مقال: المفاوضات والشرق الأوسط الجديد

 إبراهيم المدهون
إبراهيم المدهون

بقلم: إبراهيم المدهون

أعلن مسؤول أميركي أن وزير الخارجية جون كيري يضع اللمسات الأخيرة على فريقه الذي سيشرف على مفاوضات السلام في الشرق الأوسط ويتعامل مع أعبائها يوما بيوم، كما أعلن كيري التوصل إلى اتفاق على مبادئ استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين)

 في حقيقة الأمر لا يوجد مفاوضات بالمعنى الحقيقي للكلمة، وإنما هي حالة إعلامية صاخبة تهدف لتهيئة الرأي العام العالمي بوجود حراك سياسي في الملف الفلسطيني، ولخداع الشارعين العربي والفلسطيني بأفق للتسوية، ولإيهام الناظر بوجود ضوء في نهاية نفقها المظلم.

 الحكومة (الإسرائيلية) تسير برؤية واضحة في المشروع السياسي وفق برنامج محدد، وتستثمر الجلبة الإعلامية نحو استئناف المفاوضات لاستكمال مشاريع تهويد الضفة الغربية والمدينة المقدسة، فالإعلان عن المفاوضات يستغل (إسرائيليا) لشرعنة المشاريع التهويدية في الضفة.

 الرئيس عباس يدرك أن المفاوضات مع الاحتلال بلا نتيجة، ومع هذا يصر أن يمضي قدما مع كيري، لما يعتقده بأن مبرر وجوده في السلطة ارتبط بالتسوية، بعد أن صفت سلطة المقاطعة لكيان فارغ المضمون سياسيا، وتحولت مع الزمن لكنتونات أمنية وظيفتها التنسيق مع الاحتلال.

 فمنذ كامب ديفيد عام 2000 والعملية التفاوضية تدور في حلقة مفرغة، ولا تنتج إلا الفشل، وأصبحت تستخدم كمخدر للشعب الفلسطيني ولتمرير المزيد من المشاريع الأمريكية في المنطقة.

 الواقع الفلسطيني غير مهيأ لإجراء المفاوضات في ظل تعطيل ملف المصالحة، ومحاربة المقاومة في الضفة الغربية، ومع هذا الانقسام السياسي والجغرافي وانهيار المؤسسات الفاعلة كالمنظمة والمجلس التشريعي، لهذا لا يملك الرئيس أبو مازن الانفراد بإجراء المفاوضات باسم الشعب الفلسطيني وتوقيع أي اتفاق.

 نحن أمام مشروع خطير يحمل بذور تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية، ويقوم على تنازل أبو مازن عن معظم أراضي الضفة الغربية لصالح المستوطنات، وفي الوقت نفسه تتخلص حكومة الاحتلال من عبء السكان العرب، وتضمن ترتيبات أمنية جديدة لحماية وجود الكيان الصهيوني.

ما يدور من حراك أمريكي نشط وفعال، مرتبط بترتيب المنطقة، وفق خطة الإدارة الأمريكية في إحداث شرق أوسط جديد، تكون فيه (الدولة اليهودية) عنصر طبيعي من مكوناته الإقليمية، لتلعب دورا مركزيا في إدارته والسيطرة عليه.

البث المباشر