قائمة الموقع

جيش مصر يهدد شرايين غزة بـ "الزوال"

2013-07-15T12:22:29+03:00
قوات من الجيش المصري في معبر رفح البري (الأرشيف)
رفح- الرسالة نت (خاص)

ظلّت الأنفاق الأرضية بين غزة ومصر طيلة السنوات السبع الماضية ممرًا وحيدًا وشريان حياة لسكان القطاع الساحلي المكتظ بالسكان . والآن ثمة احتمال أن تغلق تلك القنوات بشكل كامل بعد الانقلاب العسكري على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي مطلع هذا الشهر.

وأجبر الحصار "الإسرائيلي" الفلسطينيين على تشييد مئات الأنفاق أسفل الشريط الحدودي الذي يفصل بين مدينة رفح الفلسطينية وقرينتها المصرية.

ومن خلال تلك الأنفاق يمرر الفلسطينيون حوالي 50% من احتياجات القطاع الساحلي الذي يقطنه أكثر من مليون ونصف فلسطيني.

وقتل المئات من الفلسطينيين وفقدوا أطرافهم وهم يشيدون ويعملون في تلك الأنفاق بفعل الغارات "الإسرائيلية" والإجراءات المصرية والانهيارات الترابية خلال السنوات السبع الماضية.

لكن سكان قطاع غزة يعيشون أزمة حقيقية في هذه الأيام بفعل تراجع عمل الانفاق واستمرار السلطات "الإسرائيلية" بسياسة الحظر المفروض على مواد الصناعة والبناء وحتى بعض أنواع الطعام.

وبات الفلسطينيون في غزة بالنسبة لوسائل الإعلام المصرية الرسمية وحتى الخاصة, "الشيطان" المسؤول عن حالة الانفلات الأمني الحاصل في شبة جزيرة سيناء والمحرك للاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري على الرئيس مرسي.

ودفع الجيش المصري لأول مرة بقوات من النخبة وآليات عسكرية ثقيلة بينها دبابات من نوع "أم1 أبرامز" الأمريكية على طول الشريط الحدودي الفاصل مع قطاع غزة مطلع هذا الشهر.

في حين يراقب عشرات الجنود المدججين بأسلحة ثقيلة في أبراج إسمنتية عن كثب, الحركة على طول تلك الحدود البالغة 13 كيلو متر.

وعلى الأرض كثفت وحدات الهندسة من عمليات التدمير خلال الأسبوعين الماضيين من خلال حفر خنادق في باطن الأرض في وضح النهار يصل عمقها إلى 21 مترًا أحيانا.

وهذا العمل بدأ عقب مقتل 16 مجندا مصريا برصاص مسلحين متشددين في شبة جزيرة سيناء في الخامس من أب/أغسطس 2012، وتصاعد في مطلع مارس/أذار الماضي إذ عمد الجيش على ضخ المياه العادمة في مئات الأنفاق تمهيدا لتدميرها.

وقال "موسى" -تاجر مصري يعمل بتوريد البضائع إلى غزة- "تدمير الانفاق يتصاعد بشكل غير مسبوق الآن.. إنهم يعملون بحماسة كبيرة لم تكن موجودة إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك".

ورغم تلك العمليات لا تزال عمليات توريد مواد الصناعة والبناء والمحروقات مستمرة لكن بوتيرة أقل، وحركة العمل في الجانب الفلسطيني من الحدود، وفق موسى.

وكشف مالكو أنفاق فلسطينيون وأخرون في الجانب المصري النقاب عن أن استمرار العمل في الأنفاق يحتاج إلى دفع أموال في كثير من الأحيان لبعض الضباط في الجيش مثلما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير.

وقال موسى بعد إلحاح من مراسل "الرسالة نت" الذي أمضى بعض الوقت في رفح المصرية حول كيفية مواصلة توريد البضائع في ظل الإجراءات الأمنية المشددة، إنه "قدم فروض الطاعة لضابط جديد مسؤول عن المنطقة التي يورد منها الحصمة والاسمنت لكنه يشير إلى أنه يخشى من تدمير النفق في أي لحظة رغم ذلك".

