قائمة الموقع

تشومسكي يكتب عن المفاوضات: متشائم !

2013-08-19T05:43:31+03:00
مفاوضات السلطة مع اسرائيل(أرشيف)
واشنطن- الرسالة نت

(نعوم تشومسكي هو أستاذ لسانيات وفيلسوف أميركي ومؤلف أكثر من 100 كتاب)

تدور مفاوضات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية ضمن إطار افتراضات جديرة بالتفكير المتأني.

واحد من الافتراضات يطرح خيارين: إما حل دولتين، أو "التحول إلى محصلة تبدو قريبة من أن تصبح لا مفر منها بحكم الأمر الواقع أي دولة من النهر إلى البحر" وهي محصلة تجر وراءها "على الفور تهديد وجود هوية إسرائيل باعتبارها دولة يهودية ديمقراطية" بسبب ما يصطلح على تسميته "المشكل الديمغرافي" الذي يلعب لصالح الفلسطينيين.

وأكثر من عبّر عن خطورة هذا الخيار هو رئيس جهاز الشاباك الأسبق يوفال ديسكين. ودعونا نقول إنه بالمقاييس الكونية في العلوم السياسية والتحليلات فإنّ أصول الافتراضات واضحة.

هذه الافتراضات التي تحدثنا عنها منقوصة بشكل لا لبس فيه، وهذا ما يجرنا إلى خيار ثالث يبدو الأكثر واقعية: ستستمر إسرائيل في سياستها الحالية بدعم اقتصادي وعسكري ودبلوماسي كامل من الولايات المتحدة ممهور ببعض الجمل التي تشير إلى خلافات.

فالسياسات واضحة وجذورها تعود إلى حرب 1967 واستمر العمل بها منذ ذلك التاريخ مع التزام أكبر منذ توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993.

لقد عرفت تلك الاتفاقات كلا من الضفة الغربية وغزة بكونهما "كيان من الأرض لا يتجزأ" ثم تحركت كل من إسرائيل والولايات المتحدة  لفصلهما وهو ما يعني أن أي سلطة حكم ذاتي يفوز بها الفلسطينيون في الضفة الغربية لن يكون لها أي منفذ مباشر على العالم الخارجي.

والخطوة اللاحقة هي الاستمرار في خلق "قدس أكبر" يتم توسيعها بشكل كبير ودمجها مع إسرائيل لتكون عاصمتها، في انتهاك واضح ومباشر لقرارات مجلس الأمن كما أنه ضربة قاصمة لأي أمل في كيان فلسطيني قابل للحياة.

ومن غير الممكن أن لا يضمّ الممر إلى الجزء الشرقي من "القدس الأكبر" مستوطنة معاليه أدوميم التي أنشئت في عقد السبعينيات من القرن الماضي ولكنها بنيت بعد اتفاقات أوسلو وهي موجودة في محافظة القدس وتمنع تواصل جنوب وشمال الضفة الغربية.

أما الممرات إلى الشمال فتشمل مستوطنات أخرى تقسم ما تبقى تحت سيطرة الفلسطينيين بدرجات متفاوتة والذي يشبه كيانات "بانتوستان" وفقا لتعبير مهندس الاستيطان أرييل شارون، في إشارة إلى أراضي السود أثناء فترة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

في الأثناء، تستمر إسرائيل في دمج الأراضي في الجزء الإسرائيلي من "الجدار العازل" لتضم في طريقها موارد مائية وأراض وقرى فلسطينية وقاطعة الضفة الغربية.

من ضمن تلك الأراضي، مستوطنات "ستبقى جزءا من إسرائيل في أي اتفاق سلام مستقبلي" وفقا لتأكيد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية مارك ريجيف.

وقالت محكمة العدل الدولية إن جميع ذلك غير قانوني كما قرر مجلس الأمن الدولي أن جميع تلك المستوطنات غير قانونية.

وفي الأعوام الأولى شاركت الولايات المتحدة المواقف الدولية لكنها تراجعت عن ذلك إبان رئاسة رونالد ريغن معتبرة تلك الإجراءات "ضارة بالسلام" ثمّ اعتبرتها مع باراك أوباما "غير مساعدة على السلام."

كما تقوم إسرائيل بإخلاء "نهر الأردن" من الفلسطينيين وإنشاء المستوطنات اليهودية وغلق الآبار والتمهيد لضم مفترض للمنطقة إلى إسرائيل.

من شأن كل هذا أن يكمل عزل أي كيان فلسطيني في الضفة الغربية، وفي الأثناء ستسمح مشاريع البنية التحتية العملاقة في الضفة العربية، والتي سيمنع الفلسطينيون منها، بدمجها مع إسرائيل على أمل ضمنها لاحقا.

ومن المفترض أن تكون جميع المناطق التي تستولي عليها إسرائيل خالية من العرب ولن يكون هناك "من جديد" مشكل ديمغرافي أو حقوق مدنية أو منظمات مناوئة للفصل العنصري، على خلاف ما قد يراهن عليه الفلسطينيون في حال تأكد أنه لا مناص من دولة واحدة.

ومع إعادة فتح مسلسل المفاوضات، قالت إسرائيل بوضوح أنّها ماضية في الاستيطان في القدس الشرقية وأنها بصدد التوسع في "لائحة أولوياتها الوطنية" فيما يتعلق بمشاريع الاستيطان التي تشملها سياسة الدعم الحكومي الخاص من أجل التشجيع على بناء المستعمرات اليهودية.

كما أن الرئيس باراك أوباما أعلن عن نواياه وذلك بتعيين مارتن إنديك، المعروف بعمله إلى جانب اللوبي الإسرائيلي، والمقرب من مستشار الرئيس دنيس روس المعروف بتشديده على كون "حاجات إسرائيل" تبدو أكثر "من رغبات الفلسطينيين."

إن من شأن هذه المعطيات أن تسقط المقولة السائدة بكون الفلسطينيين يتهربون من التفاوض عبر فرضهم شروطا مسبقة.

ففي الواقع فإنّ الولايات المتحدة وإسرائيل هما من يفرضان شروطا مسبقة حاسمة، ومن ضمنها أن المسار ينبغي أن يظل بيد الولايات المتحدة التي تعد أحد المساهمين الفاعلين في الخلاف بدعم إسرائيل، وليست "وسيطا نزيها."

ومن ضمن تلك الشروط المسبقة أيضا أن أنشطة الاستيطان الإسرائيلية ينبغي أن يسمح لها بالاستمرار.

لقد كان هناك توافق دولي يدعم حل "دولتين على الحدود المعترف بها دوليا" مع احتمال "تعديلات بسيطة أو متوافق عليها" على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1947.

ومن ضمن المرحبين بذلك التوافق الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بما فيها إيران، غير أن الولايات المتحدة وإسرائيل رفضتا ذلك التوافق عام 1976 عندما استخدمت واشنطن الفيتو أمام مجلس الأمن إزاء مشروع قرار قدمته مصر والأردن وسوريا.

والآن مازال الرفض مستمرا ففي فبراير/شباط 2012، استخدمت واشنطن الفيتو ضد مشروع قرار يتعلق بالاستيطان غير القانوني.

وبعد كل ذلك، يبدو السؤال مضحكا حول السبب الذي يقف وراء التشاؤم الماثل في المنطقة فيما يتعلق بوقوف واشنطن وراء إعادة إحياء مفاوضات السلام.

CNN

 

اخبار ذات صلة
مقال: أبو تيسير متشائم
2014-05-01T04:27:45+03:00