التعذيب الممنهج..سجل أسود يطارد "سلطة فتح"

قوات السلطة تعتدي على أحد الشبان بالضفة (الأرشيف)
قوات السلطة تعتدي على أحد الشبان بالضفة (الأرشيف)

الرسالة نت- فايز الشيخ

تعلو الأصوات الداعية إلى وقف "التعذيب الممنهج" في سجون أجهزة سلطة فتح في الضفة الغربية، وذلك بعد السجل الأسود لمسلسل طويل ومتواصل من عمليات القتل والتعذيب والإهانة بحق مئات المواطنين الفلسطينيين.

العديد من المعتقلين الذي يتم اعتقالهم بسبب انتماءاتهم السياسية يوميا في الضفة المحتلة، قضوا نتيجة التعذيب الوحشي الذي تمارسه أجهزة فتح في الضفة، التي لا تراعي أدنى حقوق الموقوفين الإنسانية، وتضرب بعرض الحائط القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل حق الإنسان في الحياة وتحرم تعذيب المعتقلين.

التعذيب "المنهجي"

وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، أن ما وصفته التعذيب "المنهجي" في سجون سلطة فتح برام الله لم يتوقف، وأن أجهزة أمن السلطة تتوقف عن استخدامه على نطاق واسع وفقاً لظروف معينة ثم تعود لاستخدامه مرة أخرى.

ودعت المنظمة العربية في تقرير صدر عنها الخميس 22/8 دول الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة إلى التدخّل فوراً وإنقاذ حياة المعتقلين الذين يتم تعذيبهم في هذه اللحظات في سجون السلطة ولا سيما سجن أريحا.

"

قادة فتح والسلطة رفضوا التعقيب على التقرير الدولي

"

وقالت المنظمة أنّها علمت من مصادر موثوقة أن سجن أريحا في الضفة الغربية المحتلة يشهد عمليات تعذيب وحشية، ناقلة وصف المصادر بأن المعتقلين يعلّقون في أسقف الغرف ويشبحون لساعات طويلة، وأن أصوات صراخهم تسمع في كل أنحاء السجن.

يذكر أن الأجهزة الأمنية في رام الله اعتقلت -السبت الماضي- عشرة من عناصر حركة حماس واستدعت عشرات آخرين معظمهم من طلبة الجامعات والأسرى المحررين، بينهم شقيقة شهيد في الخليل.

مؤشرات تصعيد خطيرة

وفي حين رفض عدد من قادة حركة فتح والسلطة برام الله، التعقيب لـ"الرسالة" على ما ورد في التقرير ووصفه بعضهم بالمفبرك، فإن النائب فتحي قرعاوي والقيادي في حركة حماس، يؤكد بأن الوضع في الضفة الغربية غير مستقر إلى حد يمكن وصفه بالمحتقن جداً، مشيراً إلى ارتفاع وتيرة حملات المداهمة والاعتقال إلى أشدها بعد أحداث مصر.

واعتبر قرعاوي في حديث لـ"الرسالة" أن ما ذكرته المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا حول التعذيب في سجون السلطة "غيض من فيض مما يذكره ذوو المعتقلين"، مؤكداً أن هناك مؤشرات تصعيد خطيرة حول القمع والتنكيل بحق المعارضين تسير بالمجتمع الفلسطيني نحو المجهول وتنذر بأمور لا تحمد عقباها.

يُشار إلى أن عدد الذين قضوا على يد جهاز "المخابرات العامة" بلغ 10 حالات، وفي سجون "الأمن الوقائي" 8 حالات، مقابل 6 حالات قضت على يد جهاز "الاستخبارات العسكرية"، وتقاسمت بقية الأجهزة ما بين "الشرطة" و"البحرية" و"الحرس الرئاسي" بقية الوفيات.

"

قرعاوي: تتعدد أشكال التعذيب وأماكنه والمؤشرات تتصاعد

"

وتوقع قرعاوي أن تخرج السلطة لنفي ما ورد في تقرير المنظمة العربية والتذرع بأنها قادرة على إثبات عكس ذلك من خلال السماح للمؤسسات الحقوقية بزيارة أقبية التحقيق والسجون، مؤكداً أن التعذيب الذي تمارسه أجهزة السلطة تتعدد أشكاله وأماكنه، فمنها ما هو داخل السجون ومنها ما هو خارجها.

ولفت إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة، وصلت إلى حد مداهمة أحد المحلات في الضفة لمصادرة ما يسمى "عطر مرسي"، علاوة على مواصلة الاعتقالات الاحتياطية لأيام وأسابيع تنتهي بافراجات دون توجيه أي تهم.

ووفق تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، فإن حملة الاعتقالات الواسعة التي تشنها أجهزة أمن السلطة بحق معارضيها في الضفة تقوم بفتح ملفات قديمة والتحقيق مع المعتقلين وتعذيبهم بناء عليها، ودون إبداء أسباب للاعتقال مجدداً أو إصدار أي مذكرة قانونية.