وقال زملاء لموسى "إن معظم الانفاق الموجودة في الحقول وحدائق المنازل دمرت.. فقط الانفاق الموجدة داخل المنازل هي التي تعمل".

وعلى سبيل المثال فقد ارتفع سعر السولار والبنزين لحوالي نصف شيقل في غزة عقب توقف توريد المحروقات خلال الأيام التي تلت الانقلاب العسكري في الثالث من الشهر الجاري.

كما ارتفعت أسعار مواد البناء والصناعة الشحيحة في أسواق غزة بشكل نسبي.

ويرى المعلق الاقتصادي معين رجب، أن توقف الانفاق عن توريد البضائع إلى القطاع يعني ضرب اقتصاد غزة في حال عدم وجود بديل في ظل استمرار السلطات "الإسرائيلية" بفرض قيود على توريد مواد الصناعة والبناء لغزة.

وتشير آخر الأنباء الواردة من القاهرة التي تشهد مظاهرات مليونيه للمطالبة بعودة مرسي إلى أن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي أعطى توجيهات واضحة للواء أركان حرب طاهر عبد الله رئيس الهيئة الهندسية بتدمير الأنفاق كافة على الحدود مع غزة من خلال المعدات أو الآليات الثقيلة، أو عن طريق الغمر بالمياه، خلال فترة قصيرة.

وعلى الأرض دمرت وحدة الهندسة مطلع هذا الأسبوع أربع أنفاق تورد المحروقات إلى قطاع غزة وقد انتشرت صور تلك الأنفاق المدمرة على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك وسط ذهول الفلسطينيين.

كما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر عسكري في الجيش المصري أنه تم تدمير 805 نفقًا على الحدود مع غزة خلال ثلاثمائة يوم.

وأقر مسؤول في هيئة الأنفاق الفلسطينية لـ"الرسالة نت" بأن عمليات التدمير أدت لتراجع عمل الأنفاق، لكنه قال "هناك عشرات الأنفاق لا تزال تعمل".  

وفي مطلع هذا العام عمد الفلسطينيون على تحصين أنفاقهم بجدران إسمنتية وزيادة طولها في عمق الأرضي المصرية لمواجهة تدفق المياه القذرة وإجراءات الجيش المصري بعدما أصدرت محكمة مصرية قرارا بإغلاقها خلال وجود الرئيس مرسي في سدة الحكم.

وخلف الجدار الخراساني على الحدود يرقب الفلسطينيون وبينهم منصور حمد (22 عاما)، حركة مدرعة عسكرية مصرية وحفار عملاق أصفر اللون لا يتوقف عن العمل طوال اليوم.

يقول حمد الذي فقد زميله مطلع هذا العام بفعل الأمطار الغزيرة التي غمرت النفق الذي يعمل فيه "في أي لحظة يمكن أن يصل الحفار حيث نعمل في باطن الأرض .. نحن نواجه الموت في أي لحظة لكننا مؤمنين بقضاء الله ..".

"وكثير من الأنفاق المدمرة كانت تعمل أمام أعين الجيش المصري بعد إسقاط نظام المخلوع مبارك لكن الأمر تغير كليًا الآن" يقول حمد، الذي انتقل للعمل في نفق يصل عمقه إلى 26 مترا قرب بوابة صلاح الدين ، التي كانت ممرا تجاريا بين غزة ومصر قبل ثلاثة عقود من الزمن.

وصاح حمد على جندي مصري يقضي كثير من الوقت في برج خرساني مقابل للنفق الذي يعمل فيه قائلا: "مهما فعلتم لن تستطيعوا غلق الانفاق".

الجندي المصري لم يرد، لكنه ظل يحدق نحوه ويديه على سلاح آلي مصوب نحو الأراضي الفلسطينية.

ويبقى الفلسطينيون في حالة ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في الجانب المصري، وإلى أي مدى سيستمر الجيش بتدمير وهدم الأنفاق الحدودية بين القطاع ومصر.

اخبار ذات صلة