قائمة الموقع

عودة السلطة للمفاوضات من نقطة الصفر "انتحار"

2013-07-22T07:56:10+03:00
المفاوضات السلطة مع اسرائيل (أرشيف)
الرسالة نت - فايز أيوب الشيخ

شكل الإعلان الأخير عن بدء المفاوضات بين السلطة في رام الله و(إسرائيل) من نقطة الصفر وليس من النقطة التي توقفت عندها في عهد رئيس الوزراء السابق يهود اولمرت "صدمة كبيرة للشعب الفلسطيني وفصائله على اعتبار أن ذلك بمثابة انتحار سياسي".

ويكون بذلك أثمرت جهود وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" بتخلي رئيس السلطة محمود عباس، عن شروطه للعودة إلى المفاوضات والتي كان من ضمنها وقف الاستيطان وبدء التفاوض على أساس حدود الـ67.

ووصف رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، استئناف مفاوضات التسوية بالأمر "الحيوي" بالنسبة للمصلحة الإستراتيجية لـ(إسرائيل)، وذلك بعد أن أعلن وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري" أن السلطة وافقت على العودة للمفاوضات المباشرة الأسبوع القادم بواشنطن، علماً أن هذه المفاوضات كانت قد انهارت أواخر عام 2010 بسبب مواصلة (إسرائيل) لمخططاتها الاستيطانية في القدس والضفة الغربية.

مجرد تمنيات

ويرى غسان الشكعة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في حديث كيري عن بدء المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني و(الإسرائيلي) مجرد "تمنيات"، زاعماً أنه لغاية اللحظة ليس هناك قرار لدى "قيادة السلطة" بالعودة إلى المفاوضات.

وأوضح الشكعة لـ"الرسالة نت" أن ما جري هو مجرد حوارات وجدالات تمخضت عنها اجتماع مقرر بين وزيرة العدل (الإسرائيلية) تسيبي ليفني، وما يسمى كبير المفاوضين صائب عريقات، في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة أسبوع أو عشرة أيام على أن يعود الأخير لـ"القيادة الفلسطينية" يشرح ما تم بشأنه الحوار، لافتاً إلى أنه ربما يكتمل ما وصفه "المشوار" إما بالتوافق أو عدم التوافق أو مزيد من المشاورات، علماً أن الباب سيبقى مفتوحاً في هذا المضمار، وفق تعبيره.

وذكر الشكعة لـ"الرسالة نت" أنه ليست هناك-حتى اللحظة- أية ضمانات مكتوبة للسير في هذه المفاوضات، ولكن هناك وعود شخصية من كيري بالتفاوض على حدود 67، في حين أنه لا وعودات من الأخير بوقف الاستيطان وبناء المستوطنات .

بيد أن وزير الجيش (الإسرائيلي) موشيه يعلون، أكد أن (إسرائيل) أصرت على موقفها بالذهاب للمفاوضات مجدداً دون شروط مسبقة وقد أبلغت كيري بذلك، مؤكداً في تصريحات نقلتها "يديعوت أحرونوت" العبرية، رفضهم كل الشروط المسبقة بما فيها المطالب الفلسطينية بشأن حدود 67 وتجميد البناء في المستوطنات والإفراج عن السجناء.

"

الشكعة: لغاية اللحظة ليس هناك قرار بالعودة للمفاوضات

"

وحول التبريريات التي يمكن أن تسوقها السلطة للدخول في مفاوضات جديدة مع الاحتلال في ظل الرفض الشعبي والفصائلي الواسع أعاد الشكعة نفي وجود قرار على مستوى قيادي فلسطيني للبدء بالمفاوضات!.

وعبر الشكعة عن وجهة نظره الشخصية بأنه ليس مع الذهاب للمفاوضات في ظل المعطيات الموجودة الآن، ولكنه لم يجزم أنه سيبقى على موقفه إذا تغيرت المعطيات، والمتمثلة بوقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى والتفاوض ضمن جدول زمني محدد.

تفرد بالقرار

من ناحيته، اعتبر يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء، حديث كيري عن أنه وضع الأساس اللازم لاستعادة المفاوضات " دقيقاً ولا يناور فيه إعلامياً"، مشيراً إلى أن رئيس السلطة يتخذ في هذه الحالة قراراً منفرداً يخالف فيه الإرادة الشعبية بشكل عام والمواقف السياسية الواضحة للقوى الوطنية والإسلامية بما فيها فصائل منظمة التحرير، عدا مجموعة قليلة من قيادات فتح التي تسانده في التفرد بالقرار الفلسطيني.

 وقلل رزقة في حديثه لـ"الرسالة" من فرص نجاح اجتماعات عريقات وليفني في واشنطن، مستنداً إلى كشفته قناة "الجزيرة" في أوراقها ضمن مسلسل كشف المستور عن العلاقات والمفاوضات السرية التي جرت سابقاً بين عريقات وليفني دون تحقيق شئ، وأضاف "بذلك تكون عادت حليمة إلى عادتها القديمة متاجرةً بالمشروع الوطني الفلسطيني لحساب الكيان الصهيوني"، وفق تعبيره.

