قائمة الموقع

الخيانة الزوجية عبر الانترنت ضريبة للتطور الالكتروني

2010-02-15T11:45:00+02:00

غزة / ديانا طبيل

لم تدرك "سمر ع. 25 عاما" وهى تجلس أمام جهاز الكمبيوتر أن نهاية جلساتها هذه ستكون الطلاق والفضيحة ، فقد تعرفت على احد الشبان عبر غرف الدردشة في نية لم تكن تتعدى سد وقت الفراغ ، لكنها مع الوقت تحولت إلى علاقة غرامية ليس لها في قاموس اللغة غير مسمى واحد "خيانة زوجية الكترونية".

طلاق وفضيحة

سمر ليست الوحيدة من النساء التي تمارس هذه الخيانة فكثيرات أصبحن يمارسنها بمبرر إهمال الزوج وغيابه عن المنزل لساعات طويلة، وعن ذلك تقول سمر: " تزوجت منذ سنة تقريباً ولم يمر يوم دون أن يخرج زوجي للسهر ويتركني بمفردي داخل البيت ، حيث إننا نعيش في منطقة بعيدة نسبياً عن منطقة سكن أهله واهلى ، فقررت البحث عن شيء يشغل وقتي ويؤنس وحدتي وسرعان ما وجدت ضالتي في غرف الدردشة" .

وتضيف :" تعرفت على شاب بهدف الصداقة البحتة وأردت أن يكون الحديث عادياً فإذا به يغازلني بعبارات الحب والهيام، خفت في بادئ الأمر وأغلقت الكمبيوتر، في اليوم الثاني عدت لكلام تاقت أذني لسماعه، ولمشاعر تركها زوجي وخرج ليسهر مع أصدقائه.

وتضيف سمر: استمرت علاقتي مع هذه الشاب لأكثر من سبعة شهور مارست فيها الخيانة الزوجية بكل ما تحمله الكلمات من معنى وذات يوم اكتشف صديق زوجي أمري واخبر زوجي بخيانتي وعلاقتي غير المشروعة فطلقني وسط فضيحة عائلية دمرت حياتي.

"سوزان  س. 30 عاماً" تقول منذ حدوث الانقسام الداخلي واستنكاف الموظفين عن أعمالهم اشترى زوجي كمبيوتر بهدف التسلية والترفيه ولكن منذ دخوله منزلنا بدأ سلوك زوجي يتغير، أصبح قليل الكلام، يجلس أكثر من 10 ساعات يوميا على الكمبيوتر يرن هاتفه باستمرار، ويفضل الجلوس على الكمبيوتر أثناء نومي وفى ساعات الليل المتأخرة.

وأضافت: في احدى المرات قررت تفتيش الجهاز بالكامل، فاكتشفت أن زوجي يحتفظ بصور ثلاث نساء اثنتان منهما طالبتان جامعيتان ويخزن مكالمته معهن ويخبرهن انه غير متزوج بل ويكلمهن باسم غير حقيقي ويواعدهن في احد المطاعم المعروفة بين الفينة والأخرى.

وعن ردة فعلها قالت أنها واجهت زوجها بخيانته برر ذلك بأنه مجرد تسلية وتنتهي وحين أصرت على إنهاء هذه المهزلة قام بضربها مرات عديدة.

زوجي خائن

أما إيمان " 29 عاما" فتروى قصتها لـ "الرسالة نت" والدموع تملأ عينيها: تقدم زوجي لخطبتي وعندما جلسنا لأول مرة مع بعضنا أخبرني ان لديه إحدى الصديقات عبر الانترنت والتي لا يستطيع الاستغناء عن صداقتها وانه قرر مصارحتي قبل كتب الكتاب كي اختار ، فأجبته بثقة أن ذلك لن يشكل لدي ادنى مشكلة وكنت عازمة على قطع علاقته بصديقته هذه بطريقتي الخاصة .

وتضيف: لكن بعد الزواج صدمت بنوعية هذه العلاقة، بل ما اكتشفته أن لزوجي صديقات عديدات لا يعرف أسماءهن أو جنسياتهن ولم يكن يعتبر وجودي ويكلمهن امامي دون أدنى احترام لعلاقة الزوجية التي تربطنا فقررت طلب الطلاق ، وعندما أدرك قراري ذهب إلى أبى واخبره انه ينوي أن يطلقني بسبب اكتشافه اننى على علاقة غرامية بأحد الشبان ، وطالب والدي بتأديبي وبالفعل حدث ما طلب وقام اخوتى وأبى بضربي بطريقة وحشية وارغمونى على تلبية نداء الطاعة والولاء لزوجي الخائن .  

هذه بعض القصص التي بدأت تطفو على السطح كضريبة مجتمعية جراء التطور الالكتروني الذي يتمتع به مجتمعنا المحافظ والتي تصنف على أنها خيانة زوجية أي " علاقة خارج إطار الزواج".

عدة جرائم

وفى هذا السياق تقول الداعية أمال حمد: يعتبر كثيرون أن الخيانة الزوجية مقصورة على ممارسة الزنا، أما الخيانة الزوجية شرعاً فتشمل كل علاقة غير مشروعة تنشأ بين الزوج وامرأة أخرى غير زوجته أو العكس، فالشريعة تعتبر هذا النوع من العلاقة محرماً، سواء بلغت حد الزنا أو لم تبلغ، ويشمل هذا المفهوم المواعدات واللقاءات التي تجري على سبيل العشق والغرام، والخلوة، وأحاديث الهاتف التي فيها نوع من الاستمتاع وتضييع الوقت.

