خطف مجهولون سبعة جنود مصريين (غير مسلحين !!) في شمال سيناء. وزارة الدفاع المصرية لا تعرف الخاطفين (يكفي أنها تعرف المخطوفين !!). وكالات الانباء تقول أن الخاطفين ينتمون الى جماعات اسلامية متشددة تتبع لعشائر مصرية بدوية.
يقال أيضا أن الخاطفين يطالبون بأطلاق سراح سجناء إسلاميين في السجون المصرية. لا ندري أسجن هؤلاء أيام مبارك ونسي النظام الأخواني أطلاق سراحهم أم أن الإخوان اعتقلوهم، ام أن هناك تنسيقا مصريا أمريكيا في هذا الشأن على اعتبار أن فكر هذه الجماعات قريب من فكر القاعدة، وربما تكون هذه الجماعة هي نفسها التي تورطت بقتل الجنود المصريين في رمضان الفائت ولم تتوصل السطات المصرية لهم لحد الآن.
أيا كان الوضع فالظاهر أن المشكلة مصرية مصرية بين الاسلاميين المعتدلين (الاخوان) والاسلاميين المتطرفين (التكفيريين). التكفيريون هؤلاء ببساطة فقدوا البوصلة، انهم يحاربون حكوماتهم (الكافرة بنظرهم) قبل أن يتفرغوا لمحاربة اسرائيل كما يدعون.
الاعلام المصري بعد كل حدث مثل هذا (وجلهم من الفلول) يشحذ سكاكينه ويلمع سيوفه ويوجه كل مدافعه، لا نحو التكفيريين أو العصابات المسلحة أيا كانت، بل نحو …….. غزة. التحقيقات أثبتت أن لا علاقة لغزة ولا للغزيين بمهاجمة الجنود المصريين أو خطفهم، ولا أحد يسمع أو يعقل وتستمر الحملة على غزة المسكينة وأهلها المحاصرين في شعب بني هاشم منذ سنوات.
الغريب في القصة كلها أن يقوم الجنود المصريون المرابطون على معبر رفح الفاصل بين غزة ومصر بأغلاق المعبر دون أي أمر عسكري أو اداري من وزارة الداخلية أو الدفاع أو الرئاسة المصرية. أما الأغرب من هذا كله ان لا تقوم الرئاسة المصرية أو وزارة الداخلية أو الدفاع بمساءلة هؤلاء الجنود عن هذا الفعل الأرعن ،غير المسؤول، او التحقيق معهم لقيامهم بأفعال دون أوامر عسكرية مباشرة أو غير مباشرة.
يبدو أن هؤلاء الجنود يتلقون أوامرهم مباشرة من الاذاعات والتلفزيونات والجرائد المصرية المحرضة على غزة، ربما أختلط عليهم ألأمر، يبدو أنهم مسطولون (أو مبرشمون) والله أعلم.
قد نتفهم الموضوع لو أن الامر استمر لساعة أو اثنتين، اما أن يستمر لثلاثة أيام، حتى ساعة كتابة هذه السطور، فهذا أمر يحير عقول ذوي الألباب. الاحتمال الاخر هو أن أمرا عسكريا أو اداريا صدر بالفعل لأغلاق المعبر، وتتستر عليه الحكومة المصرية، والسؤال الكبير هو لماذا ؟
معبر رفح هو المتنفس الوحيد لمليون ونصف غزي. فيهم الطلاب والمرضى والزائرون والتجار الذين لا استغناء لهم عن عبور المعبر بالاتجاهين. كل هؤلاء ماذا جنوا حتى تتعطل دراستهم واعمالهم ومصالحهم التجارية، وتتدهور صحة المرضى منهم جراء اغلاق المعبر من قبل حفنة من الجنود يعبرون عن غضبهم لاختطاف زملائهم بمعاقبة أهل القطاع كله على ذنب لم يقترفوه أصلا.
كنا قد تفاءلنا بزوال حكم مبارك، وفوز الاخوان بالحكم معتقدين أن هذا سيخفف معاناة أهل القطاع. أغرق النظام المصري الثوري الجديد أنفاق غزة بالمياه العادمة، وهذا معقول ومقبول لو أن المعبر سيبقى مفتوحا دوما، عندها لا يبقى أي مبرر للأنفاق والتهريب، ولكن بعدها أغلقت المعابر مرارا، واستمرت المعاناة.
الجنود المصريون السبعة المخطوفون لم يكونوا مسلحين، والجنود الذين أغلقوا المعبر يطالبون بتسليحهم حتى يحموا انفسهم من القتل او الخطف. غريب !!! الجنود المصريون في شمال سيناء غير مسلحين !!! هل هذا كان أحد شروط كامب ديفيد لإرجاع سيناء للمصريين، ولماذا يسكت الرئيس مرسي على شروط مذلة كهذه، وهو وحزبه قالوا في كامب ديفيد (ايام مبارك) أكثر مما قال مالك في الخمر، فلماذا كلامه في السلطة يختلف الان عما كان عليه ايام المعارضة، وكأن كلام الليل يمحوه النهار.
الثورة المصرية تحتاج وقتا حتى تستقر الامور، وقد تكالبت عليها القوى لعرقلتها، ولكن، ربما يكون المستقبل.
القدس العربي