"

رزقة: عادت السلطة للمتاجرة بالمشروع الوطني لحساب (إسرائيل)

"

وشدد على أن موافقة عباس على الدخول في مفاوضات جديدة يعتبر "ردة عن الإرادة الشعبية، ولا يحمل تفويضاً شعبياً، كما أن جميع القوى والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني ترفض هذه العودة"، مؤكداً أنها " عودة تمثل حالة من حالات التنازل الإضافية التي يقدمها المفاوض الفلسطيني الذي كان يصر في يوم من الأيام على ألا يعود للمفاوضات قبل الحصول على شرطين أساسيين هما مرجعية حدود 67 وتجميد الاستيطان".

ولفت رزقة إلى أن المواقف (الإسرائيلية) من هذين الشرطين -حدود 67 والاستيطان- كانت واضحة بالرفض، منبهاً أن كل ما حصل عليه الجانب الفلسطيني ربما هو الإفراج عن بعض المعتقلين من قبل أوسلو وفق الرؤية والمعايير (الإسرائيلية) والحصول على وعود مادية لانعاش الاقتصاد الفلسطيني قد تتحقق هذه الوعود وقد لا تتحقق.

 ويرى رزقة أن الإدارة الأمريكية تحاول دائماً اللعب على الوتر الذي يحقق المصلحة لـ(إسرائيل)، منوهاً إلى أن نجاح كيري في هذه المرحلة يعود لسببين أساسيين الأول غياب الإرادة الوطنية عند المفاوض الفلسطيني وإحساسه بالضعف المستمر وخوفه من المستقبل الذي ينتظر مشروع التسوية الفاشل.

"

مهنا: الإدارة الأمريكية غير مؤتمنة ومنحازة وتجربة أوسلو واضحة

"

 والسبب الثاني -وفق رزقة- هو حالة الارتباك الكبيرة التي تسود المنطقة العربية بعد أحداث مصر وتأخر الثورة السورية في انجاز أعمالها وارتباك المشهد الفلسطيني وانتقال هذا الارتباك إلى الساحة العربية وخاصة في الخليج العربي والقوى الفاعلة فيه.

وأضاف: هذا المشهد المختلف أعطى فرصة لكيري ليحقق الاتزان الذي يريده وأن يأخذ دعماً عربياً بعد أن اجتمع بـ11وزيراً من الدول العربية للحصول على دعمهم بتأييد عودة منظمة التحرير إلى المفاوضات.

وذكر رزقة بأن الكاسب الوحيد هو كيري الذي أضاف إلى سيرته الذاتية نقاطا في قدرته على الإدارة السياسية في مناطق النزاعات، فهي مكسب شخصي يمكن أن يفتخر فيه في الساحة الأوروبية والأمريكية والإسرائيلية، أما الخاسر الأكبر في هذه العودة المحتملة والتي تبدو مؤكدة هو الجانب الفلسطيني، على حد قوله.

انتحار سياسي

ولا يختلف رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية عمن سبقه في الرأي، مشيراً إلى أن كل ما رشح من معلومات وتصريحات على لسان كيري وغيره يؤكد أن السلطة تتجه نحو العودة للمفاوضات، واصفا ذلك بأنه "انتحار سياسي".

"

عزام: مسيرة التسوية تفتقد إلى الأفق السياسي الواضح

"

كما قلل في حديثه لـ"الرسالة نت" من قيمة الرسائل الأمريكية المطمئنة للجانب الفلسطيني لدفعه للمفاوضات، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية غير مؤتمنة على المفاوضات وتنحاز دائماً لـ(إسرائيل) وتجربة أوسلو واضحة في هذا المجال.

وقال مهنا "ارتأينا أن نُقلع عن خط التفاوض مع (إسرائيل) برعاية أمريكية(..) نذكر عباس بقرار المجلس المركزي للمنظمة أنه لا عودة للمفاوضات إلا بشرطين هما مرجعية واضحة لحدود67 ووقف الاستيطان، ورغم أننا لم نوافق على هذه الشروط لكن عباس لم يلتزم بها أيضاً".

وفي السياق، قد أكد نافذ عزام القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إن ما يجري الحديث عنه اليوم من توصل إلى تفاهمات تجمع الطرفين الفلسطيني و(الإسرائيلي) على طاولة التفاوض ما هو إلا محاولة للتضليل والتمويه على حقيقة المعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني.

وحذر عزام السلطة برام الله من خطورة الانصياع للضغط العالمي والعودة لمربع المفاوضات العبثية، مؤكداً أن مسيرة التسوية تفتقد إلى الأفق السياسي الواضح، ولا تقدم للشعب الفلسطيني سوى مزيد من القتل والتشريد والدمار.

وما بين النفي والتأكيد والتصريح والامتناع عن التعليق من قبل قادة فتح والسلطة من جانب، وبين فرض قيود على وزراء الحكومة (الإسرائيلية) بعدم التصريح حول المفاوضات من جانب آخر، فإن الشيء المؤكد هو ما أعلنه كيري بالتوصل إلى أساس لاستئناف المفاوضات.

اخبار ذات صلة