطنة يتسهار، والتي تدعو إلى ضرورة التوسع الاستيطاني في أراضي الضفة، والفتوى الثانية كان تقضي بتسميم الأشجار والمزروعات وحرق الأراضي الزراعية التي يملكها الفلسطينيون، وهذا ما حدث في كثير من القرى ومنها قرية عراق بورين.

أما الفتوى الثالثة للحاخامات فتقضي بالاعتداء على المساجد والمقدسات الإسلامية، كما حدث في اعتداء المستوطنين منذ أسابيع على مقبرة إسلامية في قرية ياسوف وتكسير شواهد القبور فيها، والاعتداء على مسجد في قرية بورين.

وكان المستوطنون في الضفة عرضوا مبلغ ألف شيكل يوميا لكل جندي إسرائيلي يمنع إزالة مستوطنة من أراضي الضفة، والتي قررت الحكومة إزالتها بالماضي، مما يدلل على العقيدة الراسخة لدى المغتصبين في هذه المستوطنات بأنها ملكهم.

جدير بالذكر أن الاحتلال أخطر أربعة منازل في قرية عراق بورين بالهدم، الأمر الذي يثير قلق أهالي القرية من احتمال وصول إخطارات أخرى، ففي محافظة نابلس وقراها ما يقارب 146 منزلا مهددا بالهدم في عدد من القرى المجاورة.

 

البث المباشر