أحسن رئيس الوزراء اسماعيل هنية بدعوته لتوسيع رقعة المشاركة في ادارة قطاع غزة الى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية ، وإن كنت أختلف معه في توقيت الدعوة لأن المعنيين بالدعوة سيفسرونها على غير ما أراد ويقصد !!.
الدعوة ليست جديدة فما أن حققت حماس فوزها الساحق بالانتخابات التشريعية حتى شرعت بحوارات ولقاءات مع فصائل سياسية وشخصيات اعتبارية للمشاركة في حكومة واحدة ، لكنهم جميعا اعتذروا بحجج واهية لا تقنع أحدا .
يدرك المتابع حسابات الفصائل الفلسطينية الخاصة بقضايا تمويلها وتحالفاتها السياسية المحلية وعلاقاتها الاقليمية والدولية والتي كثيرا ما تطغى على الحسابات والمصالح الوطنية.
خاضت قيادة حماس حوارات مضنية مع كل الفصائل للمشاركة بالحكومة لكن موقفهم غير المعلن كان " اتركوهم ليغرقوا ... أيام أو شهور وسيأتوننا راكعين " .
شخصيات أخرى من المنتسبين الى مؤسسات المجتمع المدني و العمل الاهلي لهم أيضا حساباتهم وعلاقاتهم وتمويل مؤسساتهم التي لا يريدون خسارتها لذلك لم يتعاونوا أيضا مع حماس.
وقدمت حماس تنازلات كبيرة في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية من أجل انطلاق القطار الفلسطيني دون جدوى فالمصالح عند الأطراف الأخرى أكبر من كل ما عرض عليهم .
هذا كان قبل الانقسام الذي لم يفعل أحد من الفصائل أو غيرها شيئا عمليا لايقافه حتى وقعت الواقعة ، فأصبح ديدنهم أننا لانريد المشاركة لأن في هذا تعزيز للانقسام بينما مشاركة بعضهم في حكومة رام الله غير الشرعية لم يكن تعزيزا للانقسام !!.
ودعونا نمر سريعا على الموقف من الدعوة فقد قال القيادي المفصول من فتح محمد دحلان أن دعوة هنية الجديدة تهدف لتحميل الآخرين أوزار وأخطاء حماس ، ويؤشر لحالة من العزلة ، وقال أمين مقبول (فتح) ان العرض جاء متأخرا وحماس فقدت طوق النجاة ، أما صالح زيدان (الجبهة الديمقراطية) قال ان المشاركة لن تحل الازمة ، وبينما تحفظ أحمد المدلل (الجهاد الاسلامي) على الدعوة فضل آخرون الصمت .
ربما أفضل الردود جاءت من الجبهة الشعبية بالترحيب من د.رباح مهنا واعتبرها مدخلا للوحدة الوطنية بيد أن جميل المجدلاوي استدرك على تصريح مهنا و قال " دعوة مهمة لكنها بحاجة لاطار سياسي ناظم " .
ردود الفعل توضح ما قصدته عندما قلت أختلف مع هنية في توقيت الدعوة ،فالبعض انطلق من تقييمه للدعوة على اعتبار أن هنية أطلقها من موقف أزمة ضعف وبيئة حصار ، والمحصلة النهائية للمواقف هي الرفض وإن كان بعضها بطرق ملتوية !! .
كنت أتمنى أن أرى فصائل وشخصيات تتحدث بوعي وعمق وطني وتناقش الفكرة وتحاصر حماس بالرأي والمنطق والمصلحة الوطنية ، وايجابيات وسلبيات الفكرة بلغة المصلحة العامة ، وأن يطالبوا بمواقف مماثلة من حكومة رام الله لكنهم في الغالب كانوا عدميين وألقوا بالدعوة وراء ظهورهم !! .
ورغم ذلك فان هنية بتقديري أحرج الفرقاء على الساحة الفلسطينية ، ومعهم المزاودين والمتذاكين والمتهمين حماس بالتفرد ، فهم يا سيدي لا يريدون الوقوف معك أو مساعدتك حتى لو كان المقصود أن يقفوا الى جانب وطنهم فهذا ليس من أولوياتهم وفكرة الشراكة الوطنية يبدو أنها عند البعض ضرب من الخيال ، فالسبب الرئيس للانقسام هو عدم ايمان ورفض الشراكة معكم بعد فوزكم بالانتخابات .
خلال حديث مع أحد الكتاب اليساريين قال لي بالحرف الواحد " بالنسبة لنا نار فتح ولا جنة حماس " ، وهو بذلك يختصر النقاش لكل ما يدور ، فهم يريدون الاسلاميين ديكور لبرلمان أو حكومة لا أكثر " ربما من أجل التنطع أن لدينا ديمقراطية فلسطينية أما مصلحة الوطن و المواطن فهم عنها بعيد.