نضوجٌ مبكر ذلك الذي أصاب طلاب المخيم العلمي المتميز المئة والعشرين وذلك لأن المحامي والطبيب والمدرس والمهندس لم يكن يوماً في عمرهم ! .
القبعات المرقطة تخفي تحتها كثير من الطموحات الحالمة، وهي تدور خلف مقود الأمل بأن تصبح من باقة المجتمع المؤثرة .
وتقيم الكتلة الإسلامية في محافظة الوسطى "المخيم العلمي المتميز" على أرض مدرسة الشهيد عدنان الغول جنوب مفترق الشهداء .
يضم المخيم 120 طالبًا مقسمين على أربعة أقسام "الطب-الهندسة-المحاماة-التدريس ويشرف عليهم مدربون شبان يستضيفون في كل يوم عددًا من الأكاديميين والمتخصصين.
فترة الدوام أربع ساعات مقسمة إلى قسمين الأول عام ويضم فقرات ثقافية وترفيهية والثاني متخصص وملون بين التركيزات الأربعة.
ضيف يومي
بين حين وآخر يجتمع طلاب الفصول الأربعة تحت سقيفة واحدة، لمتابعة محاضرة لضيف من خارج المخيم.
آخر الضيوف كان المحرر أيمن الشراونة صاحب الرقم القياسي في الإضراب عن الطعام حتى نال حريته قبل أسابيع من سجون الاحتلال .
الشراونة ألقى محاضرة قسم فيها معاناة الأسرى إلى قسمين الأول معاناةً يومية والثاني خلال أيام الإضراب عن الطعام .
وأضاف:"المعظم يتحدث عن الأسرى كأرقام فيقولون هناك 5000 أسير ولا أحد يتحدث عن معاناة وويلات الأسر فمنهم 1200 مريض بمرض مزمن و200 بحاجة لجراحة عاجلة و25 مصابون بالسرطان وعشرات آخرون مقعدون" .
وتعرض الشراونة إلى معاناة الأسرى المعزولين الذي خرجوا عقب إضراب السجون مايو 2012 ليعيشوا مع بقية الأسرى في السجون وبقي منهم فقط الأسير عوض الصعيدي وضرار أبو سيسي.
وتابع: "المعزول لا يرى إلا السجان ولا يتكلم مع أحد ولا يزوره أحد إلا المحامي كل فترة متباعدة, كانت فرحتهم لما خرجوا من العزل اكبر من فرحتنا لما تحررنا في الصفقة".
وشرح الشراونة، معاناة الأسيرات الأربعة عشر وما يتعرضن له من تفتيش مذل ومضايقات من "الإسرائيليات" الجنائيات يوميًا معرجًا على استهداف الاحتلال للأطفال في السجون.
ورد الشراونة على عدد كبير من أسئلة الطلاب حول تجربته وقضيته التي خاض لأجلها أطول إضراب عن الطعام في تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة .
مشرفون
بعد التقاط الصور مع الشراونة وتكريمه بدرع المخيم الذي يحمل وسام الكتلة الإسلامية عادت الحركة إلى طبيعتها, طلاب في خطوط متوازية يدلفون للفصول.
وأكد أمجد أبو مزيد مسئول الكتلة في وسط القطاع أن المخيم العلمي المتميز محطة ضمن مشروع متكامل للاهتمام بالمتميزين.
وأضاف "سبقه أنشطة والآن يتخلله سلسلة فعاليات ولقاءات ترفيهية وتجميعية ضمن خطة متكاملة".
أما مدير المخيم طارق طبازة فيتخلّص من مهامه اليومية وهو يتابع سلسلة أوراق إدارية قبل أن يقول للرسالة نت، إن المخيم اختار طلبة حاصلين على معدلات دراسية مرتفعة ومتميزة.
وأوضح طبازة أن الطلبة استهدفوا قبل شهرين برحلات علمية للجامعات والمصانع بينما يلتحقون الآن بتخصصات حسب الميل والرغبة.
وأضاف "تم تقسيمهم في أقسام الطب والهندسة والمحاماة والتدريس وهم يأخذوا مداخل كل تخصص ومحاضرات أخرى".
وينقسم اليوم لقسمين، ساعتان للمحاضرات العامة وأخريين للمحاضرات المتخصصة كل حسب قسمه فيما سينتهي اليوم الخامس والأخير بزيارات ميدانية للمؤسسات العلمية والطبية والهندسية والحقوقية.
مهندس وطبيب
في الطابق الثاني تدور جلبة أربعة فصول, الطالب مصطفى الشيشنية من تخصص الهندسة يقول إن اختياره للتخصص جاء رغبة في مقاومة دمار الاحتلال.
ويضيف مصطفى "حتى أعمر بلدي من خراب الاحتلال بعد الحروب والمجازر, استفدت كيف تنمية البيئة والوعي البيئي وهنا أمضي 4 ساعات".
أكثر ما أعجب مصطفى في المخيم هي فقرة الأحجية العلمية والتي تأتي بشكل متكرر بعد يوم من الدراسة والتقاء المتخصصين في المخيم.
وفي الصف المجاور يدرس الطالب براء الجدي من الصف السابع تخصص الطب حباً في مهنته المستقبلية –كما يقول .
براء اختار الطب رغبة منه في مساعدة الناس, ويقول: "طبعا أنا اخترت الطب كمهنة مستقبلية، وحتى أعالج المرضى".
ويصوّر اليوم العلمي: "يبدأ يومنا صباحاً بلقاءات مع متخصصين كل حسب قسمه، وينتهي بلقاءات أخرى ثقافية وترفيهية والأجواء هنا شيّقة" .
مدرس ومحامي
في الرواق الأخير للمدرسة يتحرك الطلاب في خطين متوازيين, مسعود واحد منهم أعجبته قيمة العدل بين الناس في تفاصيل المهنة .
ويضيف "هذا القسم به المساواة بين الناس لازم نقف مع المظلوم ونساعده حتى ينال حقه من الظالم" .
وقال إنه استفاد من اختياره لتخصص المحاماة وكثير من الفقرات التي تزرع حب الوطن وتؤكد على حق العودة لفلسطين .
وهناك يتعلم الطلاب فن التربية ويلتقون بالأكاديميين, الطالب يوسف المقادمة يتحدث عن تخصص التدريس وكيف تلقى محاضرات عن التربية والتعليم.
وقال: "مخيم ممتع, يعلموني كيف ننجز ما نحتاج، وبنروح على الجامعات والمدارس وهنا تعرفت على كثير من الأصدقاء" .
ويتناوب على إلقاء المحاضرات عدد من المختصين والأكاديميين في الأقسام الأربعة في كل يوم، فيما يوشكون على إعداد الحفل الختامي قريباً تتويجاً للنجاح والتميز الواعد.