وتضيف: وهناك أيضاً الخيانة البصرية، بواسطة المشاهدة للمناظر الإباحية أو اللقطات المثيرة، والخيانة العقلية عبر الخيال ، فالشريعة الإسلامية لم تحرم الزنا بمعناه المباشر فقط، بل حرمت طرقه والسبل التي تؤدي إليه من باب سد الذرائع مثل الخلوة بالمرأة الأجنبية، والنظرة غير المشروعة لغير الحاجة، وكذلك حرمت كشف العورات لأنها جميعا سبيل للزنا".

بينما يرى الدكتور سلمان الداية الأستاذ المساعد في كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية بغزة أن الخيانة الالكترونية، التي تختلف وسائلها، ليست جريمة واحدة بل عدة جرائم في آن واحد، فمشاهدة الصور والنظر إليها ممنوع وحرام، قد يدفع إلى ارتكاب محرمات أخرى.

ويضيف: "يجب أن يعلم المقدم على هذا الفعل أنه حرام ومعرفة الإنسان بحرمة الفعل من شأنها أن تزجره عن فعله، أيضاً إذا علم الإنسان أن الله جل وعلا من خلال سنته الكونية يجازي الإنسان ويعامله على جنس عمله، فالذي يتجرأ على أعراض الناس ربما ابتلاه الله من جنس صنيعه، فيجد من يتجرأ على عرضه.

وتابع: "إذا استحضر المرء أنه كما يخون سيبتلى بمثل ما يصنع ، وأن الغير يخونه في عرضه فإن هذا يمثل زاجرا، وإذا علم المرء أن صنيعه يجعل حياته من جهة العافية والطمأنينة والهناءة والمال والرزق،  فالمعصية تؤثر في العافية وتؤثر في هدوء الإنسان وطمأنينته وتضيق الرزق".

مغامرة وتجربة

من جهتها  ترى الأخصائية النفسية والاجتماعية علا النوري من جامعة النجاح الوطنية أن الحوار عبر الإنترنت يتميز بأمور تسهل الخيانة، ومنها: "اللاإسمية" حيث لا يعرف طرفا العلاقة اسم أو عنوان أو جنس أي منهما، وهذا يعطي مساحة هائلة من الحرية في التعبير عن الذات دون اعتبار لأي عوامل سياسية أو اجتماعية أو أخلاقية، كما تتميز بحرية الدخول والخروج، فلا إلزام بوقت أو مطالب، وهذه الحرية ربما تكون غير متاحة في العلاقات العادية، وكذلك يتميز الحوار عبر الإنترنت بإنسانية العلاقة، حيث يتحرر الطرفان من أي التزامات حزبية أو طائفية أو دينية أو اجتماعية ويجدان نفسيهما في حوار ثنائي حر، بعيداً عن كل الضغوط والالتزامات السابقة، وهذا يجعل التواصل أكثر تجاوزا للخلافات والاختلافات.

وترجع النوري أسباب خيانة الرجال لنسائهم إلى حبهم للمغامرة والتجربة، أو بسبب أصدقاء السوء الذين يدفعون دوماً للمنكرات، أو بسبب تحقيق مظاهر الرجولة وعودة الشباب، خاصة إذا كان الرجل كبيرا في السن، أو عنده ملل من حياته الزوجية، أما المرأة فتخون زوجها بهدف الانتقام منه ومن خيانته لها، أو بسبب حرمانها العاطفي، أو قد تكون منهزمة نفسيا، ولديها إحباط زوجي فتلجأ للخيانة هروبا من الواقع، أو أنها لا تريد الطلاق وتحرص على اسم "متزوجة"، ولكنها غير سعيدة مع زوجها، وكلا الطرفين يشتركان في صفة واحدة انعدام الوازع الديني وقلة الخوف من الله.

وتعدد الأخصائية الدوافع وراء الخيانة الإلكترونية بالقول "غالباً ما يكون مجرد المغامرة وحب الاستطلاع هو الدافع الأساسي الذي يوصل إلى الخيانة الإلكترونية، وفي هذه الحالة غالبا ما تقتصر العلاقة على مساحة الفضاء الافتراضي دون تطويره إلى علاقة حقيقية.

وتضيف: بعض الأزواج يتجه إلى هذه الخيانة كرد فعل مباشر على تقصير الزوج، أو سوء أخلاقها أو إهمالها في نفسها أو بيتها أو أولادها، أو لأنهم يعيشون مع زوجات مسترجلات لا يتركن مساحة للزوج إلا واقتحمنها بالضجيج و بالتدخل، وقد تكون نواياهن حسنة، ويحاولن مساعدتهم وتخفيف العبء عنهم، ولكن بطريقة غير مناسبة تشرخ العلاقة الزوجية ، كما قد يلجأ لهذه الممارسات بعض من الرجال العاجزين عاطفياً أو الفاشلين اجتماعياً أو المفلسين مادياً أو المحبين للتغيير والتبديل.

اخبار ذات صلة