دور التشريعي "معطل"

وعبر قرعاوي عن أسفه لتعطيل عمل المجلس التشريعي بقرار مشترك بين الاحتلال (الإسرائيلي) والسلطة برام الله، لافتاً إلى أن 14 نائباً مازالوا مغيبين في سجون الاحتلال.

ولا يختلف النائب المستقل حسن خريشة عمن سبقه، وأكد ممارسة التعذيب في سجون السلطة برام الله دون حسيب ولا رقيب بسبب تعطيل عمل ودور المجلس التشريعي، منوهاً إلى أن بعض المؤسسات الفلسطينية الأخرى المنوط بها مثل هذا الدور غير موجودة حتى هذه اللحظة، وأن الموجود هم أفراد يحكمون المجتمع الفلسطيني يعتقدون أنه لا ضرورة للمجلس التشريعي في ظل هذه العسكرة.

"

خريشة: أين دور فصائل المنظمة في ظل تعطل التشريعي؟

"

وذكر أن هذه المؤسسات تغض الطرف عن انتهاكات السلطة ولا تأتي على ذكر التعذيب في سجون الأجهزة الأمنية، في حين تجدها تتحدث عن الديمقراطية والحرية والمرأة بما يحقق أجندة مموليها فقط.

ويؤكد النائب المستقل استمرار التعذيب في سجون السلطة بالرغم من قرار رئيس السلطة لأجهزته الأمنية بوقفه، مشيراً إلى أن الأخيرة شابت على هذا النوع من التعامل مع الفلسطينيين وتتجه بالمجتمع إلى "العسكرة".

وذكر خريشة أن السلطة تمارس قمع المسيرات المعبرة عن الحريات العامة، مؤكداً أن هذا مخالف للقانون الأساسي الذي يكفل حرية الرأي والتعبير.

وكانت المنظمة العربية في بريطانيا ذكرت في تقريرها، أن أجهزة أمن سلطة فتح شنت حملة اعتقالات عشوائية واختطاف من الشوارع عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة في مصر، واصفة المشهد بالانتهاكات التي جرت عام 2007 بعد الانقسام .

التقرير "سياسي"

بدورها، ناشدت عائلة كنعان الجهات الحقوقية والإعلامية التدخل للإفراج عنه، بعد الأنباء التي تواترت عن تعرضه للتعذيب والشبح في سجن أريحا، وشتات حاصل على شهادة الماجستير في الشريعة الاسلامية، ومتزوج ولديه 4 أطفال، واعتقل عدة مرات لدى أجهزة السلطة وتعرض خلالها للتعذيب الشديد.

من ناحيته، قلل راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، من قيمة التقرير الحقوقي والجهة التي أصدرته، معتبراً أنها منظمة "مفصولة" تعمل في السياسة لصالح قناة الجزيرة الفضائية.

ورفض الصوراني التعليق لـ"الرسالة" على ما ورد في التقرير حول "التعذيب الممنهج في سجون السلطة"، على اعتبار أن التي أصدرته منظمة لا تتمتع بالمصداقية، داعياً للرجوع إلى تقارير المؤسسات الحقوقية الفلسطينية لرؤية ما يتم رصده ونشره حول هذا الموضوع بالتحديد، وأضاف "هناك انتقائية في الطرح ونحن لا نخاف من السلطة في رام الله ولا في غزة"، وفق تعبيره.

"

الصوراني: هناك انتقائية في الطرح ولا نخاف من السلطتين

"

يذكر أن النائب العام الفلسطيني في غزة إسماعيل جبر، أكد -في تصريحات حديثة- على الحريات العامة والخاصة وحقوق المواطنين والمساواة أمام الجميع في التقاضي ورفض التعذيب، مشيراً إلى أن الأبواب مشرعة لاستقبال الشكاوي والتظلمات من الأفراد والمؤسسات الحقوقية على إجراءاتها.

إحصاءات سابقة

ولعل ما يزيد عن ثلاثين حالة وفاة وقعت في سجون سلطة أوسلو منذ تشكيلها كان آخرها جريمة قتل المواطن الحاج "سعدي السخل" قبل نحو ثلاثة أشهر، وفي سنة 1994، توفي الشاب فريد أبو جربوع، فيما بلغ عدد الوفيات في سجون السلطة في سنة 1995 ست حالات.

وفي سنة 1996، بلغ عدد الوفيات في السجون أربع حالات، والوفيات في سنة 1997، إلى سبع. أما في سنتي 1998 و1999، فقد بلغ عدد الوفيات في سجون السلطة أربع حالات، وبعد سنة 2000 بلغ ثماني حالات، من ضمنها جريمة إعدام الشيح مجد البرغوثي، إمام مسجد بلدة كوبر القريبة من رام الله.

البث المباشر