أحسّت بتعب في قدميها, جلست على حجر بجانب طابور المصطفّين لاستلام "كابوناتهم" أمام مركز تموين الشاطئ التابع للأنروا, تنتظر دورها .
منديلها الأبيض يخفي تحته شعرًا غزاه الشيب, يحكي قصة عجوز مضى من عمرها سبعون عامًا وهي ترقب عودتها لبلدتها الأصلية " يبنا " .
هذا حال أم أيمن -اللاجئة الفلسطينية التي هُجّرت من بلدتها قبل 65 عامًا-, تنتظر يوم استلام الكابونة على أحر من الجمر فتحتضن "كرت التموين" الخاص بها وبطاقة هويتها, وتهرع لمركز توزيع المساعدات .
بطاقة تسجيل اللاجئين أو ما يعرف بـ "كرت التموين" الصادر عن الوكالة أصبحت عند الكثير من اللاجئين أهم من كتب الدراسة لأنه بدونها لا يستطيعون الحصول على أيٍ من الخدمات التي تتمثل بالمساعدات النقدية والعلاج والتعليم، التي تقدمها الأنروا في مؤسساتها.
تعتبر أم أيمن كرت التموين كل شيء في حياتها بسبب ضيق الحالة الاقتصادية التي تعاني أسرتها منه, فهو المسبب الرئيسي لرزقها بعد الله عز وجل.
تقول عن بطاقة التسجيل كما بقية اللاجئين :"هو الحيلة والفتيلة وما إلنا إلا الله ثم كرت التموين", في حين أنها في المقابل لم توفر جهدًا في الحديث لأبنائها وأحفادها عن يبنا بلدتها الأصلية.
مع أهمية كرت التموين لأم أيمن والبحث عن الرزق على أبواب مراكز الأنروا, إلا أن ذلك لم ينسها فلسطين التاريخية وقريتها الأصلية.
عدنان أبو حسنة المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة، يشير إلى استخدام بطاقة التسجيل لتثبيت اللاجئين الفلسطينين في سجلات الأمم المتحدة وحصر أعداد اللاجئين باستمرار في مخيمات اللجوء.
وأشار أبو حسنة إلى أن الوكالة منذ انشائها عام 1950 بقرار من الأمم المتحدة, بدأت باستخدام هذه البطاقة لتثبيت اللاجئين باعطاء كل شخص منهم رقم يعرف به.
وأكد على أهمية هذا الكرت بالنسبة للاجئين إذ أن حامله يتمتع بكل الخدمات التي تقدمها الأنروا المتمثلة في التعليم بالمدارس والعلاج في العيادات التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
وأوضح أبو حسنة أن الوكالة أنشأت لخدمة اللاجئين وتقديم المعونات لهم وليست من أجل أن ينسى اللاجئون أرضهم وبلداتهم الأصلية, مستشهدًا بأنها دونت اسم البلدة الأصلية بجانب مكان الإقامة في كرت التسجيل.
ونوه إلى أن الوكالة تقدم معونات تقدر بمبالغ ضخمة للاجئين الفلسطينين في مخيماتهم داخل وخارج فلسطين.
بدوره، يرى نشأت أبو عميرة رئيس اللجنة الشعبية لشئون اللاجئين بمدينة غزة, إلى أن وجود الوكالة مرهون بوجود اللاجئين, منوهًا إلى أنه في السابق كانوا يعتقدون أن الكبار يموتون والصغار ينسون.
وقال أبو عميرة :"إن المعونات والخدمات التي تقدمها الوكالة هي حق للفلسطينين وليست منة منهم", مستبعدًا أن تكون هذه الخدمات مؤامرة على اللاجئين لنسيان أراضيهم, مستدلًا بأن الكبار قبل أن يموتوا ورّثوا الأجيال مفتاح الدار وأن الصغار لم ينسوا.
وأوضح أنه من خلال اجتماعاته مع ممثلي الوكالة أنهم يقدمون ما يستطيعون لخدمة اللاجئين, مشيرًا إلى أنهم يسعون لجلب الأموال لاكمال مشاريعهم.
ويعيش الفلسطينيون في 15 من أيار من كل عام ذكرى نكبة وطنهم المتمثلة بقيام دولة الاحتلال على أنقاض الدولة الفلسطينينة, ويأملون بالعودة لديارهم .