عند الحديث عن نزاع على كرسي، فإن أول ما سيتبادر إلى ذهنك ذلك الخاص برئيس أو حاكم له معارضين، إلا أن المفهوم يتغير فورًا مع الحديث عن اقتراب حلول العيد حيث يتصدر "كرسي الحلاق" الموقف.
ولا مبالغة في مقارنة كرسي الحلاقة بكرسي الرئاسة، لا سيما أن الصالونات تشهد نزاعًا ومشادات كلامية، قد تصل إلى حد التطاول باليدين بين الزبائن الذين يتسارعون لحجز مقعدهم عشية العيد.
النزاع على الكرسي –إن صحّت التسمية- تشهده صالونات الحلاقة الخاصة بالرجال، في موسمين خلال العام الواحد؛ الأول مع حلول عيد الفطر، والثاني قبيل عيد الأضحى
فادي علي حسن صاحب صالون حلاقة يلجأ إلى إغلاق هاتفه المحمول قبل أيام من اقتراب حلول العيد؛ لتجنب الوقوع في احراج مع أصدقائه وأقاربه الذين يتصلون به للظفر بحجز الكرسي.
ويقول لـمراسل "الرسالة نت"، إن اليومين الذين يسبقان العيد يكونا بمثابة فرصة لوقوع مشكلة بين أي زبونين جاءا إلى صالونه، واختلفا على أحقية أحدهم بالجلوس على الكرسي قبل الآخر.
"وقت الذروة" -وفق ما يسميه فادي- هو أقل مصطلح يمكن إطلاقه على الوقت الذي تتكدس به صالونات الحلاقة بالزبائن عن بكرة أبيها، مما يضطره إلى فتح المجال أمام الناس للجلوس خارج الصالون.
ويهرب الحلّاق فادي من إمكانية حدوث مشكلة بين الزبائن، عن طريق الاستعانة بأحد أصدقائه الذي يتمتع بخفة الظل وروح النكتة، ليكون مادة للترفيه عن الزبائن الذين ينظرون منذ ساعات.
ويتعمد المواطنون في غزة –خاصة فئة الشباب- التأخر في الذهاب إلى الحلاق، ويجعلوه المحطة الأخيرة من محطات التجهيز للعيد بعد شراء الملابس، ويتوجهون إليه في ساعة متأخرة من ليلة العيد.
ويؤكد الشاب وسيم كريزم -صاحب صالون حلاقة- أنه يضحي براحته التي لا ينعم بها على مدار يومين متتاليين، حتى ساعة العصر من أول أيام العيد، إذ يسعى إلى الاستمرار في إرضاء زبائنه؛ لتجنّب حدوث مشاكل بينهم.
ويضحّي كريزم براحته التي لا ينعم بها على مدار يومين متتاليين، مقابل إرضاء زبائنه من جهة وتجنّب حدوث مشكلة بينهم من جهة أخرى، ويستمر في ذلك حتى ساعة الظهيرة من أول أيام العيد.
ويتبع كريزم كغيره من الحلّاقين في قطاع غزة طريقة الحجز عبر السجل، من خلال تسجيل الاسماء وإعطاء كل زبون رقم خاص به، لضمان الترتيب وعدم حدوث مشاكل بين الزبائن.
حلّاق الواسطة
إمكانية الظفر بالجلوس على كرسي الحلاقة لا يمكن أن تأتي بسهولة، إلا إذا كنت صاحب واسطة قوية مقرّبة إلى الحلّاق، وتلك الطريقة التي استعان بها الشاب محمد أبو ضلفة.
وليس غريبًا أن تكون إحدى أمنيات الشاب أبو ضلفة، هي الحلاقة خلال موسم العيد دون الانتظار كثيرًا عند الحلّاق، لساعات ربما تمتد إلى الساعات الأولى من يوم العيد الأول.
أمنية محمد استدعت تدخل صديقه نور الدين الذي هو على علاقة أكثر من ممتازة مع جارهم الحلاق، واتصل به لحجز موعد يتمكن من خلاله قص شعره بتجاوز غيره من الناس دون انتظار.
ويقول نور الدين لـ "الرسالة نت"، "لولا علاقتي القوية بالحلاق، لجلست كما غيري أنتظر دوري للجلوس على الكرسي، خاصة في موسم العيد، إلا أنني لا أحلق شعري بسرعة دون انتظار".
ويمثل الذهاب إلى الحلّاق أحد أهم الطقوس التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة، مع اقتراب حلول العيد.